السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأتُ أحد المقالات في إحدى الصحف التي و الله لا أدري من أين جائتها هذه الجُرأة لكي تنشر مقالاً كهذا .....
أنا هنا لن أذكر اسم الصحيفة و لن أذكر اسم كاتب المقال
حتى يبقى الموضوع طاهراً من الغيبة
و لكن سأذكر لكم عن ماذا يتحدث ذلك الكاتب في مقاله
الذي و الله شعرت بأن الدم يغلي في عروقي و أنا أقرأه
فالكاتب تحدَّث في مقالهِ عن المرأة العربية و حالها
و ذكر لنا نماذج من نساءٍ خرجْن من أطهر بقاع الارض - مكة والمدينة-
ليكُنَّ الوجه الجميل -هذا في نظره - للمرأة العربية بعملها في أعمال ليست لها بل هي من اختصاص الرجال
فو الله ليست هذه النماذج هي التي نشرُفُ بها و نتحدث عنها
فهي بعملها ذلك لم تزد الإسلام إلا ذُلاً و مهانة
فو الله لا نشرُف إلا بتلك العفيفة التي لم تخرج من ديارها و هي أشرف الديار لتكون لصيقة الرجال و لتكون في بلاد الغرب صديقةً للكفار
فلا يتحدث عن العفاف إلا أهل العفَّة و الفضيلة
أما من أراد أن يكُـنَّ النساء بهذه الطريقة الغربية فهو للأسف
يدلُّ على أنه أبعد من يكون عن العفة
فهو مع غيره من الكُتَّاب المُفسدين يُعتبرون ممَّن ضيَّعوا بأقلامهم هذه الأمَّة ...
فماذا تعني كلمة امرأة ... إذا لم تعني العفة ؟
و ماذا تعني كلمة رجل ... إذا لم تعني الغيرة ؟
لم تكُن المرأة في عهد رسولنا صلى الله عليه و سلم إلا معنى للعفة و الطهارة و الحياء
كانت تقوم الحرب من أجل عفاف امرأة
و يأتي هذا الذي لا أدري أين عقله و أين دينه ليقول :
" لماذا تنبغ المراة العربية خارج ديارها و تذوي و يعتريها الموات في ديارها ؟؟"
و يجيب بنفسه ليقول :" و الجواب معروف "
و أنا هنا أجزم بأنه يقصد بجوابه هذا الإسلام و تعاليم الإسلام و ما أوجبه على المرأة من الحجاب الذي كرَّمها و صانها و لم يجعلها فريسةً لكل ساقِـطٍ و لاقـِط
فبينما الاعداء ينهشون في جسد الأُمَّة كيف شاؤوا نجد ان كُـتَّابنا لا همَّ لهم سوى النساء و حقوق النساء
و كأن الذي خلقها ضيَّع حقَّها
و قد تحدَّث د.بكر بن عبد الله أبو زيد عن هذه الفئة الضالة من الكتاب في كتابه "حراسة الفضيلة " فقال:
(( وهم أمشاج مبتلون بهذا التغريب، وبعضهم أضاف إلى هذا الفجور فجوراً آخر من السخرية بالحجاب والمتحجبات، وكلمات نابية في بعض أحكام الشريعة الغراء، وحملتها، إلى غير ذلك من مواقف نرى أن أصحابها على خطر عظيم يتردد بين الكفر والنفاق والفسوق والعصيان .
وكانت هذه الأذايا تثار في وقت مضى، واحدة تلو الأخرى بعد زمن، ويقضي عليها العلماء في مهدها، ويصيحون بأهلها من أقطار الأرض، ويرمون في آثارهم بالشُّهب، وفي أيامنا هذه كَفَأ الـجُناة المِتْكَل مَمْلوءاً بِهذِهِ الرذائل في بضعة شهور بكل قوة وجرأة واندفاع، ومن خبيث مكرهم تحيُّن الإلقاء بها في أحوال العُسر والـمَكْرَه، وزحمة الأحداث .
وهذه الدعوات الوافدة المستوفدة قد جمعت أنواع التناقضات ذاتاً، وموضوعاً، وشكلاً.
فإذا نظرت إلى كاتبيها وجدتهم يحملون أسماء إسلامية، وإذا نظرت إلى المضمون والإعداد وجدته مِعول هدم في الإسلام، لا يحمله إلا مستغرب مسيّر، أشرب قلبه بالهوى والتفرنج، ومعلوم أن القول والفعل دليل على ما في القلب من إيمان ونفاق!!
