هل يبحث بن لادن عن فتوي تجيز له الانتحار؟ عنوان غلط لكن مقالة تقرأ!
الراية القطرية--------المنتدى
آخر تحديث: الخميس18/3/2004 م، الساعة 12:53 مساءً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة

هل يبحث بن لادن عن فتوي تجيز له الانتحار؟

أ.د. عمر بن قينة: كاتب وأستاذ جامعي جزائري:- علم الله أنني لا أحب لهذا الرجل الشهم إلا خيراً رغم أخطائه الفادحة، وأذاه للمسلمين خدمة لأمريكا والصهيونية، فأعطاهما من المبررات للنيل من الإسلام والمسلمين ما لم تحلم به قط حكومة شارون الإرهابية ولا سياسة أول حكومة عنصرية في تاريخ الولايات المتحدة، برئاسة بوش الثاني بهيمنة اليمين الصهيوني- المسيحي فيها: نواباً ومستشارين، ووزراء في مقدمتهم رامسفيلد وزير الحرب.

لم يسئ الرجل فقط للعالم بما أسماه متبجحاً: غزوتي واشنطن ونيويورك بل أساء للإسلام والمسلمين المؤمنين الصادقين بآرائه وتوجيهاته الضالة لأتباعه الجهلة بالدين والدنيا معاً، للفتك بأبناء الأمة الإسلامية، ممن هم أكثر منه علماً دينياً ودنيوياً، وأقوي إيماناً، وأكثر عملاً لذلك بالإسلام، في الجزائر وفي تركيا وفي السعودية و الإيمان يا ذلك درجة أعلي من الإسلام، لو كنت من الذين يعقلون (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً ان الله غفور رحيم) الحجرات: 14

والإسلام حرم سفك الدماء، ومن قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعاً، هذا هو ديننا الشريف الطاهر الذي حرم أيضاً الفتنة التي يذكيها أمثالك في ديار الإسلام، والفتنة يا ذلك أكبر من القتل، فنبينا الكريم قدوتنا في الحياة، وفي عز الجهاد الشرعي يقول: من قال لا إله إلا الله عصم مني دمه وماله وعرضه والمؤمنون إخوة، نزل الأمر الرباني بحماية أعراضهم وحقن دمائهم، والضرب علي أيدي الفئة الباغية فيهم، عملاً للألفة بينهم كما تأمر بذلك آيات القرآن الكريم، ومنها الآية 9 من سورة الحجرات وكذا الأية العاشرة (إنما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) الحجرات: 10 .

هؤلاء هم الذين ينزل الله سكينته عليهم، كما يثيب المؤمنين الصادقين، ويرزقهم التقوي، ويؤازرهم بالفتح المبين، وهي بديهيات لا تغيب لا عن مسلم ولا مؤمن بسيط كحالي، فضلاً عن أهل العلم من علماء الدين، لكنها تغيب عنك، بفعل جهل واندفاع، أبدعته لديك من دون شك معاناة المسلمين الاحتقار العام: من أنظمة، ودول، في مقدمتها، أمريكا و إسرائيل . فبدل أن ترقي بمنهجك إلي مستويات الرجال التاريخيين سقطت صريع الهوي الذي يغذيه في نفسك إعجاب غوغاء مقهورة من أنظمتها ومن الاستعمار، ومن انتصارات وهمية، بررت لأمريكا والصهيونية النيل من الإسلام والمسلمين، وهذا الأسلوب الإذلالي الذي يمارسه الغرب وأمريكا وكلب حراستها إسرائيل سيوسع من دون شك رقعة الثائرين عليها عموماً، وسيعلي شأن الغضب الجماهيري عالمياً من دون أن يكون ذلك تزكية لخطك ومنهجك، بقدر ما هو رد المستضعفين علي الظالمين بما أمكن من وسائل، أما أنت يا أخانا في الإسلام: إن شاء الله فإنك واقع لا محالة يوماً في مواجهة مصيرية، مع الأعداء المتكالبين، فقد بت الهدف الأول لأمريكا والصهيونية، وهذا شرف لك من دون شك، لكنني أخشي وأعيدها: أخشي أن تكون نهايتك كنهاية صدام وهو ما سيؤلمنا حتي العظم، لا تعاطفاً مع منهجك، ولكن هرباً من الصورة التي تعمدتها أمريكا في عرضها للحظة استسلام طاغية بغداد الذي غدر به الأعوان من عملاء أمريكا وليست مهارتها، فمهما اتسعت دائرة التأويلات لسقوط الطاغية فالأذي قائم وهو يملأ الشاشات متحسساً خدرا ما بيديه علي فكيه باذلاً رأسه لأمريكي يلهو به.

