حملقت في وجه مولودتي "بسمة "التي لم تتعد الأسبوع الأول من عمرها ،
كنت ألمح نظرات غريبة في عيون كل من يراها ،
و همسات من حولي. - في نظري –كانت أجمل من رأيت ، بشعرها الأسود الفاحم،
و عيناها المتميزتين كعيون أهل الصين ، لكنها بالفعل مختلفة "أجل طفلتي منغولية " .
أياما و تقبلت الأمر، و كأن الله حين ينزل البلاء يصحبه بصبر و سكينة .
فأقبلت على طفلتي أحيطها برعاية و حنان و أسعد حين أراها تكبر ، لكن الأمر بدا مختلفا
بالنسبة لعصام " فلقد ازدادت أوقات تغيبه عن المنزل ، كثر شروده و هو بيننا ،
حتى سعادته بالمرح مع صغيرنا " سامر " بدأت تتلاشى . و لعل أكثر ما كان يعذبني ،
تلك النظرات التي ألمحها في عينيه "هل أنا المسؤولة عن تلك المحنة ؟ " ..
لقد كانت لهفته على الإنجاب مرة أخرى لا توصف ، فمنذ بلغ " سامر " عامه الثاني
بدأ يلح مرددا "سنوات العمر تمر يا "سمر " لقد تجاوزت الخامسة و الثلاثين ،
و أنت الأخرى تعديت الثلاثين ماذا عسانا ننتظر ؟ أود أن أرى أولادي يمرحون حولي ."
نصحتني صديقتي أن انضم إلى واحدة من جمعيات العناية بالمعاقين ، و ذهبت بالفعل بصحبة
صغيرتي و قد بلغت عامها الأول ، اعترف أن المكان كان قريبا من منزلي ،
لكنى لم أفكر أبدا ما يعنيه هذا الاسم ،أو ماذا وراء هذا الجدار ؟ وجدت الكثير من التجارب
المضيئة ، أمهات صابرات ، أطفال يتحدون بعزيمة من فولاذ ظروف فرضت عليهم
اندمجت في هذا المجتمع المتميز ، أقوم بنشاط في الدار ، أصطحب ابنتي يوميا بعد
ذهاب "سامر " إلى مدرسته تحسنت حالتها تباعا بشكل ملحوظ حتى " عصام " بدأ يتجاوب
معها حين سمع منها كلمة "أبى " لأول مرة لكن المحزن كان حال قلبها المريض ،
ازدادت نوبات أصابتها ،و لازمتها في المشفى أياما . خمس سنوات مضت ، و ابنتي تنمو
أمام عيوننا لكن قلبها يضعف تباعا ، حتى قرر الأطباء إجراء جراحة للقلب الصغير الذي لم يتحمل ، وودعتنا "بسمة " إلى الأبد . انقضت أيام حزني ، و وجدتني اندفع مرة أخرى إلى دار
رعاية المعاقين ، أمارس نشاطي ، فهناك من هم بحاجة إلى كل يد عون تمتد إليهم .
غريب أمري كالكثيرين !! لماذا لم أفكر بهذه المبادرة من قبل ، إن وجود معاق بيننا يمكن أن
يحدث بين يوم و ليلة ، ليس مولودا جديدا فحسب ، بل رجالا و نساء تلم بهم ظروفا طارئة،
فينضمون بعدها إلى زمرة هذا العالم الجديد .
"ما أحوجنا أن نحس بآلام بعضنا البعض ، و نرسم بسمة أمل ما استطعنا .
" بقلم: أماني الكيلاني
الروابط المفضلة