التدخين هو المسبب الوحيد للوفيات والأمراض الذى نستطيع منعه بدرجة كبيرة من النجاح، والسجائر تسبب وفيات أكثر من الكوكايين وحوادث السيارات ومرض الإيدز وإدمان الكحوليات والهيروين والحرائق والانتحار والقتل مجتمعة.
وفى جميع أرجاء العالم يؤدى استهلاك التبغ إلى وفيات تصل إلى مليونين أو ثلاثة ملايين كل عام، ومن بين مدخني العالم الذي يصل عددهم إلى 1.2 مليار مدخن سيلقى 500 مليون حتفهم بسبب التدخين طبقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، مما يعني أن 9% من الأحياء الآن سيموتون بسبب السجائر.
فى معظم الأحيان لا يكون قرار التدخين قرارا يتخذه أناس ناضجون، فستون بالمائة من المدخنين يبدءون التدخين قبل أن يصلوا إلى سن الثامنة عشر، و90% من المدخنين يكونون قد وصلوا إلى حالة إدمانٍ شديدة قبل أن يصلوا إلى سن التاسعة عشر.
ليس بسر أن النيكوتين لا يقل في تأثيره الإدماني عن كل من الهيروين والكوكايين، ومع ذلك فشركات التبغ تنفق مليارات الدولارات على الإعلانات سنويا.
ومن سوء الحظ أن إعلانات السجائر مازالت منتشرة في العالم العربي على الرغم من جميع المشاكل الصحية المرتبطة بالتدخين.
أهم خطوة تأخذها هي الخطوة الأولى –
اعترف أنك واقع في مشكلة إدمان
عندما تـُسأل لماذا تدخن فلربما أجبت: "أشعر بمتعة في التدخين" أو "التدخين هو خياري الحر".
لقد روجت شركات التبغ لفكرة أن التدخين يعود إلى حريتنا الشخصية في الاختيار، ولكن من وجهة نظرى أنا فليس هناك ارتباط بين التدخين والاختيار الحر كما تود تلك الشركات الإيحاء به لعملائها.
اسأل نفسك بكل صدق: هل أنا مدمن للتبغ؟ هل اتخذ قراري بكل حريتي عندما أدخن؟
ربما تعتقد أنك تحتاج فقط إلى تدخين سيجارة، ولقد أظهرت الدراسات أن إدمان النيكوتين يساوي في صعوبة التغلب عليه إدمان الهيروين والكوكايين.
إن شركات التبغ تقوم بالإيحاء إلى المدخنين أن التدخين هو اختيار شخصي وبهذا فهي تسعى إلى الإبقاء على عملائها في حالة إنكار فيما يخص المدى الحقيقي لإدمانهم، وإذا كان التدخين ينبع حقا من الاختيار الحر فما الداعي إلى الإسراع في الإقلاع عنه؟ لقد استخدمت شركات التبغ هذا المنطق المعوج لتشجع الملايين من عملائها على شراء تلك المنتجات القاتلة.
إذا اعترفتَ أنك تدخن بسبب الإدمان أكثر منه بسبب الاختيار الحر فسوف يعطيك ذلك حافزاً أكبر على الاستمرار في الخطوات التالية – ألا وهي أن تتحكم في نفسك لتصبح غير مدخن.
هذا الاعتراف سوف يساعدك أيضا على البقاء بدون تدخين لاحقا، ففي الشهور والسنوات التي تعقب إقلاعك عن التدخين عندما تتعرض إلى إغراءات شديدة من وقت لآخر – وستتعرض لها حتما – فتذكر "أنا مدمن وليست عندي القدرة على مقاومة التبغ". عندما تقول ذلك لنفسك في لحظات الضعف تلك سيساعدك ذلك أن تجد القوة لتقول "لا" لمنطق سيجارة "واحدة فقط".
إذا استطعت المقاومة لمجرد خمس دقائق فقط بدون أن تستسلم فستستطيع التحكم في رغبة التدخين، ومن ثم ستختفي تلك الرغبة وتستطيع أن تحيا حياة خالية من التدخين.
