دارفور.. "قناع" لعدوان غربي جديد على العرب
وحدة الاستماع والمتابعة- إسلام أون لاين.نت/ 3-8-2004
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن العرب يعتبرون الحديث الغربي عن عقوبات دولية ضد الحكومة السودانية ونشر قوات عسكرية في إقليم دارفور غرب السودان بحجة حماية المدنيين هناك.. قناعا لعدوان جديد ضد نظام عربي آخر.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته الثلاثاء 3-8-2004: "إن الأزمة في إقليم دارفور تدق إسفينا جديدا في العلاقات بين العالم العربي من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى".
وأوضحت أنه في الوقت الذي تشكو فيه وسائل الإعلام والسياسيون الغربيون من الموقف السوداني تجاه ما يحدث في دارفور؛ فإن وسائل الإعلام العربية والمثقفين العرب يشككون في النيات الأمريكية والغربية تجاه دولة عربية أخرى (السودان).
وأضافت الصحيفة البريطانية أن الكثير من العرب يؤمنون بأن الحديث عن عقوبات للأمم المتحدة تجاه الخرطوم ونشر قوات عسكرية لحماية المدنيين السودانيين يتم اتخاذه كقناع جديد لعمل هجومي جديد ضد نظام عربي آخر.
"السودان التالي"
ونوهت إلى عبارة نشرت في افتتاحية لصحيفة الأهرام القومية المصرية تقول: "السودان التالي"، في إشارة إلى أن النظام السوداني هو النظام العربي الثاني المستهدف بعد نظام صدام حسين.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن د.حسن أبو طالب -نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في القاهرة- قوله: "إن فشل الولايات المتحدة في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق غذى الشكوك في مصداقية الغرب ودوافعه الأوسع في منطقة الشرق الأوسط".
وتحدث أبو طالب عن "وجود نزعة عربية تنظر لأي شيء يأتي من قبل واشنطن على أنه كذبة كبرى؛ حتى إن البعض ينتابهم الشك في مصداقية صور الكارثة في دارفور؛ لأنها وصلت إليهم من وسائل إعلام غربية".
وقالت "فايننشال تايمز": إن الحكومات العربية تتخذ موقفا محافظا مما يجري في دارفور، وتدعو إلى ضبط النفس، فيما تحاول الجامعة العربية القيام بدور أكثر فاعلية في قضية دارفور.
وانتقد حسام زكي -المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية- التوجه المتشدد الذي تبديه الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي تجاه الأزمة في دارفور، وتهديدات بريطانيا وأستراليا بنشر قوات عسكرية، قائلا: "إن هاتين الدولتين معاديتان لحكومة الخرطوم، رغم أنها تحرز تقدما بشأن الوضع على الأرض".
ونددت الجامعة بقرار مجلس الأمن الذي صدر يوم 30-7-2004، ودعا الحكومة السودانية للتحرك خلال 30 يوما لنزع سلاح ميلشيا الجنجويد العربية التي يلقي عليها الغرب اللوم في التسبب في أزمة إنسانية في دارفور. وهدد القرار يبحث فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية إذا فشل السودان في تلبية مطالب مجلس الأمن.
وفند أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري يوم 1-8-2004 أدلة الأمم المتحدة حول انتشار الفظاعات في درافور، وقال: "عندما يتحدثون عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أو مذابح أو شيء من هذا القبيل في درافور؛ فأنا لا أعتقد أن الأمر يسير على هذا النحو هناك".
وقت أكبر للدبلوماسية
وتريد مصر والجامعة العربية منح المزيد من الوقت للطرق الدبلوماسية ولمهمة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، واعتبرتا أن قرار الأمم المتحدة يطلب المستحيل من السودان بإصراره على اتخاذ الخرطوم خطوات بنزع سلاح ميلشيا الجنجويد خلال مدة شهر في إقليم أكبر من مساحة العراق. كما اعتبروا أن القرار يخاطر بدعم المتمردين وفتح جبهة أخرى بين القوات الحكومية وميلشيا الجنجويد.
