عنوان مقالتي ارتبط لدى المعظم بإعلان تلفزيوني اكتسح المحطّات الفضائية بشدّة، ذلك الإعلان الذي يذاع في اليوم عدّة مرات، وحفظه الصغار قبل الكبار.
فكرة الإعلان على بساطتها إلاّ أنّها لا مست وتراً حساساً.
نستمع معاً إلى مفرداته…
ليمون ولد نظيف، ونعناعة بنت نظيفة، شافوا بعض صدفة، وحبّوا بعض من أوّل نظرة. لكن الظروف… نعناعة تفكّر بليمون، ويدخل والدها فجأة ليصدم بالليمون الذي مع ابنته، ويعصر ليمونة بيده، ويقول غاضباً: لمون مين ده؟! أنا حعصره.
وفي الطرف الآخر كان ليمون يفكّر ويقول: بتحبّني… ما بتحبّنيش…
وهي اعترفت بحبّها صراحةً أمام والدها: بحبّه يا بابا… بحبّه…
ويختم المشهد بلقائهما، وكلّ منهما يمسك يد الآخر فرحاً.
وينتهي الإعلان.
معظم من شاهد الإعلان تعاطف مع ليمون ونعناعة، وربّما كرِه والد الفتاة لأنّه قد يكون عائقاً بين اثنين تولّد الحب بينهما صدفة!!.
هذا الإعلان يروّج للصداقة بين الشاب والفتاة ببراعة، ويطبّق… نظرة فابتسامة وموعدٌ فلقاء. يزّين الحرام في أحلى صورة…
قد تقول إحدانا: رأيت الإعلان ولم أتأثّر به. ونقول: هذا عنكِ لكن هناك فتيات يتأثّر به بسهولة، وللأسف يحلمن بالخروج بحثاً عن النظرة بابتسامة!!!.
لا أعتقد أنّي أبالغ حين أقول ذلك، لأن ما نشاهده ونسمع عنه اليوم الكثير والكثير من أمور وقصص تقشعر لها الأبدان.
اللقاء في الإعلان أين كان؟! في السوق، وأسواقنا عامرة بما هبّ ودب إلاّ ما رحم ربّي.
اصطدم بها!! وابتسمت في وجهه حين رأته، ورد عليها بابتسامة ليولد الحب بينهما من أوّل نظرة!! هنا سأترككم لتقرؤوا كلمات للكاتب داود سنقرط، يقول:
ما أسخف ذلك الذي يسمونه حبّاً من أوّل نظرة، فالحب عاطفة يكثّفها الزمن وتنضجها التجارب، قد يكون هناك ميل أو استلطاف من أوّل نظرة، وهذا ليس من الحبّ في شيء… هل تعرف الحب من هدمت بيتها وتركت أطفالها لترتمي في أحضان رجلٍ آخر زعمت أنّها تحبّه؟! وهل يعرف الحب من هدم بيته وشرّد أطفاله ليرتمي بين ذراعي أنثى أخرى زعم أنّه يحبّها؟!… كثير من الزيجات فشلت أوّل الطريق أو منتصفه لأنها قامت على فورة عاطفية سمّوها حبّاً، وشهوةٍ جنسيةٍ سموها غراماً… حذار أن تخلطوا بين الحب والجنس، فقد استقر في ذهن بعض الناس أن الحب وقف على الميل العاطفي نحو الأنثى، جاهلين أن الحب أعم من ذلك وأشمل، والميل العاطفي ليس إلاّ رجعاً عكسياً لغريزة الجنس.
أعتقد أن كلامه ليس بحاجة إلى تعليق، ونعود إلى الإعلان…
موقف والد نعناعة... كان غاضباً ويزمجر، لكن حين اعترفت بحبّها أمامه ابتسم!!!.
أيّ والد ذلك الذي سيبتسم حين يجد نفسه في ذلك الموقف؟! إلاّ إذا خلت الشهامة والمروءة والغيرة قلبه.
وأي فتاة تلك التي تقف ذلك الموقف لتجاهر بحبّها؟! وأمام من؟! أمام والدها!!!.
قد يقول البعض لا داعي لتهويل الأمور من أجل إعلان!!!! وقد يقول البعض ما الداعي للوقوف على إعلان لا صلة له بمجتمعنا، وقد يكون مترجماً... ونقول: إلى متى نقف موقف المتفرج أمام ما يأتينا من الغرب، وهم يخلطون لنا السم بالعسل...
قارئي الفاضل لو قُدّم لك سم ممزوجاً بعسل هل ستـتـناوله؟! قطعاً لا,,, فمن باب أولى أن نقول لا لمن يستحقها.
لا لمن يروّج ضد ديننا وقيمنا.
لا لمن يزيّن الحرام.
لا لمن يغرّر بفتياتنا.
هذا ما لدي عن إعلان يبث ضمن كم هائل من الإعلانات المسمومة.
الروابط المفضلة