عقلك الباطن
ما هو العقل الباطن أو اللاواعي؟ في دراسة شهيرة قام العالم الروسي بافلوف بدق جرس كلما قدم الطعام لكلبه – وبعد فترة بدأ لعاب الكلب يسيل كلما سمع الجرس حتى لو لم يكن هناك أي طعام. لقد ربط الكلب بطريقة لا واعية بين الجرس والطعام فبدأ لعابه يسيل! إعلانات السجائر تصل إلى عقلنا الباطن وتخلق ارتباطا خفيا بين إدمان السجائر والصور الإيجابية القوية لأناس يتمتعون بالجاذبية والصحة، ولرياضات مثل التنس أو تسلق الجبال، والمشاهد الريفية الجميلة، ورعاة البقر وهم يتجمعون حول نار المعسكر أو وهم يمتطون الجياد، وصورة "الإنسان الحقيقي" وغيرها من الصور. منذ عام 2000 قامت شركات التبغ بإنفاق ما يزيد على 5 مليار دولار سنويا على الإعلان عن منتجاتها القاتلة. ألا يدق ذلك ناقوس خطر ما؟! إنها أموال تنفق لاستمالة أبنائنا.
والعقل الباطن للمدخن يقوم أيضا بعمل العديد من الارتباطات الجذابة مع التدخين، مثل مشاهدة الدخان وهو يلتف ويتصاعد ببطء، وضع السيجارة بين الشفتين، سحب نفس وطرده في ارتخاء وتكاسل، التعامل بشكل تلقائي مع السيجارة، وكلها تمثل جزءا أساسيا في الإدمان النفسي للتبغ، ولهذا فكثيرا ما يشعر أولئك الذين يحاولون الإقلاع أنهم سيفقدون صديقا عزيزا.
خلال عملية الإقلاع يبدأ تشكيل العادات الجديدة لغير المدخن، ويبدأ العقل الباطن للمدخن السابق في التعود تدريجيا على أن يصبح غير مدخن بينما تأخذ الرغبة في التدخين تتلاشى ببطء.
النقاط الهامة
حاول قدر جهدك أن تتبع أكبر عدد ممكن من هذه النقاط، فهي نفس النقاط التي تتبعها معظم برامج ومنتجات الإقلاع عن التدخين الجيدة، وهناك اعتراف واسع أنها جزء أساسي وضروري من عملية إقلاع ناجحة.
استخدام اللصقة أو عقار الزايبان بدون اتباع النقاط التالية سيقلل فرصك في الإقلاع نهائيا هذه المرة.
التنفس العميق ربما كان ذلك أهم وأقوى وسيلة للإقلاع. كل مرة تشعر فيها بأنك ترغب في تدخين سيجارة، قم بفعل مايلي ثلاث مرات:
خذ نفسا عميقا يملأ رئتيك بأكبر قدر ممكن من الهواء ثم قم بطرد ذلك النفس بكل بطء. ضم شفتيك بحيث لا يخرج الهواء بسرعة.
أثناء الزفير اغلق عينيك واترك ذقنك تغوص تدريجيا على صدرك. تصور كل التوتر وهو يغادر جسدك وينسحب ببطء من أناملك وأصابع قدميك ويخرج منسابا إلى الخارج.
هذه طريقة لا تختلف كثيرا عن طريقة قديمة لليوجا من الهند وهي تتميز بالتركيز والاسترخاء. إذا استطعت القيام بها فستتمكن من استخدامها في أي موقف متوتر قد يواجهك في المستقبل وستكون أعظم سلاح لديك خلال فترات الرغبة التي ستهاجمك حتما على مدى الايام القليلة المقبلة.
التنفس العميق وسيلة ستعود عليك بفائدة جمة. اقرأ هذه النقطة مرة أخرى الآن وبينما تفعل ذلك حاول أن تجربها لأول مرة. خذ نفسا عميقا ثم اطرده ثلاث مرات. وتأكد بنفسك!
في الأيام القليلة الأولى اشرب الكثير من الماء والسوائل لتساعد الجسم على طرد النيكوتين والسموم الأخرى.
