إسلام أون لاين.نت/يصرّ الشعب الفلسطيني أن يضرب كل يوم مثالا جديدا على قوة الإرادة والتحدي والقدرة على مواجهة الاحتلال المتخم بالأسلحة؛ بأبسط الوسائل بعد الاستعانة بالمولى عز وجل، حتى صدق عليه وصف رئيسه ياسر عرفات: إنه "شعب الجبارين".
ففي سابقة هي الأولى من نوعها في فلسطين، وربما في العالم، ناقش الأسير الفلسطيني ناصر عبد الجواد عودة السبت 16-8-2003 رسالة الدكتوراة في جامعة النجاح الوطنية عبر الهاتف المحمول من قسم 5 بمعتقل مجدو.
تحمل رسالة ناصر -وهو من دير بلوط قضاء نابلس ويبلغ من العمر 38 عاما-
عنوان "نظرية التسامح الإسلامي مع غير المسلمين"، وقام بمناقشتها صباح السبت كل من الدكتور ناصر الدين الشاعر عميد كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية، والدكتور أمير عبد العزيز المشرف الأول على الرسالة والدكتور حلمي عبد الهادي المدرس بكلية الشريعة.
وقد حضر المناقشة عدد من الطلبة والمدرسين العاملين بالجامعة وزوجة الأسير وأبناؤه، حيث قام ناصر في بداية الجلسة بعرض سريع لكل أبواب الرسالة التي قام بإعدادها، والمكونة من 500 صفحة، بعد خمس سنوات من التعب والمطالعة من أجل الخروج بهذه الأطروحة.
وحول سبب اختيار موضوع الدراسة قال: "الأوضاع التي تحيط بالمسلمين والمؤامرات التي تحاك ضدهم تستوجب أن نظهر للعالم أن الاتهامات التي توجه إليه غير حقيقية؛ فالإسلام أكبر وأسمى من كل ما يلصق به".
وفي تعليقه على الرسالة قال الدكتور ناصر الدين الشاعر في تقييمه لموضوع الرسالة: "هذا الموضوع قيم وممتاز لأنه يظهر حقيقة تعامل المسلمين مع الآخرين، كما أن توقيته مناسب في هذه الأيام" التي يتعرض فيها الإسلام لحملات تشويه.
من جانبه دعا الدكتور حلمي عبد الهادي جميع الطلبة الأسرى أن يقتدوا بالأسير ناصر عبد الجواد.
صبرا أخيّ
وبعد ساعتين ونصف الساعة من النقاش أعلن الدكتور أمير عبد العزيز منح درجة الدكتوراة في الشريعة للطالب الأسير ناصر، مؤكدا أن "قيمة هذه الرسالة تطغى على بعض الأخطاء التي جاءت فيها".
وعلى الفور تعالت هتافات الأسرى والمعتقلين زملاء "د. ناصر" عبر الهاتف، حيث كانوا يتابعون مناقشة الرسالة منذ البداية، وتعالت تكبيراتهم وفرحتهم لنيل رفيقهم ناصر هذه الدرجة، وقام أحد المعتقلين بعد ذلك بإلقاء أنشودة أهداها إلى الحضور وإلى المعتقلين بعنوان: "صبرًا أُخيّ".
ويقضي ناصر حكماً بالسجن 12 عاماً -قضى منها 10 أعوام- حيث اعتقل بتاريخ 9-7-1993 وتنقل بين عدة سجون قبل أن يستقر في سجن مجدو، وهو متزوج وأب لطفلين: البكر أُسيد 15 عاماً، والثاني أحمد 10 أعوام.
وعن الترتيبات التي تم اتخاذها في قسم 5 بمعتقل مجدو قال ناصر في اتصال هاتفي مع "إسلام أون لاين.نت" من داخل المعتقل: "منذ الصباح أخذ الكل يستعد لدوره، وتجمع الكل في الخيمة الخاصة بي، وأثناء المناقشة كان الكل يستمع، بينما كان آخرون يقومون بتحضير القهوة والشاي والماء لي وللحضور"، ويضيف: "بعد الحصول على النتيجة لم يتمالك الإخوان أعصابهم وأخذوا بالهتاف بينما أخذ المعتقل عز الدين بالنشيد الذي يعبر عن الفرحة.. فعلا الصبر هو مفتاح النجاح".
وتحدث المعتقل ناصر عن الصعوبات التي عانى منها خلال تحضيره للرسالة، حيث كان يرسل أجزاء منها إلى أهله بالخارج في كل فرصة تسنح له.
وبعد أن اكتملت الرسالة قامت أسرة ناصر بطباعتها وإرسال نسخة إلى داخل المعتقل لكي يقوم بمراجعتها.
وتقول زوجته أم أسيد: "كنا نتابع كل جزء من الرسالة التي كان يخرجها إما عن طريق الصليب الأحمر أو عن طريق الزيارات التي أصبحت معدومة في هذه الأيام، وأحيانا نضطر لكتابتها عن طريق الهاتف النقال من داخل المعتقل".
الروابط المفضلة