زيارة المسجد النبوي .. اتباع أم ابتداع ؟!!
ما إن يعزم المسلم على السفر إلى مكة لأداء العمرة أو الحج إلا ويهفو قلبه إلى زيارة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، تلك المدينة العظيمة التي استقبلت نبي الهدى صلى الله عليه وسلم فآوته ونصرته، وانطلقت منها مشاعل الهدى إلى أنحاء المعمورة ، ثم لم تلبث أن ضمت بين جنباتها خير البرية صلوات الله وسلامه عليه وعدد من خيرة أصحابه رضوان الله عليهم .
ولئن كان الحجاج والمعتمرين يبذلون الأموال لزيارة الحرم المكي فإن حرصهم على زيارة المسجد النبوي لا يكاد يختلف وشوقهم لتلك الزيارة لا يمكن أن يضعف .
ولما كانت زيارة المسجد النبوي بهذه المنزلة في نفوس الناس ، وحبهم للمدينة يحتل مكانة كبيرة كان من المناسب ذكر ما بعض الأخطاء التي يجب على الزائر اجتنابها والحذر من الوقوع فيها لمخالفتها شرع الله جل وعلا، فمن ذلك:
شد الرحال بقصد الزيارة للقبر فقط
كثير من الزوار يعقد في نيته شد الرحال والسفر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أول خطأ يقع فيه الكثيرون ذلك أن الإسلام حرم شد الرحال إلى القبور بل إنه حرمها حتى على غيرها كالمساجد ونحوها ولم يشرعها إلى إلا ثلاثة مساجد فقط فقد ثبت في الحديث الذي رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" رواه ابن ماجة وصححه الألباني
فالواجب على الزائر أن يعقد في نيته زيارة المسجد النبوي وليس القبر.
التمسح بجدران الغرفة والتبرك بها
تأخذ العاطفة كثير من الناس فتبعدهم عن توحيد الله جل وعلا وتوقعهم في المخالفات الشرعية وربما الشركية من حيث لا يشعرون ومن ذلك تسمح العديد منهم بجدران الغرفة التي فيها قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والتبرك بها ونسوا هؤلاء أن هذه قطعة من الحديد لم يرها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرفها فضلا على أن يكون فيها أي نوع من ا لبركة وأي بركة يمكن أن تحصل من لمس حديد صنعه البشر بل ربما صنعه الكفرة وصدروه لنا .
دعاء الرسول وطلب الحوائج منه
من المصائب التي تحدث عن زيارة بعض الناس قبر الحبيب الرسول صلى الله عليه وسلم دعاءه والتوسل به وطلب الحاجات وتفريج الكربات ونسي هؤلاء أن التوسل والدعاء عبادة لا يجوز صرفا لغير الله جل وعلا وأن صرفها لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة ، يقول سبحانه "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" فسمى الدعاء عبادة وأخبر أن الذي يستكبر عن الدعاء فمصيره جهنم فهل تصرف هذه العبادة لغير الله
ثم ألم يقل الله جل وعلا حكاية عن نبيه صلى الله عليه وسلم "قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ..." فإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يملك النفع ولا الضر لنفسه وهو حي فكيف يملكه لغيره وهو ميت هذا لا يمكن أن يعقل أبدا والله جل وعلا يقول : "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين *لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"
ومثل ذلك التبرك ببعض الأماكن التي يزعمون أنها من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم أو التبرك بالأحجار والمغارات التي في جبل أحد ونحو ذلك وهذا كله ضلال لم يأت به الشرع المطهر
مزاحمة الناس والتضييق عليهم
يصل من بعض الحجاج مزاحمة الناس والتضييق عليهم ويظهر ذلك جليا في وقوف بعض الناس عند القبر لوقت طويل أو الإصرار على الصلاة في الروضة رغم الزحام الشديد وربما تخطى المصلين ودفعهم متناسيا أنه لا يجوز إيذاء المسلم خاصة في مثل هذه الأماكن المباركة
عدم الالتزام بالآداب الشريعة
ويظهر ذلك جليا في عدة صور منها عدم البدء بالصلاة عند دخوله المسجد النبوي والدخول مباشرة إلى القبر علما بأن الأصل أن يصلي في المسجد أولا لأنه ما جاء إلا إليه.
ومن ذلك أيضا رفع الصوت في المسجد والشرع إنما جاء بتوقير المساجد عامة والمسجد النبوي خاصة وليس من التأدب مع الله ولا مع رسوله صلى الله عليه وسلم رفع الصوت في المسجد .
ومن ذلك المرور على القبر دون السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وهذا من الجهل وسوء الأدب .
ومن ذلك ذكر بعض الأدعية عند دخول المدينة وعند دخول المسجد النبوي وعند زيارة القبر علما بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك والأدهى من ذلك تلك الأدعية التي وضعها بعضهم في كتيبات وسماها أدعية الزيارة ونحو ذلك وكل هذه الأدعية لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بها من زار مسجده
التزام بعض المصلين بالصلاة في المسجد القديم وعدم الصلاة في الزيادة التي زادها عمر رضي الله عنه حتى أن بضعهم يرفض إكمال الصف الأول معتقدا أن الصلاة في المسجد القديم أفضل وأولى وينسى قول النبي صلى الله عليه وسلم "خير صفوف الرجال أوائلها ..." وينسى قوله عليه الصلاة والسلام في بيان فضل الصف الأول : "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا"
ومن ذلك تخصيص بعض الأيام لزيارة البقيع أو شهداء أحد والدعاء عندهم وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما الوارد عنه الزيارة في أي وقت والدعاء لهم الرحمة والمغفرة لا الدعاء عندهم
ومن ذلك قصد المساجد الأثرية للصلاة فيها معتقدا أفضلية ذلك وهذا كله لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما الثابت عنه فقط الصلاة في مسجد قباء فقد روى سهل بن حنيف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة" أخرجه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني
يا من يريد التقرب إلى الله
هذه بعض المخالفات الشرعية التي يقع فيها بعض الناس عند زيارتهم لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم والذي يجب على الزائر وقد أنفق الأموال الطائل وبذل الجهد والوقت لتلك الزيارة للتقرب إلى الله وفي نفسه شوق ومحبة لرسوله صلى الله عليه وسلم اسمع إلى ربك وهو يقول : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم* قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطل وأرزقنا إجتنابه
الروابط المفضلة