مهما هاجمنا الشعوذة فلا يمكننا مع ذلك إنكار شفاء البعض على يد المشعوذين أو عند زيارة الأضرحة، إنها لظاهرة مربكة لغير الملمين بمباديء علم النفس؛ فالتحسن الذي يعرفه طالبي الحلول الخرافية لا يعود إلى قدرات خارقة وفوق طبيعية حقيقية يتمتع بها المشعوذين، وإنما إلى اعتقاد بعض المرضى بأهلية هؤلاء وقدراتهم الاستشفائية. إنها قوة الإيحاء النفسي التي تدفع المريض إلى التحسن وليس شيئا آخر، وهو ينفع مع الأمراض الجسدية التي تنشأ بسبب نفسي، فلا عجب إذن من أن تشفى بطريقة نفسية كذلك.
يطلق على هذا النوع من الأمراض، الاضطرابات النفسية الجسدية حيث قد يصاب الشخص بمرض جسدي كشلل أحد الأطراف أو اعوجاج في الفك أو آلام… إلخ، فيزيد الارتباك عندما يخبرهم الأطباء بأن صور الأشعة ونتيجة التحليلات لا تشير إلى أي عطب أو تلف عضوي! هنا يخيم اليأس ويتم تلمس الحلول الخرافية عند ضعفاء الإيمان وعديمي المعرفة السيكولوجية، لأنهم لا يعرفون العضو قد يكون سليما، لكن وظيفتة هي التي تكون معطلة حيث تتأثر بالانفعلات النفسية إلى حد بعيد.
من يروا في الأطباء أصحاب بدعة لا يعرفون إلا ترديد ما درسوه بشكل جامد، ويروا في المشعوذين حكماء مطلعين على أسرار الحكمة.. مثل هؤلاء مستعدون أصلا للتغير (وبدون شعور) لإرضاء رموزهم الذين لا يملكون من سلطة سوى ما يعطونهم إياها السذج.
الأطباء فطنوا إلى قوة الإيحاء هذه فأنتجوا ((أدوية)) فعالة إلى أبعد الحدود مع المرضى الذي يعتقدون أنهم يعانون مشاكل جسدية لأسباب نفسية، أو اضطرابات أخرى كالأرق والوهن العصبي والذين يشتركون في اعتقادهم بقدرة الطب وليس الخرافة. هذه الأدوية هي ما يسمى بالعقاقير الوهمية Placebo التي لا تصنع من أي مادة كيماوية، أي أنها لا تختلف عن حلويات الأطفال إلا بالإسم والتعليب لتوحي لآخذها بأنها أدوية فعالة ومن تم يستجيب لها فعلا بالتحسن.
اتباع أسلوب الإيحاء النفسي من طرف كل من المشعوذين والأطباء لا يساوي بينهم على أية حال؛ فالفريق الأول يجعل من الإيحال أسلوبا استثنائيا مع مرضى معينين، بينما المشعوذين ذلك هو دأبهم، ينجحون بطلامسهم حينا، ويدمرون حيوات أخرى أحيانا خصوصا إذا ما أمروا مريديهم بأكل مواد تتسبب لهم في التسمم.
منقول من http://www.ilayka.com/?p=301