إخواني كم أخرج الموت نفساً من دارها لم يدارها, وكم أنزل أجساداً بجارها لم يجارها, وكم أجرى العيون كالعيون بعد قرارها ـ شعر:
يا معرضاً بوصال عيش ناعم 000 ستصد عنه طائعاًً أو كارها
إن الحوادث تزعج الأحرار عن 000 أوطانها والطير عن أوكارها
أين من ملك المغارب والمشارق, وعمر النواحي وغرس الحدائق, ونال الأماني وركب العواتق؟ صاح به من داره غراب بين ناعق, وطرقه في لهوه أقطع طارق, وزجرت عليه رعود وصواعق, وحل به ما شيب بعض المفارق, وقلاة الحبيب الذي لم يفارق, وهجره الصديق والرفيق الصادق, ونقل من جوار المخلوقين إلى جوار الخالق. نازله والله الموت فلم يحاشه, وأذله بالقهر بعد عز جاشه, وأبدله خشن التراب بعد لين فراشه, ومزقه الدود في قبره كتمزيق قماشه, وبقي في ضنك شديد من معاشه, وبعد عن الصديق فكأنه لم يماشه. ما نفعه والله الاحتراز, ولا ردت عنه الركاز, بـــل ضره من الزاد الاعواز, وصار والله عبرة للمجتاز, وقطع شاسعاً من السبل الأوفاز, وبقي رهيناً لا يدري أهلك أم فاز. وهذا لك بعد أيام, وما أنت فيه الآن أحلام, ودنياك لا تصلح وما سمعت ستراه غداً على التمام, ويقع لي ولك, ويحك! أما يؤثر فيك هذا الكلام؟
ـ كتاب الكبائر للإمام الذهبي, ص 114-115 ـ
الروابط المفضلة