هذا المصير لطاغية شوه صورة المسلمين ومنهم العرب بجنونه في حروبه علي إخوانه وجيرانه، وبطشه بأبناء وطنه ثم بطريقة استسلامه من دون طلقة رصاص واحدة، وهو ما لا نريده لك رغم إدانتنا لك: فكراً ومنهجاً لجهل فيك، ولا يعذر جاهل بجهله، لا في القوانين الشرعية ولا الوضعية.

أنت رجل صادق في نياته من دون شك، مخلص مضح لكنه غارق في جهله بسنن الحياة مغيب لعقله وفكره، في تقييم عوامل الغلبة، صريع تيه و ضلال في فهم الدين، والجهاد والاستشهاد، بات الدين في مدرستك محصوراً في حجاب يلف المرأة، ولحية تتدلي علي العنق، وهو مذهب أتباعك الضالين فكراً ومنهجاً، فيمر الواحد منهم بمسلم كامل الإيمان غير ملتح، فلا يجيبه كما تقتضي السنة، بل لا يرد التحية كما يقتضي الواجب، بينما يسارع بتحية ملتح قد لا يعرف صلاة ولا صوماً ولا زكاة ولا حجاً، بل سكيراً، وقد يكون نسباً يهودياً.

وما أكثر ما يشاهد المرء من هذه الصور المخزية لغرباء عن الدين يجعلنا سلوكهم نستريب في أمرهم، ونكاد نجزم بعمالتهم لأعداء الإسلام، داخل ديار الإسلام و خارجها.

مهما كانت نياتك صادقة أيها الشيخ ابن لادن فإن في جهلك مصرعك، حتي بين الذين تعاطفوا مع حركة اليقظة الإسلامية وأنا منهم، وإن شوهتها مدرستك بسلوكها، وبفتاواها الضالة في استباحة الدماء ظلماً وعدواناً، بما فيها دماء المسلمين الأطهار، دماء الأبرياء، ألم يفت بذلك أبو قتادة في لندن متوسداً حزم اليورو و الدولار و الاسترليني قائلاً - قبل القبض عليه بسنوات - بقتل الابن لأبيه الكافر في رأيه، لأنه ليس له لحية، ألم يفت بقتل أبناء العسكريين الجزائريين الكفار في منطقة القاصر، وهو منطق فرعون كما ورد في القرآن الكريم سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم، كما أفتي بقتل العزل في البوادي النائية بعدما عجزت قطعانه الجاهلة عن الوصول إلي العسكري الذي يحتضن الرشاش أو تقبض يمناه علي المسدس، يا لهم من جبناء أاء جهلة! عجزوا عن الوصول إلي البنوك لنهبها فغيروا وجهتهم للمواطنين: يباغتونهم في أريافهم، أو يقطعون طرقهم ليلاً قطعاً لرقابهم أو ابتزازاً لأموالهم، خصوصاً حين بدأت أموال ابن لادن تتأخر عن الوصول لأمي مطرود من المدرسة زعيماً في الإرهاب بالجزائر تتداول اسمه وصورته في غباء تام وبلادة كاملة وسائل الإعلام، في الداخل والخارج.

