السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العيب والحرام بين قوة المجتمع وقوة الدين
_______________________
بداية علينا التفريق بين معنى العيب ومعنى الحرام
فالعيب ينبع من عادات وتقاليد كل مجتمع على حدا سواء بعمر هذا المجتمع أو على حسب الفترة الزمنية الماضية أو الحالية
فبعض العيب في الماضي قد يكون أمرا عاديا الآن .. والعيب يستمد قوانينه من قواعد بشرية قد تسمى ذوقا أو أدبا أو مروءة
أما الحرام فهو مستمد من شريعة الله وواحد في كل المجتمعات وبالتالي لا يجوز تخطيه بل يجب علينا تجنبه وفاعله مؤاخذ شرعا
إذن فليس كل عيب حرام إنما كل حرام هو عيب ولا يجوز القيام به
وعلى سبيل المثال .. التدخين حرم شرعا بفتاوى علماء الدين وعلى الرغم من ذلك تجد الشاب لا يدخن أمام أبويه مثلا أو إخوته الكبار معتبرا أن ذلك عيبا كبيرا خائفا من انتقادهم له أو تعنيفه.. إنما يختلي بنفسه ليمارس تلك العادة السيئة غير آبها بأن الله معه هناك في خلوته
وكمثال على شرعية وحل أمر ما مع كونه في نظر الناس عيبا هو الاعتذار ممن طرق بابك وأنت غير مستعد لاستقباله فمباح شرعا عدم أو تأخير استقباله لحين التهيؤ لمقابلته بدليل قوله تعالى { يَـاأيـُّهَا الَّذِينَ آمنوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَدًا فلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا
هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} في حين أن ذلك يعتبر مجتمعيا سلوكا غير مقبول خال من الذوق واللياقة والتهذيب ويظهر هنا ضغط المجتمع فلا تجد شخصا يرفض مقابلة زائر مفاجئ لخوفه من الانتقاد
ويحدث الخلط كثيرا بين الاثنين حاليا وأحيانا تطغى كلمة العيب على ماهو محرم فيصبح الحرام اخف وطأة على أذن المتلقي من أن تقول له هذا عيب و يقابله بعدم اكتراث وقد يختلط مفهومه في ذهن السامع خاصة لو كان طفلا يجب اختيار كلامنا أمامه وإكسابه المفاهيم الصحيحة
وذلك نظرا لقلق الناس على مظهرهم الخارجي أو ماسيقال عنهم إن فعلوا كذا أو كذا وخوفهم من الانتقاد وبعضهم لا يكترث لذنب قد يكتسبه من وراء ذلك وبالتالي تطغى قوة المجتمع في هذه النقطة
ومثالا على ذلك .. قد يرى مجتمع ما أن بكاء الرجل يعتبر عيبا أو انتقاصا لرجولته في حين أنه ليس حراما بكل تأكيد ولإثبات ضغط المجتمع في تلك النقطة تجد الكثيرين فعلا من الرجال منصاعون لذلك بل ويغضبون إن بكى أحدهم أمامه مذكرين إياه برجولته ولا تدمع عيناه إلا وحده
ومايجب علينا فعله والانتباه له دوما خاصة في الأمور التربوية هو تقوية رد الفعل لدى السامع لكلمة حرام بحيث يفكر دوما قبل أي عمل يقوم به في مدى مشروعيته من الناحية الدينية وليس من الناحية المجتمعية أو الظاهرية فحسب فربه هو من سيحاسبه
وأيضا لا ينبغي أن نهمل العيب .. فمعظم مانقول عنه عيبا نابع من الرغبة في التأدب مع الآخرين وبالتالي أساس هام في التربية والتعامل بشكل عام
لذلك من المهم الفصل بين المفهومين ووضع كل منهما في موضعه الصحيح فلايصح أن نقول على ماهو حرام شرعا انه عيب فقط لأننا بذلك نفقده أهميته
وكذلك لا ينبغي أن نقول عن بعض العيب أنه حرام حتى لا نكسبه القدسية الدينية والتي تنشئ الفرد مختلا عن مجتمعه الذي يعيش فيه وقد تنقلب في تعاملاته مع الآخرين ومايقومون به من أفعال إلى مشكلات مسببة بذلك خللا في علاقات الفرد بالآخرين
بقلمي / Anfas Elfajer
:
الروابط المفضلة