الحياة والعمل، لا ينفك أحدهما عن الآخر في مسيرة كل حي، يتساوى فيها الأفراد والجماعات والأمم، وبقدر ما ينشط العمل تكون الحياة متحركة نشطة وضده بضدِّه. والأمة التي لا تعمل أو يكون جانب العمل لديها ضعيفًا، وإن كثرت مواردها وهانت أسباب العيش فيها أمة مخالفة لسنة الكون وقوانين الحياة، منقادة للخمول والدعة، مستسلمة لواقع هو المنطلق الأول نحو انهيارها وضمورها، الأمة المتكلة التي لا تعمل بمثابة الحاسة المعطلة، لم تزل في نقص حتى تفقد إحساسها، وإذا فقدته استحال أن تستعيده، والإحساس جزء من الحياة، وإذا فُقد انجرت الأحاسيس الأخرى، ومعناه النهاية، وهناك من كانوا في جزيرتهم يصارعون الحياة صراعًا شديدًا ويقسون على أنفسهم في سبيل الحصول على العيش قسوة شاقة وطبيعة بلادهم قاسية متمردة، ومع ذلك استطاعوا أن ينتصروا وأن يقهروا تلك الصعاب ويقتحموا تلك الحواجز عبر القرون.. وما حالت تلك القسوة بينهم وبين مشارف المجد ومراقي العلا وما أضعفت من عزمهم أو ثلمت من إرداتهم بل على العكس كانوا موقدين للحرب ونماذج فُتوَّة وملازمين للعمل وكانت أراضيهم تتفيأ ظلال هيبتهم ويتركها أعداؤهم رهبة لا رغبة ما ألذ العمل وأحلاه يشارك المرء به في بناء مجتمعه ويحافظ على حياة أمته، ويحفظ لنفسه خط الرجعة إذا ألجأته الحياة إليه ويحافظ به على صحته يشد به بنيته، ما أحلاه ولو كان في حديقة البيت وتشذيب أشجار المزرعة وتربية الدواجن، إننا أمة عمل فقد كــان نبـــينا -عليه السلام- يخرز نعله ويخيط ثوبه ويحمل طفله ويقضي حاجة أهله، إذًا العمل شرف ووطنية وصحة ومواكبة لواقع الحياة فلنعود أنفسنا على العمل ولنطالبها بالإنتاج ولنكن أعضاء عاملين في جسم هذا العالم الذي يضج بالعمل ويسابق الزمن ولا تهدأ له حركة مثل الجماعة المسافرة في سرعة شديدة يعيش من لا يواكبها طفيليًا على الحياة نابيًا في كيانها متطفلاً على مائدتها، فلنترفع بأنفسنا أن نكون كذلك ولنعمل ونعمل..
نوار بن سعد البقمي
الروابط المفضلة