قرأت اليوم رسالة (قصة حقيقية) في احد الصحف بعنوان (مهلا ايها الموت) جعلتني ابكي وفى نفس الوقت حمدت ربى كثيرا ساتركم مع الرسالة وأنا متأكدة أنكم بعد قراءتها ستحمدون الله على ما انتم فيه
أنا يا سيدي امرأة تخطت العقد الثالث من عمرها بأربع سنوات انتظر الموت في اى لحظة كلما هاجمني الألم أترجاه فقط من اجل ابنائى أن يتمهل
نشأت في أسرة فقيرة تعيش في احد احياء القاهرة وسط اربع بنات وولد وحيد كان والدى يعمل غفيرا باحدى الشركات براتب بسيط تحمل وحده مشقة تربيتنا بعد موت امى وبرغم قلة الحيلة وضيق العيش الا اننا كنا سعداء ب (طبق فول بالزيت وبجنية عيش ناكل ونشبع ونحمد الله )اقصى ما كنت اتمناه في طفولتى واحلم به هو ان اتعلم واصبح ذات شان وكنت حريصه على ذلك منذ مراحل دراستى الابتدائية فتفوقت على زميلاتى حتى ان اهاليهن كانوا يعايرونهم بى ( بنت الغفير)
سيدى هل وظيفة الغفير عار هل الفقر عيب او سبة ولماذا ينظر الينا الناس باحتقار وا شمئزاز نعم احببت دراسنى لاقول للعالم كله ان الفقر ليس عيبا لكن الحياة كانت اشد قسوة من الناس فخرجت من المدرسة لانى لم استطع دفع المصاريف ولازلت اشعر بالحزن وغصة في نفسى لفقدى هذا الحلم
كبر والدى في السن واتعبه مرض السكرى فاحالوة الى المعااش ووجدنا انفسنا في مازق وقد اصبحنا على وش جوازفعمل اخى في ورشة نجارة لدى رجل طيب يعرف ظروفنا ولامانة اخى وشهامته وكان يعطية بلا حساب و بدات الحياة تبتسم لنا بعد ان شعرنا بحب اخى و حرصة و خوفة علينا فكان كل ما ياتى به يضعه في ىد والدى ونعيش منه ولا اخفيك سرا سيدى اننا كن نجتاج اشىاء كثيره مثل من هن فيه عمرنا ولكننا لم نطلب شيئا
كنا سعداء راضيين بما قسمة الله لنا فالفقراء يا سيدى لا يعنيهم في الحياة الا لقمة العيش و هدمة تستر اجسادهم حتى هذه السعادة لم تدم ففى صباح يوم ذهبت اوقظ اخى ليلحق بعمله فلم يرد تحسسته بيدى وداعبته في وحهه كعادتى فلم يرد انقبض قلبى فهرولت الى ابى صمت مخيف في اثناء كشف الطبيب ناس يملاون البيت احاديث جانبية مات اخى الوحيد بسكته قلبية وعمرة22 عاما كانت الصدمة مفجعة مشهد لم يغب عن ذاكرتى حتى الان كلما ذكرته بكيت لماذا اخى وفى هذا التوقيت؟ لم يتحمل ابى الصدمة ودخل في غيبوبة سكرى خرج منها ببتر ساقة اليمنى ليشقينا الما وحزنا بنظراته الحزينة واحساسه بالعجز والانكسار
سيدى ماذا تفعل خمس بنات واب عاجز منذ وفاة ولده الوحيد لا تفارق لسانه كلمة (لله الامر من قبل ومن بعد) و كانه اعتزل الحياة ماذا نفعل وكل ما نملكة من الدنيا معاش لا يكفى شراء الدواء لابينا المريض ماكان امامنا الا الخروج للبحث عن عمل نقتات منه فاشتغلت اختى الكبرى بمحل ملابس والحمد لله سارت الحياة
مرت السنوات كل عام تتزوج واحدة من اخواتى حتى بقيت انا مع ابى وما ان تقدم لى اول عريس حتى وافق ابى وزوجنى وانا لم اكمل 16 عاما وكان يتعجل زواجى بشكل غير عادى وعندما عاتبته على استعجاله لزواجى قال خلاص يا بنتى عاوز ارتاح فسكت عن الكلام بعد ان رايت في عينه دمعة يغالبها ولم يمر اسبوع على زواجى حتى مات ابى وكانه كان ينتظر هذه الساعة بالتحديد بعد ان اطمان علينا
كان ابى اخر سند لنا في الحياة وبموته شعرنا باليتم والخوف من الايام وبدات حياتى مع وزجى وانجبت منه ولدين وثلاث ينات هم املى وزرعتى حرصت على ان اربيهم واعلمهم والا احرمهم من ما حرمت منه كبر ابنائى حتى وصل ولدى الاكبر الى الصف الثانى الاعدادى والبنات بالابتدائى كلما نظرت اليهم اشعر بالسعادة ويهون كل التعب كان زوجى يعمل بالنقاشة وهى مهنة حسب الطلب وليست دائمة فكنت اعمل حساب لاى ظروف وادير بيتى بحكمة لكن زوجى كان مهملا في عمله ويعود الى في اوقات متاخرة فاقد الوعى وليس في جيبة مليم واحد