تذكر أن الرغبة في التدخين لا تدوم سوى لعدة دقائق ثم تزول. فترات الرغبة ستتباعد أكثر وأكثر بمرور الأيام.
حاول على قدر استطاعتك أن تبتعد عن الكحوليات والسكريات والقهوة في أول أسبوع أو أكثر حيث أنها كثيرا ما تنبه الرغبة في التدخين. تجنب الأطعمة الدسمة حيث أن عمليات الجسم الحيوية ستبطئ قليلا بسبب عدم وجود النيكوتين وربما زاد وزنك حتى إذا كنت تأكل نفس القدر من الطعام الذي كنت تتناوله قبل الإقلاع عن التدخين، ولهذا فإن نظام الطعام على درجة كبيرة من الأهمية الآن. من قال أن اكتساب عادات جديدة سيكون سهلا؟!
تناول الكثير من الأطعمة ذات السعرات المنخفضة مثل الخس والتفاح والجزر. أو امضغ اللبان (العلكة) أو قم بلعق عصي القرفة.
خذ وقتك وأنت تتناول طعامك وامضغ ببطء وانتظر قليلا بين كل قضمة وأخرى.
بعد العشاء بدلا من أن تدخن سيجارة متع نفسك بفنجان من الشاي أو حلوى النعناع.
في إحدي الدراسات وجد أن حوالي 25% ممن يقلعون عن التدخين يجدون فائدة كبيرة في البدائل المأكولة، ولكن 25% أخرى لم ترق لهم الفكرة على الإطلاق – لأنهم أرادوا وضع نهاية حاسمة للسجائر، أما الآخرون فكانوا غير متأكدين. لقد وجدتُ أنا شخصيا أن استخدام بدائل السيجارة قد أفادني كثيراً، وبخاخة النيكوتين (التي يصفها الطبيب) تعتبر وسيلة جيدة أيضا: فهي سيجارة قصيرة من البلاستيك توجد بداخلها كبسولة نيكوتين يمكن استبدالها.
الوسيلة الأبسط هي عصي القرفة المعلبة وهي متاحة في جميع محال السوبر ماركت، ولقد استخدمتها كل مرة أقلعت فيها عن التدخين وكانت عونا كبيراً لى فلقد كنت أمضغها واستنشق الهواء عبرها واتعامل معها كما لو كانت سجائر، وبعد فترة تصبح متآكله من الطرف الآخر. ربما فضل آخرون البدء بعصا جديدة، وذات مرة سألني شخص: "المعذرة، هل هذه عصا متفجرة في فمك؟" فأجبت بأنني أحاول الإقلاع عن التدخين – عندها ابتسموا وأظهروا مساندتهم لي. ولحسن الحظ لم أكن بحاجة إلي عصي القرفة بعد الثلاثة أيام الأولى من حياتي بدون تدخين.
اذهب إلى نادٍ رياضي واجلس في البخار وقم بالتدريب. غير من روتينك المعتاد – قم بالمشى أو حتى الركض حول المبني أو حديقة قريبة.
أطلب مساعدة زملائك وأصدقائك وأفراد عائلتك. أطلب منهم أن يكونوا متسامحين معك وعرفهم أنك تحاول الإقلاع عن التدخين وأنك ربما تصبح متوترا أو متأزما لبضعة أيام. إذا لم تطلب العون فلن تحصل عليه بالقطع. أما إذا طلبت المساعدة فستفاجأ بمقدار المساعدة التي ستحصل عليها. جرب وسترى!
أطلب من أصدقائك وأفراد عائلتك عدم التدخين في حضورك. لا تخف أن تطلب فهذا الموضوع أكثر أهمية مما تتصور.
في اليوم الذي تقلع فيه عن التدخين قم بإخفاء جميع طفايات السجائر. دمر كل سجائرك ويفضل أن تفعل ذلك باستخدام الماء حتى لا يصبح أي جزء منها صالحا للتدخين.
أكتب عشرة أشياء جيدة حول حياة غير المدخن – ثم اكتب عشرة أشياء سيئة حول التدخين. إفعل ذلك، فهو يساعدك.
