.
بسم الله الرحمـن الرحيم
الحمد لله نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا
و سيئاتِ أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له
و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبدهُ و رسوله
صلى الله عليه و على آله و سلم تسليما .
أمّا بعدُ :
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
[ أليس عجيباً أن صار اسم "الوعد الشرقي" علماً على الوعود الكاذبة، واسم "الوعد الغربي" علماً على الوعد الصادق ؟
ومَن عَلَّمَ الغربيين هذه الفضائل إلاّ نحن ؟ من أين قبسوا هذه الأنوار التي سطعت بها حضارتهم ؟ ألم يأخذوها منّا ؟
من هنا أيام الحروب الصليبية، ومن هناك، من الأندلس بعد ذلك، وهل في الدنيا دين إلاّ هذا الدين الذي يجعل للعبادات موعداً لا تصح العبادة إلاّ فيه، وإن أخلفه المتعبّد دقيقة واحدة بطلت العبادة ؟
إن الصوم شُرِع لتقوية البدن، وإذاقة الغني مرارةَ الجوع حتى يُشفق على الفقير الجائع، وكل ذلك يتحقق في صوم اثنتيْ عشرةَ ساعةً إلاّ خمسَ دقائقَ، فلماذا يبطل الصوم إن أفطر الصائم قبل المغرب بخمس دقائق ؟ أليس - والله أعلم - لتعليمه الدقة والضبط والوفاء بالوعد ؟ ولماذا تبطل الصلاة إن صُلِّيَت قبل الوقت بخمس دقائق ؟ لماذا يبطل الحج إن وصل الحاج إلى عرفات بعد فجر يوم النحر بخمس دقائق، أليس لأن الحاج قد أخلف الموعد ؟
أولم يجعل الإسلام إخلاف الوعد من علامات النفاق، وجعل المخالف ثلث منافق ؟ فكيف نرى بعد هذا كلّه كثيراً من المسلمين لا يكادون يفون بموعد، ولا يبالون بمن يخلف لهم وعداً أو يتأخّر عنه؛ حتى صار التقيُّد بالوعد والتدقيق فيه والحرص عليه، نادرة يتحدّث بها الناس، ويُعجبون بصاحبها ويَعجبون منه، وحتى صارت وعودنا مضطربة مترددة لا تعرف الضبط ولا التحديد . ]
* (مع الناس) ص 72-73
هكذا هي -و للأسف- مواعيدنـا ، و هذه الظاهرة
انتشرت انتشار النّـار في الهشيم فأصبحتَ لا تتواعد
مع أحدٍ إلا و فرّغتَ ساعاتٍ طوالَ مخافة مجيئه متأخراً
إن هذه الظاهرة طالت جميع شرائح المجتمع بدون استثناء
و أضحى الإلتزام بالموعد خرقا للعادة !
فهو مستغرب لدى القوم ، شاقٌّ على أنفسهم الإلتزامُ بهِ
و هم لا يدرون أن بإخلالهم بالمواعيد ، يُحدثون نوعا من الفوضى
في المجتمع بأسره !
و قد قيل :
[ كل شعب يخِلُّ بالمواعيدِ يُثبتُ أنهُ شعبٌ مُنحطٌّ ]
.................................................. .................................................. ......... * محمد كرد علي (أقوالنا و أفعالنا)
شُدَّ خطام البنان و أسرجِ اللّسانَ
و أطلق للقلم العنــان !
.
الروابط المفضلة