عاتبته بلطف وقلت له ان لدينا اطفالا نريد تربيتهم ولكنه لم يهتم رضيت بنصيبى واخذت اولادى في حضنى بعد ان تركنا زوجى شهورا ولا اعرف اين ذهب سالت اصدقائه وكل من يعرفه فلم يعرفوا عنه شيئا فخرجت اعمل في اى شىء امسح سلم عمارة مقابل جنية من كل شقة صباحا واعمل في مطابخ المطاعم ليلا ومن عام وانا على هذا الحال ونسيت انى متزوجة ونسيت زوجى كما نسينا وكان كل شاغلى هو كيف اربى اولادى كنا نقضى يومنا حسب الظروف وكلما مر يوم بخير حمدنا الله ولا ننتظر الغد
عذرا سيدى فقد اطلت عليكم فحكايتى قد تكون عبرة لمن لا يقدرون ما في ايديهم من نعمة المال او الصحة او الاولاد واردت بها ان اضع بين ايديكم كل ما احبسه في صدرى ان استطاعت الكتابه وصفه لتتخيلوا قسوة ما عانيت منذ طفولتى حتى لحظتى هذه التى لا اثق في ان تمر على مثل خلق الله ولست خائفة من الموت بقدر خوفى على ابنائى ولمن اتركهم ففى احدى الليالى صحوت على صراخ ابنتى سارة وهى تتالم من وجع في بطنها وبعد الكشف عليها طلب الطبيب اجراء اشعة لها لم اعرف طعم النوم حتى ظهرت النتيجة وكانت الصدمة التى قلبت حياتى فلقد اصيبت ابنتى سارة بفشل كلوى في كليتيها ولابد من اجراء غسيل كلوى لها ثلاث مرات في الاسبوع ظلت الطم وجهى حتى وقعت ارضا ماذا افعل ؟ وبدات رحلة العلاج فكنت ابيع في كل مرة اى شىء فى البيت حتى استكمل اوراق علاجها على نفقة الدولة او في مستشفيات التامين الصحى حيث كانت سارة فى الصف الثالث الابتدائى
كل ما كنت اتمناه في كل ليلة اقضيها مع ابنتى سارة هو ان يطلع النهار وهى على قيد الحياة لاحملها على كتفى واذهب الى مستشفى خيرى وافق على قبولها قبل ان استكمل اوراق علاجها في التامين الصحى وفى مرة من مرات الغسيل ساءت حالتها واخبرنى الطبيب ان الفشل قضى على احدى كليتيها وقال لى انه لابد من استئصالها ونقل كلية سليمة لها ولا ستصاب بفشل كامل في الاثنتين وتموت
كنت اسمع صوت الطبيب وكانى في كابوس فظيع اريد ان اصحو منه حملت ابنتى وذهبت الى البيت وضعتها في فراشها وخرجت ابكى من اين وكيف ؟ فاذا بيد تربت على كتفى وصوت اسمعه كالحلم ويقوا انا يا ماما ساتبرع بكليتى لاختى سارة احتضنته واشتد بكائى ولدى الاكبر اصبح رجلا وهو لم يكمل عامة الثانى عشر وبعد ليلة كئيبة عشتها ذهبت بابنتى الى المستشفى وقلت للطبيب وجدت المتبرع ففرح وقال هاتيه ناخذ منه عينة دم ونجرى له بعض الفحوصات فمددت له ذراعى
نعم سيدى نقلت كليتى لابنتى ولو طلبوا حياتى لاحد ابنائى لقدمتها وانا سعيدة ونجحت العمليه وبدات حالة سارة تستقر وانتظمنا في اجراء الغسيل للكلية الاخرى ولانه لا مورد رزق لهم الا انا فقد خرجت لعملى الشاق قبل ان يلتئم جرحى ولم اخبر ابنى الاكبر بما حدث وكان كلما سالنى اقول ان حالتها تحسنت
خوفى على سارة انسانى طفلى محمد الذى لم يكمل عامة الثالث حتى وجدته يشكو من الم في بطنه فقلت الم بسيط وسيزول ولكن تكرر الالم فكشفت عليه ......اصيب محمد بفشل كلوى نعم سيدى اصبح اثنان من ابنائى مصابين بفشل كلوى يحتاج كل منهما الى رعاية مستمرة ما حدث لى قد لا يصدقة عقل لكنها الحقيقة المؤلمة التى عايشتها مع ابنائى والمرض وقلة الحيلة والرزق وانا اقابل المصائب وحدى دون سند الا الله سبحانه وتعالى كان المستشفى الخيرى الذى يعالج محمد وسارة رحيما بنا فاستقبل ابنى بعد ان قابلت مدير المستشفى وحكيت له قصتى فوجدته انسانا طيبا خيرا قال بابتسام رقيق ماتشليش هم ربك كريم لكن كثرة الحالات كانت تستنزف الاجهزة والمستلزمات الطبية ففى بعض الاحيان لم اكن اجد جهازا خاليا واحيانا اخرى لا نجد ادوات تجهيز الغسيل فكنت اشتريها ويعلم الله وحده كيف كنت ادبر ثمنها
احمدوا الله على نعمة الصحة ورزقه مهما يكن قليلا فمال الدنيا كله لا يساوى لحظة الم ووجع نراها في عين طفل مريض اى طفل اريد ان لا ترى اى ام ما رايته وما دام هذا المستشفى بخير فسوف تكون سارة ومحمد في امان فانا اتمسك بالحياة فقط لاجلهما بعد ان تدهورت صحتى بعد نقل كليتى لابنتى وكثيرا ما اشعر بالام تهاجمنى من حين الى اخر اخشى ان تودى الى موتى قبل ان اصل بابنائى الى بر الامان وساواصل مشوارى حتى اخر نفس في صدرى والله المعبن
الروابط المفضلة