السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :



كثيرات هن النساء اللواتي يذهبن الى السوق لشراء منديل، فيرجعن محملات بالاكياس والبضائع، وهو ما يعرف في علم النفس بالهوس الشرائي، وكثيرة هي الدراسات التي اجريت لمعرفة سر هذا الهوس وانتهت معظمها الى شعور المرأة بالوحدة والفراغ. لكن احدث الدراسات استبدلت الهوس بالادمان وردته الى الجوع العاطفي والرغبة في الانتقام فيكون الشراء لديها بمثابة رصاصات تنبيه تصيب قلب الزوج «الحاضر الغائب».

هذه الدراسة اعدتها كلية الاعلام في القاهرة، وكشفت ان المرأة تتعرض لاغراء الشراء والتسوق اكثر من الرجل لأنها تجد في ذلك فرصة للتنفيس عن الضغوط والمشاكل التي تتأتى من خلال علاقتها بشريكها. فهو مشغول عنها دائما بعمله في النهار واصدقائه والتلفزيون والكومبيوتر في الليل، فتجد في السوق والتسوق رفيقا تفرغ فيه ما يصيبها من قلق وتوتر وتعب نفسي.

كما بينت الدراسة انه بسبب ما ذكر نجد ان 80% من الاعلانات التلفزيونية موجهة للمرأة لانها صاحبة قرار الشراء في الاسرة، ولانها على عكس الرجل، تنقاد بسرعة امام بريق الاعلان، والفرق بين الرجل والمرأة في ذلك كما تقول الدكتورة عزة كريم، مستشارة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث: «الرجل بعد الزواج يشعر بأنه ليس مضطرا الى الاسراف، بل الى مسك يده ليدخر للاسرة وللمستقبل، بينما تشعر المرأة بان من اولوياتها الاستمرار في الانفاق على نفسها ومظهرها لتحافظ على صورتها الجميلة في عيني زوجها، وهذه فكرة تتوارثها الفتاة وتتربى عليها، ومن هنا ترى ان التسوق وسيلتها الوحيدة، للاحتفاظ بقلب رجلها».


إنه الجوع العاطفي
اما الدكتور يسري عبد المحسن، استاذ الطب النفسي بقصر العيني فيرد ادمان المرأة على الشراء الى مجرد تحقيق رغبة في الملكية توفر لها نوعا من الأمان الذي تفتقده بانشغال الرجل وابتعاده عنها، فتهتز شخصيتها وتجنح نحو جمع وامتلاك كل ما تطاله يدها، وذلك لانها تشعر بجوع عاطفي لا يشبعه الا الاقتناء او ما يعرف بالاكتناز مما يعني ان افتقاد المرأة للحب والحنان اللذين تحتاجهما من زوجها لاتعوضه بالشراء الذي يصبح مرضا واضحا ومحددا لديها.


انتقاما لكرامتها
في هذه الصدد يشير بعض علماء النفس الى ان المرأة وبحكم اهمال زوجها العاطفي لها، تبحث عن حل تأثر من خلاله لشخصها وكرامتها كأنثى غير مرغوب بها، فتعمد الى الرد عليه من خلال جيبه، خاصة اذا كان حريصا عليه خوفا من المستقبل، معتبرة ان ماله عزيز عليه، فتصرفه على ثيابها وعطورها وزينتها فتضرب عصفورين بحجر واحد، تلفت نظره الى شكلها المتغير دائما وتنبهه الى انها امرأة قوية تعرف كيف ترد الكيل لتدافع عن نفسها.


استعراض لعقدة النفس
ويرجع الدكتور علي خليل، استاذ علم الاجتماع، انتقام المرأة الشرائي من جوعها العاطفي الى المدنية الحديثة وما افرزته من تعقيدات وصراعات يومية واستهلاكات مادية، ويرى ان ادمانها ما هو الا سلوك استعراضي لا يحقق لها الراحة المنشودة بقدر ما هو دلالة على عقدة نقص في شخصها!.


