كانت رحلة ممتعة حقا , حاولت أ ن أعبر عنها بجميع كلمات الحب ,لم أستطع فحب الله لا يوصف , حاولت ان اعبر عن فعلي بالكلام لم استطع فالتعبير قد خانني وتطايرت الكلمات من حولي فلم استطع الامساك بأي منها ,فهي رحلة العمر كما قد قال عنها الكثير, حتى انني تمنيت لو استطيع أن أعيدها كل عام , فهي مهمة لكل انسان مسلم لانها تريح الاعصاب والنفوس وتغنينا عن زيارة العيادات النفسية او العصبية او جميع العيادات , وافضل من مائة اجازة صيف , وهذه الرحلة أهم من الف رحلة الى بلاد العرب والعجم .
صحيح هي كما قد قال عنها الله عز وجل في كتابه الكريم ( أيام معدودات), ولكنها تزن الدنيا وما عليها من فضل ايامها وفضل الاعمال في تلك الايام .
بالطبع كل مسلم ينوي أن يحج من قبل موسم الحج , ويبدأ في البحث عن المعلومات الصحيحة عن فريضة الحج , فالحج ركن من اركان الاسلام الخمسة , والشرط الاول من شروطها الاستطاعة , فالحمد لله فقد تيسر لنا هذا الشرط , وبدأت بعدها أسال من حج هذه الفريضة من الاهل عن اعمال الحج , وطرحت موضوعا طلبت فيه المساعدة من اخواتي في منتدى لك وساعدوني وزودوني بالمواضيع الكافية وتصفحت انا ايضا مواقع عديدة وبدات ابحث هنا وهناك وقرأت كل شيء يخص الحج ويخصني ,حتى فهمت ماهو مطلوب مني بالضبط وبدأت أتدارس انا وزوجي اركان الحج وواجباته بصفة عامة .
وقبل الحج بايام بدأت بتجهيز ما احتاجه في حجة العمر من زاد لديني ونياي , فالزاد الديني كان عبارة عن مصحف صغير وبعض كتيبات الاذكار والادعية , والزاد الدنيوي بعض الملابس والاغطية ومايخصني من اغراض شخصية .
وجاء اليوم السابع من شهر ذي الحجة , في ذلك اليوم تركت فيه اهلي واطفالي , واسمع صوت ابنتي التي تعودت في الايام الاخيرة ان تقول لي : ماما كل ما تذكرت الحج ابكي ..
ياله من شعور غريب مختلط بالفرحة لاني سأؤدي فريضتي اخيرا ووالحزن لاني ساترك اطفالي لفترة طويلة , المهم في ذلك تركت اطفالي عند اهلي , وتحركنا من المدينة في طريقنا الى مكة بسيارتنا الخاصة ومررنا بالميقات ونوينا نية الحج , وفي الطريق كان هناك بعض الاخوة جزاهم الله خيرا يوزعون بعض الكتب والاشرطة التي تخص الحج , وكان من نصيبنا كتاب يصف فيه حجة رسول الامة ووقفات في تلك الحجة , وشريط للشيخ اب عثيمين رحمه الله وكان يوضح الحج لحظة بلحظة ,وكنت اقرا على زوجي طوال الطريق من تلك الكتيبات وسمعنا الشريط الرائع ودعوت لمن قدمه لنا بكل خير .
وصلنا الى مكة في المساء , وتوجهنا الى الحرم وطفنا طواف القدوم وسعينا سعي الحج ويومها كنت ارى الناس حول الحرم وداخله والحركة لاتتوقف بالرغم من ان الساعة كانت قد جاوزت الثانية عشرة صباحا , وانهينا طوافنا وسعينا وبدات رحلة التعب في البحث عن سيارة تقلنا الى منى واخيرا وجدنا بعد ان تعبت اقدامنا ولكن قلنا هو الحج هكذا جهاد في كل شيء , ووجدنا من يقلنا ولكن بعد ان اجهدنا التعب وكدت اسقط من شدة الاعياء , ولكن كان هناك شعور قوي يحثني بان استحمل واكون قوية سبحان الله من اين اتى هذا الشعور لم احس به من قبل , اهو من وحي الخيال ام ايحاء داخلي ام شعور بالامان لاني بالقرب من بيت الله العظيم , يالله كم انت رحيم بعبادك , ايمانهم بك يعطيهم قوة لامثيل لها في هذا الكون قوة تنبعث من الايمان الصادق يجعلنا نجاهد ونجاهد حتى تكون كلمتك هي العليا .
