زَمَنُ الأوْبَاشِ والأوْغَادِ
الكَاتب / الربيعُ الْعَاصِفُ
أَصْبَحَ مِنَ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْعُقَلاَءِ فِي هَذَا الزّمَانِ أنَّ أيَّ إِنْسَانٍ - خبيثِ االنّفْسِ - أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ وَتَعَامَلْتَ مَعَهُ بِالْحُسْنَى سَيُجَازِيكَ بِالشَّّرِّ الذِي لَمْ يَكُنْ لَكَ فِي الْحُسْبَانِ :
وَمَا قَتَلَ الأَحْرَارَ كَالْعَفْوِ عَنْهُمُ ...وَمنْ لَكَ بِالْحُرِّ الّذِي يَحْفَظُ الْيَدَا
إذَا أنْتَ أكْرَمْتَ الْكَرِيمَ مَلَكْتَهُ ....وإنْ أنْتَ أكْرَمْتَ اللّئِيمَ تَمَرّدَا
لأَنَّ الشَّرَّ سَجِيّةٌ فِي نَفْسِهِ الْمَرِيضَةِ ..وَلأَنّهُ تَرَعْرَعَ فِي وَسَطٍ ظَلاَمِي بَهِيمٍ لاَ يَعْرفُ للْمُرُوءَةِ والشّهَامَةِ وَالرّجُولَةِ مَعْنَى ..فَهُوَ يَخْبِطُ خَبْطَ النّاقَةِ الْعَمْيَاءِ الّتِي تَسِيرُ لَيْلاً ..فَتأتِي عَلَى الأخْضَرِ وَالْيَابِسِ ولاَ تُبَالِي ..فَمَنْ هَذَا حَالُهُ فَلاَ تَنْتَظِرْ مِنْهُ جَزَاءً ولاَ شُكُوراً بلْ انتَظِرْ مِنْهُ مَا يَسُوؤكَ ومَا يُؤْذِيكَ ..ومَا يُطِيرُ النّوْمَ عَنْ عَيْنيكَ :
وأيُّ النّاسِ أَلأمُ منْ سَفِيهٍ ...يَقُولُ ولاَ يَخَافُ منْ الْجَوَابٍ ؟!
نَعَم فَزَمَانُنا هَذَا زَمَنُ الْمُتَنَاقِضَاتِ ..زمنُ الأقْزَام ..زَمَنُ الحَلِيمِ الذِي أصْبَحَ حَيْرانَ ...زَمَنُ الْوَقَاحَةِ والسّمَاجَة وَ الْغَدْرِ وَعَدَمِ الْوَفَاءِ ..زَمنُ عُبّادِ الدِّرْهَمِ والدّينَار ...زمنُ التّوسّل بالعِظَامِ النّخِرة وَالْقِبابِ النّتِنَةِ ...زَمنُ الْمُتَبَرِّجَاتِ السّافِراتِ الخَائِناتِ ...زمن الدّيَاثَةِ وعدَمِ الغَيْرَة علَى الأعْراضِ ...زَمَنُ الشّيعَةِ الرّوافِضِ رَفَضَهم الله ...زَمنُ الرّدّةِ وتبديلِ حُكمِ الله ...زَمَنٌ ظَهَرَتْ فِيهِ بِدْعَةُ الإرجَاءِ وَالتّجَهّمِ ...زَمنُ المشَايخِ والدّعَاة الذينَ مَثَلهم كمثل الكِلاب .. زمَنٌ أعْرَضَ النّاسُ فيهِ عنْ الْمُحْسِنِ وأقبلوا عَلَى الْمُسيءِ ..زمَنٌ تكلّم فيهِ الرويبضَةُ بل الروَيْبِضَات ...زَمنٌ قَلَّ فِيهِ النّصِيرُ والْخَلِيلُ والصّديقُ ..زَمَنٌ فَشَا فِيهِ الْقَلَمُ قَلَمُ الإلحاد والزندقَةِ والبدعَةِ والشّركِ والْكُفْرِ ..زمنٌ قَلّ فيهِ العِلْمُ وفرّخَ فيهِ الجَهْلُ ..زمَنٌ افْتَخَرَتْ فِيهِ الرّاقِصةُ بِفِسْقِهَا وَفُجُورِها والزّانِيةُ بِعُهْرِها والْخَبيثُ بِخُبْثِهِ والكَافِرُ بِكُفْرِهِ