بالنسبة لي هناك مرحلتان مميزتان تماما وإن كانتا على درجة متساوية من الأهمية للإقلاع عن التدخين:
المرحلة الأولى – الإقلاع بمساعدة
المرحلة الثانية – الاستمرار بدون تدخين وعدم الانتكاس

المرحلة الأولى:
الإقلاع بمساعدة
عند الإقلاع عن التدخين يكون الأشخاص الناجحون في حياتهم هم الذين يحصلون عادة على العون، بل الكثير من العون.
على سبيل المثال قد يقرءون حول كيفية الوقاية من الأمراض ولكنهم يذهبون إلى الطبيب عند الشعور بتوعك. في قطاع الأعمال يقوم رجل الأعمال باستحضار محام لكتابة العقود، وشركة تسويق للقيام بأعمال التسويق، ووكالة إعلانية لعمل الإعلانات، ومحاسب للقيام بالأعمال المحاسبية وغيرها. وحقيقة الأمر أن الأناس الناجحين في الحياة يطلبون العون والمساعدة، والرجل الحقيقي يطلب العون لكي يحدد أي اتجاه يذهب.
وبالنسبة لأولئك الذين حاولوا مرارا و تكرارا أن يقلعوا عن عادة التدخين في الماضي ربما كان من دواعي راحتهم أن يعرفوا أن معظم المدخنين يفشلون في الواقع عدة مرات قبل أن يقلعوا بنجاح عن تلك العادة، ففشلك السابق لا ينبغي أن يبرهن على عدم قدرتك على الإقلاع، بل على العكس من ذلك يجب أن يكون جزءا من المسيرة المألوفة نحو التحول إلى إنسان غير مدخن.
لقد فشلتُ أنا بالفعل – إحدى عشرة مرة، وكل مرة فشلتُ فيها فقدتُ جزءا أكبر من ثقتي في قدرتي على الإقلاع، وفي كل مرة أقلعتُ فيها أصبحت المحاولة لتحفيز ذاتي لتحديد موعد أصعب وأصعب لدرجة أنني بدأت أشعر أن حالتي ميئوس منها.
إن هدفي هنا هو أن أعيد لك ثقتك بذاتك، فأنت تستطيع الإقلاع عن التدخين حتى إذا كنت قد فشلت عدة مرات في الماضي وعليك أن تدرك أن ذلك وضع عادي وأنك لست وحيدا في ذلك.
ما تحتاج إليه هو أن تقوي إرادتك وتصميمك وأن تحاول مرة أخرى. أنت تستطيع ذلك! بعض الطرق الأخرى المعروفة والتي يقرها الأطباء هي: بديل النيكوتين وعقار زايبان، فلصقة النيكوتين موجودة حاليا في جميع الصيدليات ويمكن شراؤها بدون وصفة طبيب، أما عقار الزايبان المضاد للاكتئاب وبخاخة النيكوتين فيحتاجان إلى وصفة الطبيب.
لا أدعي أو أعد أن العملية ستكون سهلة – لأنها لن تكون كذلك، فاجمع كل تصميمك وإرادتك لأنك ستحتاج إليهما! وستنجح!
لا تتساءل "هل سينجح هذا البرنامج؟" ولكن اسأل ذاتك "هل أنا على استعداد للقيام بهذا العمل؟" وأنت تعرف كيف تقوم بتلك المهمة، أليس كذلك؟ إنني أراهن أنك تعرف.
ملاحظة حول إعلانات التبع
إذا سألت العديد من المراهقين سيقولون لك أن إعلانات التبغ لاتترك أي أثر في نفوسهم، ولكن الدراسات الحديثة تفيد بأن الإعلان يلعب دورا في دفع المراهقين نحو التدخين أكبر حتى من الدور الذي يلعبه ضغط الأقران.
وتوضح دراسة حديثة أن الأنواع التي يتم الإعلان عنها بكثافة هي نفس تلك الأنواع التي يدخنها معظم المراهقين – مثل مارلبورو على سبيل المثال، وهذه ليست مصادفة فإعلانات السجائر تؤثر تأثير واضحا على أبنائنا المراهقين. وإعلانات التبغ قد لا تؤثر على عقلنا الواعي – ولكنها تؤثر بالتأكيد على عقلنا الباطن.
