حامد بن عبدالله العلي
" على أعداء الولايات المتحدة أن يدركوا أننا نصبح حمقى إذا ما ضربت مصالحنا،وعندها لا يستطيع أحد التنبؤ بما قد نفعله بما لدينا من قوة تدميرية هائلة، وعندها فقط سيرتعد أعداؤنا خوفا منا…" الرئيس ريتشارد نيكسون.
أولا : ليعلم الحمقى أنهم لم يخيفوا أحدا بل كثر عليهم أعداؤهــم ، وما زادتهم المواجــهة إلا إيمانا بحقهم والنصــر .
ولكن لعل هذه العبارة الشهيرة التي أطلقها نيكسون قد أُلقيت على لسانه لتعبر بصدق عن أسلوب التفكير الأمريكي ، والذي قد بيّنا ـ في مقال " أسماء ألـ19 إرهابيا" ـ الجذور التي تنطلق منها السياسية الخارجية الأمريكية وليدة هذا النمط من التفكيــر ، والعقيدة التي تؤمن بها ، والمخطط الهائل الخطير جداً الذي تتبناه والتي ترى أن تخلّيها عنه مستحيل ، إذ التخلي عنه ـ في عقيدتهم ـ هـو حكــــم على أمريكا نفسها بالدمـــار .
بينما هو في واقع الحال ، يعرض العالم كله وليس عالمنا الإسلامي فحسب للخطر الماحق ، والدمار الساحق ، فإلى متى السكوت عن الصدع بالحق في حكم هذه الحماقات الأمريكية ، التي ينقاد الزعماء وراءها بذلّ لم تعرف الأمّة في تاريخها مثله ، ثم يتهرب بعض المنتسبين إلى الشرع عن مواجهة هذا المخطط ، تحت ذريعة احترام "المعاهدين والمستأمنين بـ"الشبهة "!!
في محاولة لخلط عجيب بين مسألة فهم كافر خائف لإشارة لم يُقصد بها منحه أمانا في سلطان شرعي فيُعذر، وبين "معاهدات" ـ عفوا أوامر وفرمانات هيمنة ـ متخمة بالنواقض لعقيدة الأمّة وشريعتها ، مبنيّة على تحقيق أطماع مشروع صليبــــيّ صهيونـــيّ لن يُبقى لهذه الأمــة ـ لو نجح ولن ينجح ـ عقيدة ولا شريعة ، بل لن يُبقي لها كيانا ولا هوية .
وإذا كان بعض من غاب عقله ، أو غُيـِّـب ! ، قد خفيت عنه حقيقة ما يجري ، فقد بان اليوم الصبح لذي عينين ـ ونقول هذا من باب ذكر واقع الحال وإلا فإنّنا تكفينا عقيدتنا التي بها نبصر استحالة أن يكون صلاح حال الأمّة على يد أعداءها بل أشد الناس عداوة لها ـ وقد تبيّن أن السياسة الأمريكية تنتقل في المنطقة من فشل إلى فشل ، بل هي أصلا ومعها العالم الغربي منذ القرن الماضي ، هي التي اختلقت أكبر مشكلات المنطقة ، ثم حولت المنطقة إلى بؤرة توتر غير مسبوقة ، وأدخلتها في نفق مظلم لا يُعرف منتهاه.
وإلى هؤلاء الذين يظنون أن الوجود العسكري الأجنبي وتوابعه ، سيرحل بالتمني والآمال ، وأن مشروعه سيفشل بالتذرع بأن هؤلاء القتلة المجرمين ، وقواعدهم العسكرية الملطخة بدماء المسلمين ، مستأمنون بـ"شبهة" !!
ينظرون إلى هذه "الشبهة" من طرف خفي ! مع تمنّي نفوسهم أن تبقــــى هذه "الشبهة"! أطول فترة ممكنة ، لتبقى ذريعةً تُغطّي جبننا عن مواجهة عدوّنا ! وللتغاضي والتهرب عن كشف حقيقة العلاقة بين زعامات المنطقة والهيمنة الأمريكية عليهم ، وحتى نختفي وراءها عن واجبنا في بيان الحق والصدع به !!
إلى هؤلاء الذين لا يريدون أن يروا الحقيقة ، لأنهم عمُوا أو تعاموا عنها ، أو خوفـا من رؤيتها ، خرج الرئيس الاميركي ـ الذي بات وإدارته تحت ضغط موجة انتقادات غير مسبوقة في أمريكا بسبب الفشل الذريع في العراق ـ خرج ليقول إن العراق أصبح محور الحرب على "الإرهاب" بينما هو قد ادعى أنه جاء إلى المنطقة بجيوشه وألحق دمارا في العراق ـ فوق الدمار الذي حدث طيلة 12 سنة ماضية ـ يحتاج إلى عقود لإصلاحه ، جاء لكي يقضي على "الإرهاب" بزعمــــه !!
يقول هذا ليسفك أكبر قدر يمكنه من دماء المسلمين ليشفي غيظه من الإسلام ، ولن يشفى ، بل سيزداد غيظه وحقده ، كلما هلك جنوده في مستنقع العراق ، بفعل أسود العراق .. حتى يتفطّر كبـــــده .
وإلى متى سيُمكن التغطية على جرائم التحالف "الصهيوصليبي" ، الذي يختلق المصائب تلو المصائب لترسيخ وجوده العسكري ، أطول مدة ممكنة ، واستنزاف المنطقة أطول فترة ممكنة ، وزعماء المنطقة سادرون كالبلهاء ، يسيرون وراء التغطرس الأمريكي :
كبهيمة عجماء قاد زمامها أعمى ** على عوج الطريق الجائــــــر
وينساق وراء هذه الطريق الجائرة ، وسياسة أمريكا العاهرة ، بعض من ينسبون إلى العلم ، فيضعون توقيع الشريعة على كل مخطط تحت ذريعة تدابير "ولي الأمر" للمصلحة العامة مع المعاهدين والمستأمنين "بالشبهة" ! تشابهت قلوبهم !!
ويذكرنا صنيع أمريكا هذا بما ذكره صاحب كتاب ( الطاغية ) فقد ذكرر سببا وجيها لقيام الدولة ، وهي أن العادة جرت في بلاد الفرس أن الملك إذا مات ترك البلد للفوضى ثلاثة أيام فقتل الناس بعضهم بعضا وعمت الفوضى فيهرعون متوسلين ضارعين لولي العهد أن يحكم ولو بالسوط والمباحث فهذا ارحم مما كانوا فيه !!
وبما ذكره (روبرت غرين) في كتابه (شطرنج القوة) أن القيصر الروسي ايفان الرابع لجأ عام 1565 إلى خدعة جهنمية لتعزيز قبضته فاعتزل في قرية خارج موسكو ، وارسل رسالة إلى الأهالي يقول فيها انه قرر الاستقالة كما فعل عبد الناصر في مسرحيته المعروفة بعد كارثة 67، وخلال شهر ساد الرعب والفوضى والقتل في العاصمة ، فهرع الناس إليه يتوسلون إليه أن يحكمهم، فاشترط عليهم أن يفعل بهم ما يشاء في حكم مطلق؟ قالوا قد وليّناك بشروطك فاركب على ظهورنا ولتباركك الكنيسة، وفي النهاية قتل كل الناس ومنهم ابنه ببلطة وأخذ اسم ايفان الرهيب!
وهذا هو ما تفعله أمريكا بالمنطقة تماما ، ركبت ظهور الزعماء ، وبارك ذلك بعض علماء الشرع زورا .
الروابط المفضلة