واللّوطِيُّ بِلُوطِيَتِهِ وهَلُمَّ شَرّاً ....زَمنٌ أصبحَ فِيهِ اللِّيبِرَالِي يَفْتَخِرُ بِلِيبراليتِهِ والشّيوعِي بشيوعيتهِ والعَلْمَانِي بعَلْمانِيَتِهِ والْمَارْكْسِي بمار**يتهِ والْحَدَاثِي بحدَاثَتهِ والإباحِي بإباحيَتِهِ....زمنٌ ظَهَرَ فيهِ منْ يدّعِي السّلَفية ثُمّ يَطْعَنُ فِي صفْوَةِ الأمّةِ المجاهِدينَ ويُثْنِي عَلَى جَبَابِرةِ الْوَقْتِ وطَواغِيتِ الزّمانِ والمَكَانِ ..زَمَنٌ تَكلّمَ فيهِ الصّبْيَانُ -الّذين لاَ يَسْتَطِيعُونَ تَرْكِيبَ جُمْلَةٍ مُفِيدَةٍ- عنِ الْجَبَلِ الأشَمِّ الشّيخ سيّد قُطب ...زمنٌ ظَهَرَ فِيهِ منْ يُجِيدُ قِراءةِ القُرآنِ بكلِّ الرّوايَاتِ ثمّ يجلِسُ ويَدْعُوا معَ من قتلَ إخْوانَنَا فِي الْمَسْجِدِ الأحمر فِي بَاكِسْتَان ..زَمَنٌ نُبِزَ الْمُسْلِمُونَ فِيه بالإرْهابِ والتّطرُّفِ والرِّجْعيةِ والظّلاميةِ والإسلامِ الرّيدِيكَالِي ..زمَنٌ تَطَاوَلَ فِيه الأوْغَادُ والأوْبَاشُ والسّفَلةُ والسُّوقَةُ والأهْمَالُ وَالزّعنِفَةُ وَالأغمارُ والأغرارُ وَالنّوْكى وَالْحَمْقى عَلَى مَنْ بَرّئَهَا الْقُرْآنُ منْ فَوقِ سَبْعِ سمواتٍ .. الصّديقَةِ بنتِ الصّديقِ وكأنّي بهَا تقُولُ :
فَوَا عَجَباً حَتّى كُلَيْبٌ تَسُبُّنِي... كأنَّ أبَاهَا نَهْشَلٌ أوْ مُجَاشِعُ
أو :
يَشْتُمُنِي عَبْدُ بَنِي مِسْمَعِ ...فَصُنْتُ عَنْهُ النَّفْسَ وَالْعِــرْضَ
وَلَمْ أُجِبْهُ لاحْتِقَارِي لـهُ ...ومَنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ
وَهَلْ يَضُرُّ السّحَابَ نُبَاحُ الْكِلاَبِ يَا خَاسِر الْخَبِيث
فأقسِمُ بالْجبّارِ إنّكَ خَــالطٌ... وما يوقِظُ المْخلُوطَ شيءٌ كَصَفْعَةِ
وَمَا لك في ما تدَّعِي أَيُّ حُجَّةٍ... وَأَنْتَ إِذَنْ عَيْرٌ بأُذْنٍ طَوِيــلَةِ
العيْرُ أيّها الخَاسرُ : هُوَ الْحِمارُ
قَالَ سَاكِنُ الْمَعَرّةِ - رحِمَهُ اللهُ - :
إِذا وَصَفَ الطَّائِيَّ بالبُخْـلِ مَـادِرٌ ...وعَيَّـرَ قُسّـاًً بالفَهـاهـةِ بَاقِـلُ
وَقَال السُّهَى للشَّمس أنْتِ خَفِيّـةٌ ...وَقَال الدُّجَى يَا صُبْحُ لَونُكَ حَائِـلُ
وَطاوَلَتِ الأَرضُ السَّمـاءَ سَفاهَـةً... وَفَاخَرَتِ الشُّهْبُ الحَصَى والجَنادِلُ
فَيا مَـوْتُ زُرْ إِنَّ الحَيـاةَ ذَمِيمَـةٌ... وَيَا نَفْسُ جِدِّي إِنَّ دَهـرَكِ هَـازِلُ
فَهَذا زمنٌ لطَالَمَا حَذَّرَنَا منهُ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّمَ ...
هَذَا الزَّمَانُ الّذِي كُنّـــَا نُحَذَّرُهُ ... فِيمَا يُحَدِّثُ كَعْبٌ وابْنُ مَسْعُودِ
إِنْ دَامَ ذَا الدَّهْرُ لَمْ نَحْزَنْ عَلَى أَحَدٍ... يَمُوتُ مِنَّا وَلَم نَفْــرَحْ بِمَوْلُودِ
رُحْمَاكَ يَا رَبّ .. رُحْمَاكَ يَا رَبّ... رُحْمَاكَ يَا رَبّ...
غَيْرُ مَأسُوفٍ عَلَى زَمَنٍ ....يَنْقَضِي بالْهَمِّ والْحَزَنِ
وكتبَ الرَّبيعُ الْعَاصِفُ في صَبِيحَةِ يوم الجُمعة 24 /09 / 2010
الروابط المفضلة