تحقيق - عذراء الحسيني
في الوقت الذي ما كدنا معه ننسى مخاطر الإنترنت وما جرته علينا من سلبيات وويلات كادت تهدم بيوتاً، أصبحنا اليوم نواجه خطراً أكبر وتحدياً أشد خطراً ونجد أنفسنا واقفين عاجزين عن التصدي له، أو حتى السيطرة عليه لأنه وبكل بساطة في متناول الجميع، الصغير قبل الكبير والمستهتر قبل الواعي انه (الهاتف الجوال المزود بالكاميرا).
وتحولت هذه التكنولوجيا المفيدة بين ليلة وضحاها إلى أداة تنتهك حرمات الغير وتقتحم خصوصياتهم وتهدد أمنهم.
الفراغ الفكري
تقول ياسمين الغريب (طالبة جامعية) استغرب هوس الشباب والشابات الكبير لاقتناء هذه النوعية من الجوالات لأنني لا أرى أهمية لشرائه، وعن التصرفات السلبية التي تصدر من جراء اقتناء جوال الكاميرا فتقول بأن أكبر دليل على ذلك هو الفراغ والخواء الفكري وتناسي القيم والمبادئ التي حث عليها ديننا الإسلامي وأذكر هنا حادثة حصلت بداية هذا العام الدراسي في حرم الجامعة حيث نشبت مشادة كلامية بين طالبتين تطورت إلى تشابك بالأيدي اتهمت فيها احدى الطالبات بأن الاخرى قامت بتصويرها بكاميرا الجوال الخاص بها بينما الطالبة الاخرى تنفي أن يكون هذا الحدث صحيحاً حتى وصل الأمر إلى مسؤولة الأمن ومكتب العميدة، وبغض النظر عن أن تكون هذه الطالبة قد قامت بتصوير الطالبة الأخرى أم لا، إلاان هذا التصرف بحدّ ذاته يعتبر دليلاً قوياً على سطحية العقلية التي تتعامل مع هذا النوع من التكنولوجيا التي تحتاج بحق إلى دراية بكيفية استغلاله استغلالا ينفع المرء، مضيفة انه مع بدء طرح هذا الهاتف في الأسواق تصورت أن استخدامه سيقتصر على المحيط العائلي أي التقاط صور تذكارية لأطفال العائلة أو لرحلاتهم ولكن واقع الحال يثبت أن العكس هو الصحيح وأن التنكيل بالغير أصبح الهدف
الرئيسي لدى فئة ليست بالقليلة من الشباب والشابات.
سلبية الاستخدام
وتؤيدها في ذلك الموظفة فاطمة عبدالرحمن المنصور حيث تؤكد: بالنسبة لي فانني لا أملك هذا النوع من الهواتف، بل ولا أتصور أنني بحاجة إليه لأنه من الممكن الاستعاضة عنه بكاميرات صغيرة يحملها المرء حيثما يشاء، وللاسف الشديد فإن الظاهر للعيان أن أغلب استخدامات جوالات الكاميرات سلبية، لدرجة أصبحت الفتيات يخفن على أنفسهن من أن يتم تصويرهن دون علمهن في الأماكن المخصصة للنساء مثل الأعراس وحدائق الألعاب الترفيهية، وحسبما ارى فإن هذه التصرفات تدل على سطحية التفكير والفراغ الكبير الذي يعيش فيه أولئك الفئة وسوء تربيتهم واستغرب حقاً ورغم الهجمة الكبيرة على هذا النوع من التكنولوجيا عدم وجود رادع حقيقي يحمي الفرد من هذا التطفل والازعاج.
المستخدمون من صغار السن
أما الاختصاصية الاجتماعية فايزة الوهيب فتبدي رأيها بقولها: رغم تأييدنا المطلق لكل أنواع التكنولوجيا الحديثة الا أننا نجد أنفسنا أحياناً ضدها، نظراً لاستخداماتها السلبية التي باتت تؤرق الأجفان ففي الآونة الأخيرة كثر اللغط والاتهام موجه بالدرجة الاولى إلى هواتف الكاميرا، وأنا متأكدة بأن الخلل ليس بالجهاز بل الفئة السلبية التي تستخدمه حيث لو أننا ركزنا على الفئة العمرية لوجدنا الأغلبية من صغار السن ولمزيد من الدقة نجدها تنحصر ضمن سن 14إلى 25سنة نظراً لقلة التوعية التي يعانون منها والتي تجعلهم فرائس سهلة بأيدي التكنولوجيا لأنها هي التي تتحكم بهم بدلا من تحكمهم بها بما يتناسب مع الأعراف والتقاليد التي تربوا عليها، لذا فإننا نشدد على جميع الجهات ذات العلاقة بتوعية الشباب وافهامهم معنى خصوصية الفرد وعدم انتهاك حرمة الغير، وتستطرد بقولها: اعتقد بأن المشكلة التي دعت إلى تفاقم سلبيات ذلك الجهاز تعود إلى الخوف من التبليغ من قبل المتضرر خاصة لو كانت الضحية فتاة أو امرأة وهناك مشكلة أخرى هي كيف يتم تثبيت حالة التصوير لأنه بسهولة يستطيع المصور مسح الصورة التي قام بالتقاطها من جهازه.
وحول الأسباب التي تدفع بفئة الشباب والشابات إلى مثل تلك التصرفات غير المسؤولة تقول الوهيب: ان الفراغ الفكري والاخلاقي وضعف الوازع الديني هي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى سوء الاستخدام، ثم يأتي بعد ذلك دور الوالدين في التربية الحسنة وتقديم النصيحة للابناء بأن التكنولوجيا هي نعمة وعلينا المحافظة عليها وألا نجعلها نقمة قد تعود علينا بالويلات والحسرات فليس بمستبعد أن يكون الشاب أو الفتاة اللذين ينتهكان حريات الغير هما المستفيدين في ظروف أخرى.
وقفة
في نهاية الاستطلاع نستنتج بأن هناك حلقة مفقودة في ظاهرة انتهاك خصوصيات وحريات الأفراد، لذا نرجو ومن وجهتنا البسيطة أن تتخذ الجهات المختصة بعض الاجراءات الصارمة التي قد تساهم في الحد من هذه الظاهرة.
سّن قوانين تجّرم هذه الأفعال بمواد واضحة ومعلنة، وتطبيق هذه القوانين بجدية.
رفع سعر الهاتف المزود بكاميرا إلى أربعة أضعاف وهذا من الممكن ان يؤدي إلى السيطرة على مسألة الفئة العمرية التي يمكنها شراء ذلك الجهاز.
عدم بيع هذه الأجهزة أو السماح لاستخدامها لمن هم دون الثامنة عشر من أعمارهم.
نشر الوعي عبر وسائل الإعلام والمدارس بضرورة احترام خصوصية الغير.
ايجاد تكنولوجيا مضادة تساعد على التشويش على هذه الهواتف والتصوير منها وخاصة في الأماكن المخصصة للنساء.
http://www.alriyadh.com.sa/Contents/...e/COV_1852.php
الروابط المفضلة