عقلك الباطن
ما هو العقل الباطن أو اللاواعي؟ في دراسة شهيرة قام العالم الروسي بافلوف بدق جرس كلما قدم الطعام لكلبه – وبعد فترة بدأ لعاب الكلب يسيل كلما سمع الجرس حتى لو لم يكن هناك أي طعام. لقد ربط الكلب بطريقة لا واعية بين الجرس والطعام فبدأ لعابه يسيل! إعلانات السجائر تصل إلى عقلنا الباطن وتخلق ارتباطا خفيا بين إدمان السجائر والصور الإيجابية القوية لأناس يتمتعون بالجاذبية والصحة، ولرياضات مثل التنس أو تسلق الجبال، والمشاهد الريفية الجميلة، ورعاة البقر وهم يتجمعون حول نار المعسكر أو وهم يمتطون الجياد، وصورة "الإنسان الحقيقي" وغيرها من الصور. منذ عام 2000 قامت شركات التبغ بإنفاق ما يزيد على 5 مليار دولار سنويا على الإعلان عن منتجاتها القاتلة. ألا يدق ذلك ناقوس خطر ما؟! إنها أموال تنفق لاستمالة أبنائنا.
والعقل الباطن للمدخن يقوم أيضا بعمل العديد من الارتباطات الجذابة مع التدخين، مثل مشاهدة الدخان وهو يلتف ويتصاعد ببطء، وضع السيجارة بين الشفتين، سحب نفس وطرده في ارتخاء وتكاسل، التعامل بشكل تلقائي مع السيجارة، وكلها تمثل جزءا أساسيا في الإدمان النفسي للتبغ، ولهذا فكثيرا ما يشعر أولئك الذين يحاولون الإقلاع أنهم سيفقدون صديقا عزيزا.
خلال عملية الإقلاع يبدأ تشكيل العادات الجديدة لغير المدخن، ويبدأ العقل الباطن للمدخن السابق في التعود تدريجيا على أن يصبح غير مدخن بينما تأخذ الرغبة في التدخين تتلاشى ببطء.
النقاط الهامة
حاول قدر جهدك أن تتبع أكبر عدد ممكن من هذه النقاط، فهي نفس النقاط التي تتبعها معظم برامج ومنتجات الإقلاع عن التدخين الجيدة، وهناك اعتراف واسع أنها جزء أساسي وضروري من عملية إقلاع ناجحة.
استخدام اللصقة أو عقار الزايبان بدون اتباع النقاط التالية سيقلل فرصك في الإقلاع نهائيا هذه المرة.
التنفس العميق ربما كان ذلك أهم وأقوى وسيلة للإقلاع. كل مرة تشعر فيها بأنك ترغب في تدخين سيجارة، قم بفعل مايلي ثلاث مرات:
خذ نفسا عميقا يملأ رئتيك بأكبر قدر ممكن من الهواء ثم قم بطرد ذلك النفس بكل بطء. ضم شفتيك بحيث لا يخرج الهواء بسرعة.
أثناء الزفير اغلق عينيك واترك ذقنك تغوص تدريجيا على صدرك. تصور كل التوتر وهو يغادر جسدك وينسحب ببطء من أناملك وأصابع قدميك ويخرج منسابا إلى الخارج.
هذه طريقة لا تختلف كثيرا عن طريقة قديمة لليوجا من الهند وهي تتميز بالتركيز والاسترخاء. إذا استطعت القيام بها فستتمكن من استخدامها في أي موقف متوتر قد يواجهك في المستقبل وستكون أعظم سلاح لديك خلال فترات الرغبة التي ستهاجمك حتما على مدى الايام القليلة المقبلة.
التنفس العميق وسيلة ستعود عليك بفائدة جمة. اقرأ هذه النقطة مرة أخرى الآن وبينما تفعل ذلك حاول أن تجربها لأول مرة. خذ نفسا عميقا ثم اطرده ثلاث مرات. وتأكد بنفسك!
