إخواني الكرام ... السلام عليكم بعد طول غياب ... عدت إليكم بموضوع شائك ... ارتضيت الكتابة فيه حتى أذود عن عرض صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ارتضيت الكتابة في هذا الموضوع بعد أن خفت أن تضيع شخصية عمرو بن العاص وتلتبس على القارئ المسلم ... ارتضيت الكتابة بعدما سمعت من أحد الممثلين أنه صنع مسلسله عن عمرو بن العاص لأنه تعرض لظلم تاريخي كبير ... وعلى الطرف الآخر قرأت أن مجلس آل البيت يعتبر المسلسل مخالفا للشريعة لماذا .. لأن عمرو بن العاص بزعمهم أحد رؤوس الحاكمية التي نزعت سلطان الخلافة من الخلفاء الراشدين ونقلته الى سلطان الأمويين ..
بعد هذه المقدمة عن فكرة المقال .. أدلف إلى عناصر مقالي مجملة ثم مفصلة ليسهل على القارئ فهم ما أرمي أليه :
1- لماذا نَمقت تمثيل الصحابة ؟؟ ( حكم تمثيل الصحابة )
2- ماذا نَنْقِم على مسلسل ( رجل الأقدار ) بالتحديد ؟؟
3- عمرو بن العاص في الميزان ...
4 – خاتمة ..
أولا : لماذا نمقت تمثيل الصحابة ( حكم تمثيل الصحابة ) ؟؟
قبل كتابتي في هذه النقطة نثرت كنانتي جيدا و عجمت أعوادها خوفا من أن أتجرأ بالفتيا فيما لا أعلم ... وحسنا فعلت ... فقد أخرجت بعد طول تفكر بعضا من الاعتبارات التي يحسن ملاحظتها أثناء بحث مسألة حكم تمثيل الصحابة :
أ – ما لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المكانة العليا في الإسلام جاءت بذلك الآيات الواضحة وأحاديث السنة المتواترة ... فمنها قوله تعالى يثني على الصحابة : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) ... ومنها حديث أبي سعيد الخدري المروي في الصحيحين وفيه يقول النبي عن أصحابه : ( لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) ..
ب – النظرة العامة الى مشاهدة التمثيل : حيث أن أغلب الناس يقصده كحال من أحوال التسلية و اللهو وشغل الوقت ، فالمشاهد في الغالب لا يريد من المشاهدة ما فيه مجال للعظة والتأمل وإنما يقصد من ذلك اشباع غرائزه بما يشرح النفس وينسي الهموم وينقل المرء من حال الجد إلى حال الهزل .
ج – حال محترفي التمثيل من حيث المناحي السلوكية : فالمتتبع لحياة غالب الممثلين المعاصرين منهم أو القدماء يخرج بنتيجة أن أغلبهم من أوضع الناس خلقا ، و أنه ليس في حياتهم مكان للصلاح والتقوى إلا من رحم ربي ... وهؤلاء الممثلين إذا تقمص أحدهم شخصية صالحة لرجل من الصحابة أو من غيرهم فليس ذلك لشيء الا لأجل ما يتقاضاه من ثمن أو لأجل ما سوف يلقاه من ربح أو ثناء ... وباقي الأسباب التي يذكرونها حين يسألون عن سبب تمثيل تلك الشخصيات إنما هي أحاديث مجالس لا تزيد ولا تنقص عن ذلك ... والدليل أن الممثل لا يستفيد ولا يتعظ بسيرة هؤلاء الذين يمثلهم ، وانما يعمد عند انتهاء دوره الى خلع قميص هذا الدور الصالح ليعود الى سيرته الأولى لاهيا ضاحكا ساخر ... بل ربما مثل بعد ذلك دور مغنٍ أو فاجر ..
