السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخواتي الكريمات أعزكن الله و رفع من شأنكن حيث كنتن و زادكن تمسكا بكتاب الله و سنة نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام . قيادة المرأة للسيارة حديث ضجة به المجالس النسائية و لا تخلو منه بعض مجالس الرجال كذلك ، وتباينت الآراء ما بين مؤيد و معارض ....
فبحثت عن فتوى في هذا الشأن فوجدت هذه الفتوى المباركة لتكون رداً مقنعا لمن أشتبه عليه الأمر و حجة لمن أراد الحجة ... سائلة الله أن أكون قد أصبت بعملي هذا ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيادة المرأة للسيارة
إعداد : دار القاسم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين و بعد ؛
فقد ذكرت صحيفة الشرق الأوسط الصادرة في يوم الاثنين 5/3/1419 هـ : [ أن إدارة مرور في إحدى الدول المجاورة سنت قانوناً يمنع النساء المنقبات من قيادة السيارات . و قالت الصحيفة : أن الإدارة العامة للمرور التابعة لوزارة الداخلية سنت القانون الجديد بقصد تجنب تخفي البعض من النساء أو الرجال تحت النقاب للقيام بأعمال مخالفة للقانون و منهم فئة صغار السن من الشباب غير المسموح لهم باستصدار رخص قيادة السيارات حيث يتخفون في زي المنقبات و يقومون بقيادة السيارات مما يؤدي إلى أضرار بالغير في الشارع ] .
و هذا الإجراء ليس بمستغرب ، لأنه يمثل سياسة الخطوة خطوة المتدرجة نحو إخراج المرأة من سترها و حشمتها و إلقاء عباءتها و غطاء وجهها . إلا أننا نلاحظ رغم ذلك أن البعض يسير في موجات متتالية نحو النظر إلى قيادة المرأة للسيارة نظرة قبول ، و قد أصدر العلماء الأجلاء في هذه البلاد فتاوى كثيرة في منع قيادة المرأة للسيارة منعاً للفتنة و سداً للذرائع و إغلاقاً لباب الخطوات المتتالية التي توقع المرأة المسلمة في تدرج مهين حتى تخلع غطاء وجهها ! و تفقد حياءها و حشمتها ... و لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كلمات حول هذا الأمر حيث يقول حفظة الله : ( رحمة الله و أسكنه فسيح جنانه )
فقد كثرت الأسئلة عن حكم قيادة المرأة للسيارة . و الجواب :
لا شك أن ذلك لا يجوز ، لأن قيادتها للسيارة تؤدي إلى مفاسد كثيرة و عواقب و خيمة ، منها الخلوة المحرمة بالمرأة ، و منها السفور ، و منها الاختلاط بالرجال بدون حذر ، و منها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور . و الشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم و اعتبرها محرمة . و قد أمر الله جل و علا نساء النبي و نساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، و الحجاب ، و تجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع ، قال تعالى : { وَ قَرْنَ فِي بُيُوتكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكَاةَ وَ أَطِعْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ } [ الأحزاب : 33 ] الآية ، و قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَ بَنَاتِكَ وَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } [ الأحزاب : 59 ] ، و قال تعالى : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء ولا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور : 31 ] .
و قال النبي صلى لله عليه و سلم (( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما )) فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة و جعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة . و قيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك . و هذا لا يخفى ، و لكن الجهل بالأحكام الشرعية و بالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب و محبة الإباحية و التمتع بالنظر إلى الأجنبيات ، كل هذا بسبب الخوض في هذا الأمر و أشباهه بغير علم و بغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار ، و قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {33} } [ الأعراف : 33 ] و قال سبحانه : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {168} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {169} } [ البقرة : 168 ، 169 ] ، و قال صلى الله عليه و سلم : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) . و عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : (( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخير و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية و شر فجاء الله بهذا الخير ، فهل بعده من شر ؟ قال : (( نعم )) ، قلت : و هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : (( نعم و فيه دخن )) ، قلت : و ما دخنه ؟ قال : (( قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم و تنكر )) . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : (( نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها )) . قلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ قال : (( هم من جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا )) ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : (( تلزم جماعة المسلمين و إمامهم )) . قلت : فإن لم يكن لهم إمام و لا جماعة ؟ قال : (( فاعتزل تلك الفرق كلها و لو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت و أنت على ذلك )) [ متفق عليه ] .
و إني أدعو كل مسلم أن يتق الله في قوله و في عمله و أن يحذر الفتن و الداعين إليها و أن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل و علا أو يفضي إلى ذلك ، و أن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث الشريف . و قانا الله شر الفتن و أهلها و حفظ لهذه الأمة دينها و كفاها شر دعاة السوء ووفق كتاب صحفنا و سائر المسلمين لما فيه رضاه و صلاح أمر المسلمين و نجاتهم في الدنيا و الآخرة إنه ولي ذلك و القادر عليه . . و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم .
· كما سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين السؤال التالي :
أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة ، و ما رأيكم بالقول : (( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضرراً من ركوبها مع السائق الأجنبي )) ؟
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين :
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى المحرم فهو محرم .
القاعدة الثانية : أن درء المفاسد – إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم – مقدم على جلب المصالح .
فدليل القاعدة الأولى : قوله تعالى : { وَ لا تَسُبُّوا الَّلذِينَ يَدْعُونَ مِن دُون اللَّه فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ الأنعام : 108 ] فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين– مع أنه مصلحة – لأنه يفضي إلى سب الله تعالى .
و دليل القاعدة الثانية : قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْميْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ و مَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } [ البقرة : 219 ] و قد حرم الله الخمر و الميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما ، و بناءً على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة ، فمن مفاسدها :
نزع الحجاب ؛ لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة و محط أنظار الرجال ، و لا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا بوجهها ، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، و إذا قصد غيرة فلا بد من التقييد ، فيقال جميلة اليدين ، جميلة الشعر ، جميلة القدمين ، و بهذا عرف أن الوجه مدار القصد .
و ربما يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب بأن تتلثم المرأة و تلبس في عينيها نظارتين سوداوين .
و الجواب عن ذلك أن يقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة ، و اسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى ، و على فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فلن يدوم طويلاً ، بل سيتحول – في المدى القريب – إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة .
و من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، و الحياء من الإيمان – كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم ، و الحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة و تحتمي به من التعرض للفتنة ، و لهذا كانت مضرب المثل فيه فيقال : (( أحيا من العذراء في خدرها )) و إذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
و من مفاسدها : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت (( و البيت خير لها )) – كما قال ذلك أعلم الخلق بالخلق محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم – لأن عاشقي القيادة يرون فيها متعة ؛ و لهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا و هناك بدون حاجة ؟ لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .
و من مفاسدها : أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت و متى شاءت و حيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده ؛ لأنها وحدها في سيارتها . متى شاءت في أي ساعة ليل أو نهار و ربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل ، و إذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب فما بالك بالشابات ؟؟! . حيث شاءت يميناً و شمالاً في عرض البلد و طوله ، و ربما خارجه أيضاً .
و من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها و زوجها ، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه و تذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب و هو أقوى تحملاً من المرأة .
و من مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة :
· في الوقوف عند إشارات الطريق .
· في الوقوف عند محطات البنزين .
· في الوقوف عند نقطة التفتيش .
· في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث .
· في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء ( البنشر )
· في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق فتحتاج المرأة إلى إسعافها ، فماذا تكون حالتها حينئذ ؟ ربما تصادف رجلاً سافلاً يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها ، لا سيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .
و من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام الشوارع أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات و هو أحق بذلك من المرأة و أجدر .
يتبع
الروابط المفضلة