في الأيام القليلة الأولى اشرب الكثير من الماء والسوائل لتساعد الجسم على طرد النيكوتين والسموم الأخرى.
تذكر أن الرغبة في التدخين لا تدوم سوى لعدة دقائق ثم تزول. فترات الرغبة ستتباعد أكثر وأكثر بمرور الأيام.
حاول على قدر استطاعتك أن تبتعد عن الكحوليات والسكريات والقهوة في أول أسبوع أو أكثر حيث أنها كثيرا ما تنبه الرغبة في التدخين. تجنب الأطعمة الدسمة حيث أن عمليات الجسم الحيوية ستبطئ قليلا بسبب عدم وجود النيكوتين وربما زاد وزنك حتى إذا كنت تأكل نفس القدر من الطعام الذي كنت تتناوله قبل الإقلاع عن التدخين، ولهذا فإن نظام الطعام على درجة كبيرة من الأهمية الآن. من قال أن اكتساب عادات جديدة سيكون سهلا؟!
تناول الكثير من الأطعمة ذات السعرات المنخفضة مثل الخس والتفاح والجزر. أو امضغ اللبان (العلكة) أو قم بلعق عصي القرفة.
خذ وقتك وأنت تتناول طعامك وامضغ ببطء وانتظر قليلا بين كل قضمة وأخرى.
بعد العشاء بدلا من أن تدخن سيجارة متع نفسك بفنجان من الشاي أو حلوى النعناع.
في إحدي الدراسات وجد أن حوالي 25% ممن يقلعون عن التدخين يجدون فائدة كبيرة في البدائل المأكولة، ولكن 25% أخرى لم ترق لهم الفكرة على الإطلاق – لأنهم أرادوا وضع نهاية حاسمة للسجائر، أما الآخرون فكانوا غير متأكدين. لقد وجدتُ أنا شخصيا أن استخدام بدائل السيجارة قد أفادني كثيراً، وبخاخة النيكوتين (التي يصفها الطبيب) تعتبر وسيلة جيدة أيضا: فهي سيجارة قصيرة من البلاستيك توجد بداخلها كبسولة نيكوتين يمكن استبدالها.
الوسيلة الأبسط هي عصي القرفة المعلبة وهي متاحة في جميع محال السوبر ماركت، ولقد استخدمتها كل مرة أقلعت فيها عن التدخين وكانت عونا كبيراً لى فلقد كنت أمضغها واستنشق الهواء عبرها واتعامل معها كما لو كانت سجائر، وبعد فترة تصبح متآكله من الطرف الآخر. ربما فضل آخرون البدء بعصا جديدة، وذات مرة سألني شخص: "المعذرة، هل هذه عصا متفجرة في فمك؟" فأجبت بأنني أحاول الإقلاع عن التدخين – عندها ابتسموا وأظهروا مساندتهم لي. ولحسن الحظ لم أكن بحاجة إلي عصي القرفة بعد الثلاثة أيام الأولى من حياتي بدون تدخين.
اذهب إلى نادٍ رياضي واجلس في البخار وقم بالتدريب. غير من روتينك المعتاد – قم بالمشى أو حتى الركض حول المبني أو حديقة قريبة.
أطلب مساعدة زملائك وأصدقائك وأفراد عائلتك. أطلب منهم أن يكونوا متسامحين معك وعرفهم أنك تحاول الإقلاع عن التدخين وأنك ربما تصبح متوترا أو متأزما لبضعة أيام. إذا لم تطلب العون فلن تحصل عليه بالقطع. أما إذا طلبت المساعدة فستفاجأ بمقدار المساعدة التي ستحصل عليها. جرب وسترى!
أطلب من أصدقائك وأفراد عائلتك عدم التدخين في حضورك. لا تخف أن تطلب فهذا الموضوع أكثر أهمية مما تتصور.
في اليوم الذي تقلع فيه عن التدخين قم بإخفاء جميع طفايات السجائر. دمر كل سجائرك ويفضل أن تفعل ذلك باستخدام الماء حتى لا يصبح أي جزء منها صالحا للتدخين.