دخلت متأخرة إلى أروقة ( الكلية ) فضجرت حارسة الأمن من تأخري ممادعاها إلى إحتجاز ( حقيبتي ) !!
سائني تصرفها فأرغمني على الإنصياع لها ثم تكريس الجهد لتدبير ورقة تٌخرجني من هذا المأزق .
وهذه الورقة بحوزة ( الإشراف ) !!
الذين كانوا خارج مكتبهم في ذلك الوقت !!
فسرت تائهة حتى استطعت أن أحصل على بعض الأغراض من دفاتر وأوراق من حقيبتي
المحتجزة على أن تبقى تلك الحقيبة رهناً لتيك ((الورقة)) !!!!!
ثم أمضيت مشوار ( التعاسة تلك الساعة ) بين مكاتب الشؤون لعلهم يقبلون بأعذاري الطبية من المستوصفات
الخاصة ، فأتنفس من خنق الحرمان لمادة ( ..)
ـــــــــــــــــــــــــــ
لاجدوى من تلك المحاولات !!
حينها .. أسرعت بخطى كئيبة علي أنال كرت الخروج من هذا المأزق ، فولجت مكتب الإشراف
وبعد ( التحقيق ) تمت إحالتي إلى حارسات الأمن لإكمال اللازم وإعادة الحقيبة ......
ومضت قرابة الساعتين وأنا في دوامة ( الأإشراف ، الأمن ، الشؤون ، الحرمان ) !!!
وفي هذه الأثناء قابلت إحدى رفيقاتي وبعد السلام :
( ....) مابالك وجهك الشاحب ينم عن مصيبة قد حلت بك ..
لاشيئ ، سوى هموم هذه الكلية !!!
سألتني :
هل قرأتي النعي على لوحة الإعلانات ..
ـ لاء ، ولمن هو !!
أجابت بحزن يملأ فؤادها :
بالأمس دخلت إحدى الفتيات في المستوى الثالث وضعت حقيبتها جانباً ثم بدأت بنزع عبائتها وفجأة ...
سقطت تلك الفتاة ممددة ففزع الجميع وهرعوا لإنقاذها وكانوا يظنون أنها في حالة إغماء لاغير .
واليوم كماترين تجلى الأمر واتضح بأن الفتاة سقطت ميتة بقضاء الله وقدره ..
لم أتمالك نفسي ثم وثبت حتى قرأت النعي ....
وتمثلت نفسي مكانها .
هل كنت أتوقع أن مكان وفاتي ( الكلية )
هل كنت أتوقع أن زمن وفاتي ( فترة الشباب الغض والنضر)
دارت في مخيلتي صورٌ أخرى حتى هانت علي كل ( صور الشقاء ) التي لاقيتها في صباح اليوم !!
رباه رحمةً من عندك ولطفاً بنا وحسن خاتمة ..
فلك الحمد ياربنا على قضاء ك وقدرك ....
تصورت في ذاك الحين أن كل طالبة من طالبات الجامعة ممن حضرن وفاتها
أو سمعن عن ذاك المشهد المؤثر !!
أن يراجعن أنفسهن وأن يبكين على ذنوبهن فالمنون قد خطف منهن واحدة فمن هي ياترى الثانية ؟؟
لكن ، عجبٌ أمر بعضهن !!
فقد سائني أن تجد منهن من تقرأ النعي وهي تضحك ببلاهة وتبلد !!
لاأقول لها .. يجب أن تبكي .. ولكني أقول :
هذا الموضع ليس موضع ضحك وتبلد إحساس ، فكثيرٌ من المارة عجب منهن وظن أنهن
يضحكن من النعي ، والظن حسن بإذن الله فيهن بأن تلك الضحكات كانت على أشياء أخرى ..
ربما ......
والأدهى من تقرأه لتضع مكان إسم الفتاة رحمها الله إسم صديقاتها لتدوي ضاحكة
مع الأخريات ببلاهة وغباء !!!!!!!!!!
غالياتي ..
لنتأمل قليلاً :
تلك الفتاة النضرة .. مازالت في ربوع الشباب الغض ... لها أحلامها .. وآمالها
تغدو وتروح على الكلية وتجمع المناهج وتجالس صويحباتها..
وربما كانت لها أحلامٌ أخرى لايعلمها سوى خالقها ...
وفي لحظةِ خاطفة أرداها المنون في جنبات صرحها الشامخ
تحملها أكتاف الطالبات حتى تصل إلى أهلها .
وكيف هو حالهم .. فقد خرجت منهم سليمةً معافاة ، تحمل حقيبتها
وبعض أدواتها ...... وبعد دقائق تعود إليهم جثةٌ هامدة لاحراك فيها ..
( فلتضع كل واحدة منا نفسها في ذاك المقام ، ولتتمثل ذلك حتى يرق قلبها ويرجع منيباً إلى مولاه )
أسأل الله الكريم بفضله ومنه أن يتغمد الفتاة بواسع رحمته وأن ينير عليهاقبرها
وأن ييسر حسابها وأن يثبتها على القول الثابت ..
اللهم أمن روعها وآنس وحشتها ونور قبرها ياحي ياقيوم ..
اللهم آآآآآآآمين ..
يامن بدنياه إنشغل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل
الروابط المفضلة