د – أغراض التمثيل : لا يختلف أحد في أن الهدف الأول من وراء المسلسلات التي نراها هو الكسب المادي ... و هذا الكسب المادي لا يتحقق الا بمداعبة غرائز المشاهدين وشهواتهم .. فإذا أضفنا إلى ذلك العامل الذي قلناه سابقا وهو كون المشاهدين لا يقصدون في الغالب سوى اللهو والعبث وإضاعة الوقت .... خرجنا بأن القائمين على هذه المسلسلات لابد أن يضيفوا على سير هؤلاء الصحابة الكرام من الإضافات ما يرغب المشاهد في المشاهدة مما يؤكد لهم رواج السلعة وكثرة العائد ... وهذه الإضافات معروفة ( كعشق الصحابي لامرأة ما أو العكس ، أو كالتركيز على زلات الصحابة قبل اسلامهم ) ... ولعل بعض الإخوة ممن شاهد بعض المسلسلات السابقة من هذا النوع يدرك حجم الكذب الموضوع في هذه الإضافات ..
هـ - المصادر التي يَسْتَقِي منها التمثيلُ سيرَ الصحابة : هذه المصادر للأسف في عصرنا قد تنوعت .. فمن الممكن أن يكون مصدر قصة المسلسل من معلومات مجموعة من مواقع عامة على الإنترنت ... ومن الممكن أن يكون مصدرها كتابات أو كتب المستشرقين الذين يسعى بعضهم لتشويه صورة الصحابة ... كذلك من الممكن أن يرجع المؤلف الى الكتب التاريخية المعتبرة – وهذا نادر – لكن اعتياد كثير من المؤرخين في مؤلفاتهم التاريخية على التساهل في تحقيق الوقائع التاريخية من الممكن أن يفتح المجال لهؤلاء في إيراد مواقف لم تثبت عن هؤلاء الصحابة ..
بعد هذا كله كان لزاما على هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في مطلع انشائها .. أن تقدم فتوى بتحريم تمثيل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .. وهذه الفتوى ممهورة بتوقيع سماحة رئيس اللجنة آنذاك الشيخ ابراهيم بن محمد آل الشيخ .. وعضوية كل من المشايخ : عبد الله بن منيع وعبد الله بن عبد الرحمن بن غديان و عبد الرزاق العفيفي ... وهذه الفتوى هي من أقدم الفتاوى التى أطلعت عليها في هذا المجال وهي منشورة في مجلة البحوث الإسلامية بعددها الأول الصادر في رجب من عام 1395 هـ ولعله كان لسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز فتاوى كثيرة أحدث من هذه الفتوى في هذا المجال .. أتمنى من الإخوة إيراد بعض منها في ردودهم ..
لعلكم تسألون لمن أوجه الكلام في هذه النقطة ؟؟ أقول أوجه هذا الكلام لوجهتين : الأولى : لمجلس آل البيت بمصر الذي اعترض على مسلسل صانع الأقدار بدعوى أن هذا المسلسل من المسلسلات الوهابية .. وهذا نوع من التلبيس الذي أراد أصحاب المجلس أن يلبسوا به على الناس فالكل يعلم أن الدعوة الوهابية لم تأت بجديد من عندها بل جاءت بشرع الله وسنة رسوله وهاهي لذلك تحرم تمثيل الصحابة بالكلية سدا للذرائع ... وأهل الدعوة الوهابية كما يعلم المنصفون هم من أهل السنة والجماعة الذين لا يبغضون صحابيا ثبتت له الصحبة مع رسول الله أيا كان عمله ..
الثانية : لذلك الممثل الذي تجرأ بتمثيل دور هذا الصحابي فأقول له لا تحسب نفسك على باب من أبواب الخير .. فأنت لا تصد الظلم عن عمرو بن العاص بل أنت تظلم نفسك ... والأدهى أنك تظلم عمرو بن العاص نفسه وسأريك ذلك ببيان علمي واضح في حلقة أخرى أخصصها لسيرة عمرو بن العاص فاصبر إن العاقبة للمتقين ..
يتبـــع ,,,,
الروابط المفضلة