أصبح الآن عند الكثير أنه من دخل البيت الأبيض فهو آمن، ومن تأَمْركَ به فقد سلم، ولذلك يولي البعض وجوههم شطر البيت الأبيض وأصحابه أينما كانوا، حتى في بلادهم الأصلية، ويكتبون في صحفهم التي تصدر بأموال الشعوب المسلمة المغلوبة على أمرها.
وهؤلاء هم الذين يروجون الآن لفكر الهزيمة والانبطاح والاستسلام والتبعية، بل ويتقاضون عنه الأجر والجوائز، والفكرة بسيطة للغاية فهم يكتبون الآن أن أمريكا هي سيدة العالم، وأنها غالبة على أمرها للأبد، وأنه لا مجال لأحد إلا أن يسمع ويطيع ويفعل ما يؤمر، والمكافأة تكون في الجنة، وجنة أمريكا لا تعني أكثر من مجرد الرضاء المعنوي للأمريكان، وبعض مقالات المديح في صحفهم، وربما بعض المعونة، وأرفع درجات الجنة الأمريكية هي في ضمان البقاء في المقاعد والسلطة، وهي على أية حال درجة غير مضمونة ولا تدوم. أما العقاب فهو دخول النار، ونار أمريكا تعني إرسال قوات المارنز الأمريكي، وإسقاط الحكام والهجوم الإعلامي الدائم، غير أن دراويش وكهنة أمريكا الذين يبشرون بها ليل نهار لا يكتفون بهذا؛ بل يعلنون لنا أن السمع والطاعة والاستسلام والامتثال إنما هي للشعوب والعقائد قبل الحكام والأنظمة، فهؤلاء الآخرون قد أوتوا العلم قبلها وجاؤوا مسلمين للبيت الأول، أما الآن فقد حان أوان إسلام الشعوب ودخولها إلى العقيدة الحقة، وأول شروط الاستسلام اللازم للشعوب؛ هو أن تتخلى عن كل ما يناقض العقيدة الأمريكية ألا وهو دينها السابق الإسلام ، فبوش لا يقبل أن يختلط الإيمان المسيحي الصهيوني مع أية عقيدة أخرى، ولذلك فالإصلاح المطلوب هو إصلاح ديني، أي: إصلاح الدين نفسه بمعنى التخلي عنه ونبذه وتنحيته؛ لإفساح المجال أمام الدين الأمريكي الغربي.
ولذلك فلابد من الإصلاح وتجديد وتحديث الخطاب الديني والمفاهيم الإسلامية والعادات والتقاليد والهوية العربية كي ينزوي الإسلام القديم رويداً رويداً، ويحل محله إسلام الوجه لأمريكا وعقيدتها.
التسليم التام لأمريكا والكتاب الموالون لأمريكا والذين ينالون المكافآت على هذا يخوِّفون الجميع بأنه إذا لم يجر تسليم الوجه والقفا وكل شئ لأمريكا؛ فسوف تحدث كارثة تتمثل في تشويه صورة الإسلام في الغرب، والتخلف عن ركب العولمة الأمريكي.
وهؤلاء الكتاب والكهنة والساسة لا يقفون عند حد التبشير بالدين الأمريكي؛ بل إنهم يشحذون أسلحتهم للهجوم الدائم على الدين (الإسلام) وتسفيهه وتحقيره والتشكيك في شعائره وعقائده وتاريخه وعلمائه، وهم لا يكفون الآن لحظة واحدة في المنابر المفتوحة لهم عن سب ولعن الإسلام جهاراً نهاراً والدعوة إلى العقيدة الأمريكية تحت مسميات العلمانية أو التحديث أو الإصلاح.
إنهم لم يعودوا كما كانوا في الماضي يغطون تصوراتهم ببعض الحياء، فلقد سقط الغطاء تماماً وأصبحت التبعية علنية ظاهرة ومطلوبة تحظى بالمكافأة والجوائز؛ بل يُحاسب تاركها بقدر ما يُثاب فاعلها ويلقى الثناء والرقي والعلو في المكانة .
إنه عصر الدين الأمريكي فمن شاء فليسبق !.
دكتور محمد يحيى.. أستاذ الادب الانجليزي بجامعه القاهره
الروابط المفضلة