تحركت بنا السيارة الى منى ووصلنا الى هناك , ودخلنا الى حدود منى , ياله من منظر رائع , بحثت بعيني وتفحصت منى فلم اسمع صوتا الهدوء يلتهم المكان التهاما , احسست برهبة المكان قلت في نفسي ساقضي هنا عدة ليال و هل ستكون على ما يرام . المهم تذكرت وقتها انه يجب علينا البحث عن مخيمنا في تلك الخيام المتشابهة فقد حفظت الخارطة الخاصة بموقعنا عن ظهر قلب وهذا طبعي اعرف كل ما يحيط بي في كل مكان لنه من المؤكد سوف احتاج الى شيء منه في يوم من الايام , المهم بحثنا ومشينا حسب المكتوب ووصلنا الى المخيم ودخلت الى خيمة النساء وانا خائفة من مواجهة الناس لاني اعلم ان هناك اناس لا اعرفهم واني ساشاهد وجوها كثيرة لاني بصراحة كنت منقطعة عن المجتمع لمدة تقارب السنتين بسبب بعض الظروف , المهم دخلت وانا انظر الى الوجوه لعلي ارى وجها اعرفه وبالفعل وجدت منهم الكثير ففرحت وسلمت عليهم والكل كان يؤنبني ويقول : من زمان لم نرك , فكنت ارد عليهم : حتى تكون لي طلعة ,المهم بحثت عن مكان وتوفقت في مكان مناسب كان بالقرب من اخوات اعرفهن , قمت وبدات اجهز نفسي للنوم ولكن النوم ابى وان يداعب جفوني بالرغم من كل ذلك التعب لم انم في تلك الليلة ولا حتى بعد صلاة الفجر ولا حتى في الليلة التي بعدها جافاني النوم ليلتين.
( .. فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ..)
وفي يوم التروية اجتمعنا مع اعضاء المخيم وبدا التعارف , فقد كانت الاخوات مختلفات في السن فقد كان من بينهن الكبيرات في السن والامهات الكبيرات في السن والامهات الصغيرات في السن , والبنيات , بدات المشرفة في تقسيمنا الى مجموعات تتعاون في العمل وقت الطعام وفي الاوقات الاخرى , وكان من بين البرنامج تلك الخواطر التي تلي الصلوات الخمس , وكان ما يميز مخيمنا ذلك الشعار , الذي اثر في نفوسنا وكانت حتى محاضراتنا تتضمنه وهو قول الله تعالى :
( ... فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز ...)
شعار كلماته رائعة تحمل في طياته كل انواع التوحيد بالله وجميع اركان الاسلام , جميع الخلق والمثل الاسلامية , وكان اول موضوع في محاضراتنا هو معنى زحزح هذه الكلمة التي اذا تمعنا في معناها وفي مقصدها وجدناها تعبر عن رحمة الله بعباده ان جعل لهم من الاسلام طريقا للنجاة .
وتلت تلك المحاضرة محاضرة عن طريقة الصلاة الصحيحة لاننا محتاجون في تلك الايام للزاد الصحيح الذي يجعلنا بالفعل نبتعد عن الرفث والفسوق , حتى نرجع كيوم ولدتنا امهاتنا , فمن الصعب على انسان تعود على لبس القصير والبناطيل اللاصقة , ولبس العباءة المخصرة , والعيش في الرفاهية ان يتعود بسهولة على العيش متقشفا فجأة ولو لايام , ولكن في الحج كل شيء يهون امام حب الله , وامام تلبية نداء الله , فهذه اخت لنا في الله علمت بان البناطيل اللاصقة التي تبين مناطق العورة مفصلة حرام وانها اذا اضطرت الى لبسها فعليها لبس بلوزة طويلة الى الركبة حتى تستر مناطق عورتها , فضلت الجلوس بعباءتها طوال ايام الحج الستة حتى لا تحرج نفسها امامنا وايضا لتضع قدمها في الطريق الصحيح, وكثرت اسئلة الاخوات حول الابتعاد عن المنكرات , وعن كيفية النهي عن المنكر في الاسواق وما سيواجهونه من عقبات في سبيل الدعوة الى الخير والنهي عن المنكر , في تلك اللحظة احسست بدمعتي تنزل وهناك شيء يخنقني كنت اتمنى لو اني صرخت باعلى صوتي بارك الله فيكن اخواتي وفي حبكن لفعل الخير, والكثيرات سالن عن الحجاب وماحصل وما يحصل من محاربة له في جميع انحاء العالم , هذا ما تضمنه ذلك اليوم من مشاركات , والبعض خرج لطواف القدوم وسعي الحج , والبعض حاول ان ينام لان اليوم التالي هو يوم عظيم , انه يوم عرفة .
تابعوا الجزء الثاني من ... صيد الخواطر ..(( ذكرياتي في الحج )).
الروابط المفضلة