.
السلام عليكم و رحمة الله و بركــاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه
أما بعدُ ،
يقول الله تعالى : " اقرأ باسم ربك الذي خلق "
و يقول سبحانه : " فاعلم أنه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك "
و يقول الباري جل جلاله أيضا : " و العصر إن الإنسان لفي خسر
إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصو بالصبر "
و يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة "
فالعلم أول ما طولب به نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم و ندب إليه
بل و حثه ربه على الإستزادة منه فقال : " وقل ربي زدني علما "
فامتثل أمر ربه بأبي هو و أمي و ربى أصحابه على ذلك
فكانوا يحفظون العشر آيات لا يتجاوزونها حتى يعلموا ما فيها من العلم و يعملوا بها
فتعلموا العلم و العمل معاً ، و هكذا كان دأب سلفنا الصالح و علمائنا الأجلاء
فتجد أحدهم يقطع الفيافي و القفار ، و يضرب أكباد الإبل
من أجل حديث ، أو فتوى
فلله درهم و على الله أجرهم
فخَلفَ من بعدهم خَلفٌ تثاقلوا إلى الدنيا
و رضوا بالدون ... فلا العلم طلبوا و لا على العبادة حافظوا
فتلودت سلوكياتٌ مشوهة هنا و هناك نُسب أصحابها إلى السلف
و هيهات هيهات ، فما يجمعنا بالسلف إلا النسبة ، و الله المُستعان !
لقد خاستِ الهمم و ضعفت و اكتفينا بفُتاتِ موائد العلم
نبحث عن الشيخ و الأسيف و القارئ البكّاء
و نكتفي بالإستماع للمواعظ و القصص
إن كان لنا متسعٌ من الوقت
أما الأناشيد فهي عبادة أهل زماننا و الله المستعان
و لاندري ما مستندهم في ذلك
أما العلم ، و طلب العلم فذاك شأن الخاصة
و هو سبيل الأوائل ، فلا طاقة لنا بهِ
في حين أن أعداءنا يسهرون الليالي
و يرابطون الساعات من أجل الكيد لهذا الدين
فإذا سألتَ أحدهم عن دوره في التصدي للمكر الدفين
أجاب : يعيش لها الجهابذة ينخلونها نخلا !!
و إذا سألتَ الآخرَ عن دعوة الناس إلى الحق و أمرهم بالمعروف
و نهيهم عن المنكر
ردّ عليكَ بكل ثقة في النفس : " عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم "
هذا الفكر الإنهزامي ، و هذه الهمة الخسيسة
أشربناها مع حليب الأمومة ، فأضحى هم الدين آخر همومنا
و بتْنا لا نرفع لقضايا أمتنا رأسا إلا إذا مــات الألوف من إخواننا
أو حُرق كتاب ربنا و دنس
أو استهزئ برسولنا صلى الله عليه و سلم
مجردُ ردود أفعالٍ لا غير
ثم تخبو الشعلة و تعودُ حليمة لعادتها القديمـة
أما العلم المؤصل بدليله فهذا يكاد يُعدم في صفوف المسلمين
إلا من رحم الله
قل لي بربك : هل تفرق بين أنواع التوحيد ؟
ماهو توحيد الألوهية ؟
ما هو الشرك ؟
ما هي الشفاعة المنفية ؟
هل تفرق بين شروط الصلاة و فروضها و سننها ؟
و هكذا ...
يقول صلى الله عليه و سلم : " بلغوا عني و لو آية "
نعم ، بلغ عن حبيبك آية أو حديثا أو مسألة فقهية بدليلها
بشرط أن تستوعبها و تحيط بها من جميع جوانبها
.
أرأيتِ إن قابلتِ امرأةً في المدينة
شبكتْ يدها بشباك قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم
تتوسل به و تطلب منه حوائجها ..
فهالكِ المنظر ، فقلتِ أحدثها
فأنكرتِ عليها ، و أخبرتها بأن ذلك حرام
فصعقتكِ بــ : اقنعيني أن ما أفعله حرام بالأدلــة ؟؟!!
فما سيكون ردّكِ حينئذٍ ؟؟!!
هَهْ هَهْ ، لا أدري !!
لو قررنا أن نتعلم على الأقل مسألة عقدية أو حكمية و نحيط بها
من جميع جوانبها بحدودها و أدلتها
لخرجنا كل سنة بـ ثلاثمائة و خمس و ستين مسألة
فأصبحنا بذلك علمــاء
لكـن ، ذلك فضلُ الله يوتيه من يشاء
و الله ذو الفضل العظيم
و صلى الله و سلم على محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما
الروابط المفضلة