انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 1 من 1

الموضوع: لصوص الوقت ...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    Al.iRaQ
    الردود
    3,069
    الجنس
    ذكر

    لصوص الوقت ...




    لصوص الوقت ...


    علي الطنطاوي رحمه الله



    مقتطفات من الموضوع الأصلي


    ساعة من وقتي، هذا هو الموضوع الذي كنت أفتش عليه، لقد وجدته؟ الموضوع هو سرقة الوقت، والوقت هو العمر، وهو أعزّ شيء على الإنسان ولولا الوقت ما كسب مال، ولا حصل علم، ولا نال أحد دنيا، ولا ضمن أخرى، فهل في السرقات أفظع وأعظم من سرقة أوقات الناس. ومن منا لا يشكو منها ولا يتألم. ثم لا يستطيع أن يدفع ذلك، ولا يستطيع أن يشكو أمره إلى القاضي، لأن القانون جعل سرقة خمس ليرات جريمة يعاقب فاعلها، وترك من يسرق الوقت الذي يساوي ألف ليرة لا يعاقبه ولا يعاتبه.


    فماذا أصنع وكيف أفرّ من هؤلاء الذين يسرقون وقتي؟ آتي المحكمة منذ الصباح لأدقق في دعاوى اليوم. فيدخل عليَّ صديق ثقيل، لا يمنعه إغلاق الباب ولا بكور الوقت، فأحاول صرفه بالحسنى فأحادثه حتى أظن أني قد قمت بحقه، وأنه قد سكت فأنصرف إلى عملي، فلا أكاد أجمع ذهني وأقبل على أوراقي حتى يفتح فمه ويلقي الجوهرة (كيف الصحة) (الله يحفظكم الحمد لله بس الشغل كثير كل يوم نحو أربعين دعوى كما ترى، فأنا آتي باكراً لأدققها) وأقول في نفسي إنه لو كان حيواناً لفهم الآن. وأرجع لعملي مطمئناً فلا تمضي مدة حتى يلقي جوهرة أخرى (قضايا الطلاق كثيرة موهيك؟) فأجيب بما تيسر، ويسكت. فأعود إلى عملي فلا أن أكاد أستغرق فيه حتى، ينطق المحترم فيقول: (يمكن القضاء مزعج) فأنفزر وأنفجر وأنسى كل آداب الاجتماع وأصرخ فيه (بل أنت والله المزعج، مانك شايف شغل جاي تتسلى على حسابي) ويذهب يحدّث الناس بأني غليظ شرس، مغرور بالوظيفة، قليل التهذيب، ويشيع فيّ مقالة السوء.


    وأكون ماشياً في الطريق مستعجلاً مسرعاً إلى موعد لا بدّ منه، وقد قدرت أن أصل على الدقيقة، فيطلع عليّ غليظ كأنه مارد انشقت عنه الأرض، ويمد إليّ ليصافحني يداً كمجرفة الخباز التي يجرف بها الخبز من بيت النار، ويمضي ليحدثني حديثاً لا ينفعني ولا ينفعه، وإنما هو كلام فارغ امتلأت به نفسه، فلم يجد أحمق يصبه في أذنه لينفّس عن نفسه إلّا أنا ... أو يناديني من بعد ثلاثين متراً (أستاذ) فأتصامم وأسرع كأني ما سمعت، فيصرخ (يا أستاذ طنطاوي) ويتطوع ثلاثة على الأقل من المارين والواقفين فيعاونونه علي وينادون: يا أستاذ طنطاوي، فيصير الأستاذ الطنطاوي لا علماً في رأسه نار، بل شعلة مدخنة على عصا لها صوت، فهي تشغل السمع والبصر والشم والحمد لله على الشهرة ... وأقف أنتظر هذا الرجل الذي يناديني كأن له عليّ ديناً حان سداده، أو كأني مجرم فار وهو شرطي أمين ويصل فيقول:


    يا أستاذ وينك، والله مشتاق إليك، كيفك، كيف حالك ...


    وآخر يدهمني وأنا خارج من الدار إلى عملي أو موعدي ويرجعني لأقعد معه. فمتى يا ناس! يا أيها المستمعون والمستمعات! نعرف قيمة الوقت؟ ومتى نعلم أن من يسرق من آخر ساعة من وقته يكون كأنه سرق ديناراً من جيبه؟ ومتى نتأدب بآداب القرآن، ونذكر قوله تعالى: [لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتِكُم حتى تَسْتَأنِسوا] أي: تستأذنوا، وقوله: [وإن قيل لكم ارجِعوا فارجعوا ..] إلخ. آسف أن الإفرنج حفظوا آداب ديننا هذه ونحن نسيناها.
    ***


    من كتاب





    لتحميل الكتاب


    من هنا .......؟؟

    آخر مرة عدل بواسطة قطـرات : 04-01-2015 في 05:13 PM السبب: حذف رابط التحميل حفظا للحقوق

مواضيع مشابهه

  1. وفر الوقت والمال وتعلم من اي مكان وفي الوقت الذي يناسبك على ايدي خبراء عالميين وبإعتم
    بواسطة izdehar في حافز الوظائف والدورات التدريبية والمشاريع التجارية
    الردود: 0
    اخر موضوع: 30-05-2012, 01:42 PM
  2. وفر الوقت والمال وتعلم من اي مكان وفي الوقت الذي يناسبك على ايدي خبراء عالميين وبإعتم
    بواسطة izdehar في حافز الوظائف والدورات التدريبية والمشاريع التجارية
    الردود: 0
    اخر موضوع: 29-05-2012, 01:55 PM
  3. الردود: 53
    اخر موضوع: 16-08-2011, 04:27 AM
  4. تنظيم الوقت :: خطوات عملية للاستفادة من الوقت
    بواسطة دينه في نافذة إجتماعية
    الردود: 9
    اخر موضوع: 24-06-2009, 04:10 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