والرجل أيضا
وتضيف الدكتورة عزة كريم ان ظاهرة الادمان ليست موجودة لدى النساء فقط، فهناك رجال ايضا يعانون من مرض الشراء والتسوق ويبدلون ثيابهم وساعاتهم واحذيتهم اكثر من بعض النساء، وهذا يدل على ان مغريات المدنية الحديثة تصيب الرجال والنساء على حد سواء، مما يعني انه قد يكون تعويضا عن حرية مفقودة او ضعف ثقة بالنفس، وليس فقط جوعا أو انتقاما من الطرف الآخر.


هوس «عقلي»
من جهة اخرى يقول الدكتور عبد المحسن ان بعض الزوجات يندفعن الى الشراء من دون تمييز او حاجة حقيقية الى ما يشترينه، اي لا يستطعن تقدير احتياجاتهن الفعلية، واحيانا يعمدن الى الاستدانة حبا بالتسوق وهؤلاء النساء يكن مصابات بمرض «الهوس العقلي» ومن اعراضه ارتفاع الحالة المزاجية والاحساس بتضخم الذات والكبرياء، وهو مرض وجداني يصيب السيدات بنسبة اكبر من الرجال، نتيجة لاضطراب عاطفتهن.


همسات في أذن الزوجة
بناء على ما ذكر يجمع خبراء علم النفس والاجتماع ان هناك نوعين من التسوق:
التسوق الايجابي الذي يلبي احتياجات المرأة، والسلبي الذي يترجم حالة التسوق والافضل لسيدة المنزل ان تتبع الاول وتبتعد عن الثاني، فكلما كان التسوق موجهاً لاشباع الحاجات الاساسية وفي حدود الدخل الشهري، كلما انعكس ذلك على نفس المشتري وثقته وراحته. من هنا تضع الدكتورة عزة كريم بين يدي كل زوجة مجموعة من النصائح والارشادات لتستعين بها بعيدا عن «الجوع والانتقام» وهي:
* لا تجعلي من مشاكل الحياة والملل والاكتئاب والتوتر اسبابا تدفعك للصرف والشراء.
* ان كنت شابة، فالذهاب الدائم الى السوق امر عادي، لكن ان كنت فوق الـ 40 او 50 فلن ينفعك ذلك في التعويض عما فعله بك الزمن.
* لا تنتقمي من زوجك بارهاقه ماديا، بل ارهقيه بحبك وحنانك وعطائك وافرضي نفسك عليه وان لم يعجبه ذلك.
* اسرافك في ملبسك وزينتك سيدل فقط على محدودية تفكيرك وقلة ثقتك بنفسك، عدا عن انك ستساهمين في افلاس جيب زوجك.
* الانفاق الكبير وراءه هوس ووسواس قهري وهو نوع من التوتر الشديد، لا يشعرك بالراحة الا بعد انفاقك للنقود.
* لا تسمحي لاكتئاب الشراء ان يصيبك، وهو يأتي في صورة ندم على ما انفقته وقد زادت نسبته مع ازدياد انواع السلع المعروضة في السوق.
* ميزانية بيتك تقررينها مع زوجك لانكما شريكان في مركب واحد، لا متنافسان في معركة.
* حددي ميزانية شرائك في ضوء احتياجاتك الفعلية وبحسب اولوياتك ووفقا لدرجة اهميتها.
* لا تقعي تحت تأثير الاعلانات وجاذبية عرض السلع.
* تجولي في السوق وراقبي الاسعار قبل الشراء لمقارنتها باحتياجاتك وميزانيتك.
* اهتمي بشراء السلع في وقت التخفيضات.
* لا تبالغي في شراء الثياب والاحذية التي تتغير موديلاتها بسرعة.
* لا تقعي في فخ الشراء من اجل التفاخر والتباهي.
* إن كنت ترغبين في «قصقصة» ريش زوجك.. فلا تبالغي والا طار بعيدا عنك!.