لا تدعي أن التدخين لم يكن ممتعاً – لأنه كان كذلك. ومثل حالة فقدان صديق عزيز فمن المقبول أن تشعر بالحزن على ذلك الفقدان. أشعر بالحزن ولا تقلق فهذا شىء عادي. إذا شعرت فستشفي. استمر وستنجح.
ردد لنفسك بهدوء عدة مرات في اليوم "أنا غير مدخن". الكثيرون ممن يقلعون عن التدخين يعتبرون أنفسهم مدخنين وإن كانوا قد توقفوا عن التدخين لحظيا، فصورتهم لذاتهم هي صورة المدخن الذي مازال يرغب في تدخين سيجارة. عندما تردد لنفسك في هدوء جملة "أنا غير مدخن" سيساعدك ذلك حتى وإن بدا سخيفاً بالنسبة لك. لاتتردد في استخدام هذه الطريقة!
ربما كانت هذه أهم نقطة ضمن كل النقاط. في المرحلة الثانية وهي الفترة التي تبدأ بعد بضعة أسابيع من التوقف عن التدخين تقل الرغبة في التدخين بطريقة ملحوظة. ولكن من الحيوي إدراك أنه من وقتٍ لآخر ستفاجئك رغبة شديدة في تدخين "سيجارة واحدة"، وسيحدث ذلك فجأة وبدون توقع خلال لحظات التوتر سواء كان التوتر سلبيا أم إيجابيا (في حفل أو خلال الإجازة). إذا لم تكن مستعدا للمقاومة فإن الاستسلام إلى "سيجارة واحدة فقط" سيقودك إلى التدخين مرة أخرى.
تذكر السر التالي: في هذه النوبات المفاجئة خلال المرحلة الثانية – وهذه النوبات ستأتي حتما – قم بالتنفس العميق وانتظر لمدة خمس دقائق وستزول هذه الرغبة.


التوقف المفاجئ أم الإقلاع التدريجي؟
هذا خيار شخصي. قم بما تعتبره الأفضل بالنسبة لك. إنهاء التدخين هو برنامج تدريجي للإقلاع عن التدخين ولكنني لم أكن أبدا واحدا ممن يستطيعون الإقلاع عن طريق تقليل التدخين تدريجيا، وإن كان ذلك قد ينجح مع البعض، فلقد آمنت دائما بالحلول القاطعة.
كنت دائما أقلع عن التدخين يوم السبت، وهو يوم عمل عادي أكون خلاله منشغلا بالعمل، ومهماتي اليومية العادية مألوفة بالنسبة لي مما ساعدني في أن أعبر الأيام الأولى الصعبة والتي كانت دائما أكثر الأشياء صعوبة بالنسبة لي.
لقد حاولت في إحدى المرات أن أقلع خلال العطلة، ولكننى لم أجد ما أفعله سوى التفكير طوال اليوم في التدخين. لقد فشلت تلك المرة – ولقد زادت العطلة بكل ما تمثله من ضغط إيجابي من توتري بسبب الإقلاع. ستجد المزيد من المعلومات حول الضغوط الإيجابية في الجزء التالي وهو جزء شديد الأهمية. استمر من فضلك في القراءة!
المرحلة الثانية
الاستمرار بدون تدخين وعدم الانتكاس
هذا هو أهم سر أشاركك فيه وربما كان من أهم المعلومات في هذه الصفحة.
بعد أن تتناقص الرغبة في التدخين وتصبح أقل إلحاحا فإن بعض النوبات المفاجئة لا شك ستداهمك بعد انقضاء أسابيع أو شهور قليلة من امتناعك عن التدخين.
عندما داهمتنى تلك الرغبات التي كانت تقريبا أقوى من قدراتي على التحكم فيها (وكانت دائما ما تأتي في لحظات غير متوقعة) عرفت أنني إذا قمت بالتنفس العميق (كما هو موضح أعلاه) وإذا استطعت أن أتمالك نفسي لمدة خمس دقائق فقط، فإن الرغبة الملحة في التدخين ستتلاشى تماما.
هذا هو أهم درس تعلمته على الإطلاق، وتعلمته بالطريق الصعب، حول كيف أقلع عن التدخين بنجاح.