وقال حسام زكي: "ما نريد رؤيته هو تشجيع ودعم المجتمع الدولي للعملية السياسية لحل الأزمة، والتعامل مع جذورها الحقيقية".
وأضاف أن "وجود الحكومة السودانية في هذه العملية برمتها أمر بالغ الأهمية، نعم يجب أن يتم محاسبتها على التعهدات التي قطعتها للأمين العام للأمم المتحدة، لكن يجب ألا تتعرض للتهميش".
وفي اتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان يوم 3-7-2004 وافق الرئيس السوداني عمر حسن البشير على نزع سلاح الجنجويد، وإرسال شرطة إلى دارفور لحماية المدنيين، والبدء في محادثات سياسية مع المتمردين، وتمكين وكالات الإغاثة الدولية من الوصول إلى المنطقة.
غضب شعبي
ورأت "فايننشال تايمز" أن الحكومات العربية تخشى أيضا من حدوث غضب شعبي في حال وقوع تدخل أجنبي آخر في شئون المنطقة.
وقالت الصحيفة: إن العديد من وسائل الإعلام العربية نظرت إلى مصطلح "الإبادة الجماعية" على أنه أداة لتبرير التدخل في شئون السودان والسيطرة على نفطه.
وأكد مسئولون بمنظمات دولية وغربية وعربية في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" وتصريحات صحفية.. أن الأحداث التي يشهدها إقليم دارفور لم تصل إلى مرحلة التطهير العرقي أو الإبادة الجماعية، كما تقول القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة. غير أن هؤلاء المسئولين أجمعوا على أن هناك "مأساة إنسانية" في الإقليم نتيجة النزاع المسلح بين المتمردين والقوات الحكومية منذ أكثر من عام.
الفوضى مستمرة
وحول آخر تطورات الوضع في دارفور أعلن فرنسيس دينج -وهو ممثل للأمين العام للأمم المتحدة في درافور- الإثنين أنه "خلافا للتصريحات الرسمية التي تتحدث عن تحسن الوضع الأمني وعودة النازحين؛ فإن الفوضى ما زالت مستمرة في دارفور".
وأوضحت الأمم المتحدة في بيان أن "ممثل الأمين العام قلق للغاية من المعلومات والأخبار التي تحدثت أخيرا عن استمرار حالات اغتصاب النساء خارج المخيمات".
وأشار دينج إلى أن معظم الأشخاص النازحين أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى منازلهم، ولكنهم يخشون العودة بسبب الفوضى، واستمرار الهجمات التي تشنها ميليشيات الجنجويد.
وأوضح أن عودة الأشخاص النازحين إلى منازلهم لن تكون ممكنة إلا مع تطبيق حق العودة الطوعية ضمن شروط أمنية وبكرامة". ودعا الحكومة السودانية إلى تأمين المعالجة الطبية لضحايا الاغتصاب وإحالة المسئولين عنه إلى القضاء.
وذكر دينج بالاتفاق الموقع بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة حيال حماية الأشخاص النازحين، وبالقرار الذي ينص على نشر 8 مراقبين من حقوق الإنسان في منطقة دارفور.
وكان دينج -وهو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة حول النازحين في بلدهم- قد قام بمهمة في دارفور بدعوة من الحكومة السودانية خلال الفترة ما بين 25 يوليو إلى 1 أغسطس 2004.
واندلع النزاع المسلح في دارفور في فبراير 2003 بين الحكومة السودانية وجماعات متمردة، أبرزها "حركة تحرير السودان"، و"حركة العدالة والمساواة".
وتقول الأمم المتحدة: إن الصراع تسبب في تشريد نحو مليون شخص، بالإضافة إلى سقوط نحو 30 ألف قتيل.
ويتهم متمردو دارفور الحكومة السودانية بإهمال المنطقة، وتسليح مليشيات الجنجويد لمهاجمة القبائل الأفريقية، وتنفي الخرطوم هذه الاتهامات، وتتهم قوات المتمردين بمهاجمة المباني الحكومية، وقتل موظفي الحكومة، وخطف الأطفال، وإجبارهم على القتال ضد القوات الحكومية.
الروابط المفضلة