الصداقة ما أعذبها من كلمة، وما أجملها من سلوك، فهي تضفي شيء من الأنس والبهجة. والصداقة تعبير عن معاني وقيم سامية يتبعها سلوك يتسم بالإخلاص والوفاء، ولفظ الصداقة مشتق من معنى الصدق، كما أن الصحبة لا ترتقي إلى معنى الصداقة، لأن الصداقة أكبر وأسمى من ذلك، ولذلك قيل في هذا المعنى «الصديق من صدقك».
والصداقة مأخوذة من الصدق، والصدق هو لب الحقيقة وهو أعلى درجات الإيمان، والصدق نوعان: صدق في القول وصدق في العمل، والصدق في القول سبيل لمرضاة الرب عز وجل وطريق موصل إلى الجنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وأن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً...».
والصدق في الأعمال بمنزلة الروح من الجسد وهو أعلى من درجة الإخلاص، فقد يكون المرء مخلصاً في العمل وليس صادقاً في إخلاصه.
والصدق منزلة عالية لا يستشعرها إلا من صفت نفسه وتحقق إيمانه، ولذلك لقب أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالصديق، لأنه حقق هذه الدرجة قولاً وعملاً، فكان جديراً بها وأهلها، فهو المصدق بكل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه وعن أمور الغيب، وهو الصديق في الهجرة مع رسول الله، وهو صاحب النفس المطمئنة والذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً».
والصدق في القول من علامات الإيمان، وفي هذا المعنى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يستقيم إيمان المرء حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» ومما يؤثر عنه «عليك بالصدق ولو رأيت فيه هلاكك، وإياك والكذب ولو رأيت فيه نجاتك» والصداقة إذا لم يتوفر فيها الإخلاص وحسن القصد والنية لا تؤتي ثمارها، بل ترتد بالضد على أصحابها، ولذلك حث الإسلام على حسن اختيار الصديق وحذر من صحبة قرناء السوء، وفي هذا المعنى يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير فبائع المسك إما أن تشتري منه أو تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة».
ومن أدب الصداقة الإيثار وتقبل النصح وعدم إفشاء السر والوفاء بالعهد.
احمد محمد عبد العظيم
الروابط المفضلة