فلتعلم إذن أن تلك الرغبات التي لايمكن التحكم فيها ولا يمكن مقاومتها تقريبا لتدخين "سيجارة واحدة" ستداهمك وتفاجئك مثل رياح عاصفة لا تدري من أين تهب، وسوف يحدث لك ذلك مرة أو مرات في الشهور التالية.
كل مرة يحدث ذلك خذ نفسا عميقا (كما هو موضح أعلاه) وتمالك نفسك لمدة خمس دقائق – أنت تستطيع ذلك – وستتلاشي الرغبة تماما.
لدي اقتناع أن ذلك هو أهم سر للإقلاع عن التدخين والاستمرار كذلك مدى الحياة.

ملاحظة لغير المدخنين
إذا كنت تعيش مع مدخن أو كان لديك صديق حميم من المدخنين فلا تؤنبه كثيرا على تلك العادة! (تستطيع التذمر إذا دخن داخل المنزل أو على مقربة منك حيث أن التدخين السلبي يؤذيك – ولكن لا تلح عليه أن يقلع، فهناك فرق كبير!).
تستطيع أن تطلب من أحبائك وبشكل مختصر – مختصر جدا – أن يقلعوا عن التدخين ثلاث مرات في السنة فقط وعليك أن تستخدم نبرة محبة ودافئة جدا وأنت تطلب منهم ذلك. (حاول أن تغلف طلبك بمديح صادق لهم)، وكن موجزا فربما أصبحوا أكثر استعداد للاستماع لنصيحتك.
ولكنك إذا تكلمت أكثر من ثلاث مرات في السنة فستصبح شخصاً مزعجاً وإنساناً لحوحاً، وسيغضب صديقك المدخن منك حتى أنه ربما استمر في التدخين لإغاظتك، هنا ستكون قد ضيعت الفرصة. إنني أناشد غير المدخنين أن يحترموا أحباءهم المدخنين وأن يعاملوهم كأناس ناضجين.
إذا أزعجك أحباؤك لا تقع في الفخ القديم بإيذاء نفسك والاستمرار في التدخين بسبب غضبك منهم، وبدلا من ذلك عرفهم بحقيقة شعورك.
إذا شعرت ... شُـفيت
مثال: أفضل وسيلة للشفاء والصحة هي أن تدع أحزانك تأخذ مسارها حتى النهاية، فهذا أفضل من دفنها أو حملها داخلك لسنوات طويلة، فهذا هو جوهر العلاج النفسى الناجح، ونفس الشىء ينطبق على الغضب. دع غضبك يخرج بجرعات صغيرة معقولة ومعتدلة هنا وهناك خلال مسيرتك، فهذا أفضل من أن يتراكم ثم ينفجر في نوبة من الغضب الشديد.
حقيقة الأمر أنك تستمتع بالتدخين بل وتشعر بالراحة معه، ولا تدعنا نكذب حول ذلك فالإقلاع عن التدخين أشبه بفقدان صديق عظيم وعزيز وسوف تجد نفسك تعاني من الحزن قليلا، وهذا شىء طبيعى ومقبول.
ولكنك إذا لم تقلع و"تحزن" الآن، فإن هذا الصديق العزيز سوف ينقلب ضدك ويقتلك في يوم من الأيام، فالتدخين من الناحية الإحصائية يشبه لعبة مسدس الحظ الروسية ولكن بدلا من وضع رصاصة واحدة في المسدس توضع رصاصتان: إذا دخنت فهناك احتمال 40% أن تموت بسبب تلك العادة، هذا بالإضافة إلى أنك مضطر إلى الخروج في الهواء معظم الوقت عندما تدخن.
في العقود القادمة سوف ننظر خلفنا إلى التدخين كظاهرة مرتبطة بقرن مضى، فنحن نعرف من الإحصاءات أن العادة لاتبدأ إلا مع الأطفال والمراهقين فقط، حكوماتنا تقوم بسن القوانين التي تجعل حصول الشباب على السجائر أكثر صعوبة، وأخيرا سوف يأتى يوم لن يكون هناك تدخين إطلاقا، ولن تكون فيه وفيات أو أمراض أو عائلات في العالم أجمع تحزن بسبب التدخين.