هؤلاء جزء من صناعتك يا بن لادن وستؤخذ بذلك عند ربك، ستنطق يداك بما عملت، ولسانك بما أفتي بالقتل والفتك في ديار الإسلام نفسها، وإهدار دم مؤمنين هم أكثر منك إسلاماً وأقوي إيماناً- إن كنت مؤمناً - وأكثر رجاحة عقل، وأعمق ثقافة في شؤون الدين والدنيا معاً، طبيعة جزائك علمها عند الله وحده، وهو يوم قادم لا ريب فيه، لكنني أتبرع لك بنصيحة متواضعة ألا تكون نهايتك علي أيدي أعدائك الجادين كنهاية صدام وهو ما لا أتمناه لك كمسلم أولاً، وكعربي ثانياً، يؤلمني أن يتشفي الأعداء ويشمت الأنذال وما أكثرهم!

تهيأ لليوم المحتوم يا هذا حتي في دنياك قبل آخرتك، فإذا حم القضاء، و استحالت النجاة، وبت قاب قوسين أو أدني من قبضة الأمريكيين فكر ألا تلقاهم إلا شهيداً واقفاً مرفوع الرأس شامخاً، حتي الرصاصة الأخيرة أو ما قبل الأخيرة، لتلقي الله صادقاً، فلعل في ذلك نقصاً في موازين سيئاتك، بكر يا هذا بالتفكير في الأمر، فإن قال بوش في بداية الأمر إنه يريدك حياً أو ميتاً فهو حريص عليك اليوم حياً علي طريقة التمثيل بصورة صدام المخزية، يخرج من جحر، فإن اخترت الجحور علي طريقة طاغية بغداد فهل تفتي لنفسك أو تستفتي غيرك من أمثال القتادة عما إذا كان يجوز لك في لحظة الشدة أمر محرم شرعاً وهو الانتحار ؟ فكم من مرة تساءلت بيني وبين نفسي: هل يبحث ابن لادن عن فتوي تجيز له الانتحار مضطراً بدل الوقوع خانعاً ذليلاً، كما وقع صدام؟

طرحت السؤال علي نفسي عن جرأتكم في الفتاوي التي تبيح المحرمات، فحين لا يكون مناص لك: أليس هناك خيار ثالث بين قرار الانتحار بآخر رصاصة لديك والوقوع في يدي الجندي الأمريكي؟ أليس هناك بديل ثالث للانتحار المحرم وللاستسلام صاغراً؟

أمريكا وراء الرجل بأجهزتها وعملائها حتي في أطراف حاشيته أو دائرته مهما بعدت الحلقة كما نعتقد، وهو واقع في يدي الأمريكان حسبما يبدو إن لم تسبقهم إليه يد العناية الإلهية: بنجاة.. ما أو بميتة طبيعية أو شهادة مكتوبة.

في توقع هذا المصير، أعيد طرح السؤال: هل يبحث ابن لادن عن فتوي تجيز له الانتحار؟ علم ذلك في الغيب عند الله، وما تكشف عنه الأسابيع أو الشهور أو السنون. ولا أدري إن كان بعض المجاهدين الجزائريين إبان الثورة الجزائرية 1954- 1962 علي شيء من حق، فحين كان الواحد منهم يجد نفسه في اللحظة الحاسمة في المعركة علي وشك الوقوع في الأسر فيطلق آخر رصاصة علي نفسه، وربما تبادل المجاهدان في خندق واحد الرصاصتين الأخيرتين: يطلق كل منهما رصاصته علي الآخر في نفس الثانية، حماية لغيرهم: مجاهدين ومناضلين ومواطنين في مواقع الإسناد والإمداد من اعترافات يحتمل افتكاكها من الأسير تحت التهديد والتعذيب، لتكون الطامة الكبري علي القضية، وعلي أشخاص وأسر. وقد حدث هذا كما حدث ذلك، والله أعلم بالظالمين والمهتدين: (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً) الكهف: 46 .

لا حول ولا قوة الا بالله لا حول ولا قوة الا بالله لا حول ولا قوة الا بالله

اللهم احفظ بلاد المسلمين ودمر اعداء الدين............ يا رب