قصة واقعية لا تتكرّر كثيرا

اتصلت عبر خط خاص لهاتف عمومي لتخفي هويتها قائلة: أنا أعرفك ولكن لا تعرفيني، أجبت: تشرفنا. ردت بصوتها الرقيق الذي قد تشوه بفعل نبرتها المتعالية، قالت: أعرفك من خلال الجرائد، وأقرأ مواضيعك التي قد لا أقتنع بالبعض منها. أجبت: مسألة ذوق، فأنا أحاول أن أكتب للجميع. قالت معقبة: لقد رأيتك منذ فترة بسيطة في التلفزيون تتحدثين عن حب المراهقات والفتيات. قلت لها: نعم، أهتم كثيراً بتلك الفئة وأحبها، فهي بحاجة لمن يفهمها ويرعاها. قالت: أنا لست مراهقة، فقد تجاوزت المراهقة ببضع سنين. أجبت: الحمد لله أنك تجاوزت تلك المرحلة بسلام، فما المشكلة إذن؟!!
قالت ونبرتها تزداد حدة:لن أبكي على ما فات، فقد حدث ما حدث ... لحظة صمت ... لتعود وتكمل: لقد تربيت تربية غير تقليدية، تربية متحررة بكل المقاييس، فعائلتي عائلة ميسورة الحال، لم ترد تنشئتي على القيم والتقاليد التي تعرفينها، فأسرتي متحررة جداً، لم تهتم قط بشكل ملابسي، ولا بأصدقائي وصديقاتي الذين كانوا يحضرون إلى بيتنا،وأخرج معهم في كل وقت دون حسيب أو رقيب. قالت: تعرفين كنّا نجلس في الكوفي شوب (المقهى)، نضحك ونسخر من البشر الذين يتقيدون بالتقاليد، لنقول: فري كومبلكس (أناس معقدون)، وخصوصاً الفتيات اللاتي يلبسن الشيلة والدفة ويسترن أجسادهن عن الغير.
تواصل حديثها وأنا أستمع فقط ... تخرجت وصديقتي وابتعثنا أهلنا للدراسة في الغرب، صرنا نعيش عيشة الغرب بكل تفاصيلها، فقد كان لي "بوي فرند" صديق أجنبي شديد الوسامة، وكنت أحبه بجنون، وأعيش في شقته عيشة الأزواج، ولكن بعد أن أشرفت فترة الدراسة على الانتهاء، صار لابد من التفكير في وضعي مع صديقي، كنت أظن أنني سأجن إن تركته في بلده، وكان هو مولعاً بي جداً، ولكن ليس لدرجة التخلي عن وطنه، تحجج بأنه لا يعرف عن بلدي شيئاً، ولم يسافر قط لبلد مسلم، ربما سيتعذر عليه التكيف معه، تحدثنا في الموضوع كثيراً، ومن شدة حبه لي وافق أن يصطحبني إلى بلادي اصطحاباً مشروطاً على أن يعود لبلده إن لم يعجبه الأمر، حاولت أن أبين له أن بلدنا لا يختلف كثيراً عن بلده فالحرية مكفولة للجميع، وأنه سيرى ذلك بنفسه، أخبرته أن عائلتي ثرية وسيكون من السهل أن توفر له وظيفة محترمة، وبعد إلحاح شديد ووعود وعهود وافق أن يحضر معي من باب التجربة والمغامرة.
حضرت معه إلى أهلي الذين ما أن رأوني بصحبته حتى هرب الدم من وجوههم وكأنهم قد رأوا للتو شبحاً مخيفاً، تلعثمت كلمات أمي ولملمت جراحهاوسحبتني من بين ذراع صديقي قائلة: "حسبي الله عليج" وبعد مشاورات ومداولات قرر الأهل تزويجي الشاب الذي وافق تحت الضغط الشديد دون تدقيق في موضوع ديانته. لقد كنت سعيدة جداً أخرج مع الشلة بكل فخر مع صاحب العيون الزرقاء والوسامة الفائقة حتى أن صديقاتي في الشلة كن يحسدنني على زوجي، كنا نخرج مع شلة أصدقاء ما قبل الزواج الذين لم يرتح زوجي لهم ولم يشاركهم قط في هزلهم ومزاحهم، بل على العكس مما توقعت فقد صار زوجي الأجنبي ينبهر بالفتيات المتحفظات اللاتي كنا نسخر منهن وصار ينهرنا عن ذلك، الفظيع أنه صار في الفترة الأخيرة يعبر عن رأيه واحترامه لأولئك الفتيات المحافظات بصراحة بالغة ليحرجني أمام أصدقائي.
صار زوجي يبتعد عني شيئاً فشيئاً جسداً وروحاً، صرت لا أجلس مع الشلة وصار لا يطيب لي مزاجهم، صرت دائمة التفكير في هذا الانقلاب في حياة زوجي، فكيف ينبهر من تربى على الحرية والتحرر بمن يعيش سجين التقاليد؟!
خلاصة القول لقد جاءني زوجي يوماً ليقول إنه يريد الانفصال ومن ثم الطلاق لأنه وجد ضالته التي يبحث عنها لدى فتاة متحفظة علمته معنى النقاء والشرف والكرامة التي لم يعرفها يوماً في بلده، قالها صراحةً في وجهي لقد مللت من كل هذه المظاهر الخادعة التي تبيح كل شيء باسم الحرية والتحرر، قالها في وجهي "سوف أتزوج من الحقيقة لا من الزيف".
تركني في ذهولي أنظر إلى نفسي في المرآة لأرى شعري المبعثر بإهمال وجسدي النحيل الذي لا يكاد أن يستره شيء، وأدقق في الهالات السوداء التي برزت تحت عيني من أثر التدخين والسهر والشراب ... وآلو ... سكتت برهة من الوقت ثم عادت تسأل: ما العمل الآن؟ تنهدت قائلة: من أين تريدين أن نبدأ من طفولتك أم من طلاقك؟!
هذه قصة من قصص الحياة العجيبة التي ينقلب فيها في النهاية السحر على الساحر ولكم أن تختاروا النهاية التي حتماً لن ترضي فتاتنا المتحررة!!!

بقلم: عائشة عبد العزيز

سبحان الله قصه مؤلمه ..فعلاً من زرع شيئاً حصده !!

هذه نتائج الحريه والتربيه الحديثه كما يزعمون ..ولكن هل من متعض ؟؟

سبحان الله.......اللهم إهدها وإهدنا إلى طريق الحق ............آمين