وإذا نظرت إلى الصياغة وجدت الألفاظ المولَّدة، والتراكيب الركيكة، واللحن الفاحش، وتصَيُّد عبارات صحفية تُقَمَّش من هنا وهناك على جادة القص واللزق، طريقة العجزة الذين قعدت بهم قدراتهم عن أن يكونوا كتاباً، وقد آذوا من له في لسان العرب والذوق البياني أدنى نصيب .
وهكذا .. مَن جَهِل لسان العرب، وجهل القرآن، وجهل السنة، أتى بمثل هذه العجائب.
هذا مع يحيط بهم من غرور واستعلاء، تولَّد من نفخ بعضهم في بعض.
أفمثل هذا الفريق الفاشل يجوز أن تنصب له منابر الصحافة، ويوجه الفكر في الأمة؟ ألا إن هذا مما يملأ النفس ألماً وحزناً وأسفاً على أمة يكون أمثال هؤلاء كتبة فيها، وهذه كتابتهم.
عارٌ والله أن يصبح توجه الأخلاق في هذا العصر بأقلام هذه الفئة المضَلِّلة المسَيَّرة، التي خالفت جماعة المسلمين، وفارقت سبيلهم، واشتغلت بتطميس الحق، ونصرة الهوى، عليهم من الله ما يستحقون، وحسابهم عند ربهم، ونحذرهم سطوة الله وغضبه ومقته، ولن يغلب الله غالب، ونتلو عليهم قول الله تعالى: ((واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه )) [البقرة: 235] ، وقول الله تعالى: ((ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون . متاع قليل ولهم عذاب أليم )) [النحل: 116-117] .
وهؤلاء الصَّخَّابون في أعمدة الصحف على مسامع الملأ يبغضهم الله، ويمقتهم سبحانه، كما ثبت من حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إن الله يبغض كلَّ جَعْظَريٍّ جوَّاظ -أي: مختال متعاظم- سَخَّابٍ بالأسواق، جِيفة بالليل حِمَار بالنهار، عالمٍ بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة )) رواه ابن حبان في صحيحه.
قال الشيخ العلامة المحدث أحمد بن محمد شاكر المتوفى سنة 1377هـ رحمه الله تعالى في تعليقه على صحيح ابن حبان [1/230] : (( وهذا الوصف النبوي الرائع، الذي سما بتصويره إلى القمة في البلاغة والإبداع، لهؤلاء الفئام من الناس –أستغفر الله، بل من الحيوان- تجده كل يوم في كثير ممن ترى حولك، ممن ينتسبون إلى الإسلام، بل تراه في كثير من عظماء الأمم الإسلامية، عظمة الدنيا لا الدين، بل لقد تجده فيمن يلقبون منهم أنفسهم بأنهم علماء، ينقلون اسم العلم عن معناه الإسلامي الحقيقي، المعروف في الكتاب والسنة، إلى علوم من علوم الدنيا والصناعات والأموال، ثم يملؤهم الغرور، فيريدون أن يحكموا على الدين بعلمهم الذي هو الجهل الكامل، ويزعمون أنهم أعرف بالإسلام من أهله، وينكرون المعروف منه، ويعرفون المنكر، ويردون من يرشدهم أو يرشد الأمة إلى معرفة دينها ردّاً عنيفاً، يناسب كل جعظري جواظ منهم، فتأمل هذا الحديث واعقله، ترهم أمامك في كل مكان )) انتهى .
لذلك أقول لهذا الكاتب و لكل من أتعبَ في الحقيقةِ نفسَه
لكي يُملِي علينا كلماتِه التي يحسَبُ أنها ستصل مرحَّـباً بها
اتركوا الحديث عن العفَّة و العفاف لأهلها
أما أنتم فلا حديثَ لكم و لا كرامة
فمن لم يُرِدِ العفاف لنفسِه و لأهلِه فليخرج إلى بلاد الغرب
و لِيعِـشْ هناك عَـيْشَ البهائم لا غيرة و لا حياء و لا دين
فيرى امرأته وقد اتخذت خليلاً و ابنته قد اختارت صديقاً
و ابنه يتنقل من صديقةٍ الى صديقة
فهذا هو العفاف الذي تريدون
أما نحن فهنيئاً لنا بالعفاف الذي يريده ربُّنا
والذي دلَّنا عليه خيرُ من وطيءَ الثرى محمد صلى الله عليه و سلم
أفضل من كرَّم المراة و حفظ حقوقها .
الروابط المفضلة