❞هوَ الدّينُ السماويّ الّذي شرّع لنا الأخلاقَ الطيّبة ، وأمَرنا بالتزامِها
وهوَ الدّينُ العظيمْ الّذي حثّنا على مكارمِ الأخلاق ، وحسن التَعامل .
فالصّدقُ والأمانة والإخلاصُ والوفاءُ بالوعدِ تشملُ قيم المسلمِ
ألا أنَّ هنالك أحدُ هذهِ القيم فُقد في صفوفِ أُمّتنا في هذا العصر
وتناساهُ النّاس وكأنّهُ لمْ يُذكر في كِتابِ الله وسُنّةِ رسولهِ الكريم صلّى الله عليهِ وسلّم
هوَ خُلُقُ الأنبياءِ والرّسل والصّالحينَ جميعاً ، وأولى أخلاقِه صلّى الله عليهِ وسلّم ألا وهوَ خلقُ التّواضعْ
الّذي لمْ يعد ذو قيمةٍ تذكرْ .فاستفحلَ مرضُ الكِبَرِ في المُجتمعْ ، وسادت فيهِ الخيلآءُ والطّغيان,
قالَ عزَّ وجلّ في محكَمِ كِتابِهْ :
((واخْفِضْ جَنَاْحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤمِنيْن)) الشعراء آية 215
حينَما أمَرَنا اللهُ تعالى ورَسولُهُ الكَريمْ بخلقِ التّواضع لمْ يكنْ إلّا لنشرِ المودّةِ والخيرِ بينَ العالمينَ جميعاً .
فَترى اللهَ قدْ خلقَ النّاس أشكالاً وألوانا متعدّدة ، منهمُ الفقيرُ والغنيّ والأسودُ والملوّن
وأمرَهُمْ ألّا يطغي أحدٌ على أحد ، ولا يتكبّر أحدٌ على أحدْ.
“وَلَا تُصَعرْ خَدكَ لِلناسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ
مَرَحاً إِن اللهَ لَا يُحِب كُل مُخْتَالٍ فَخُورٍ .،
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِن أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” سورة لقمان آية 18_19
فَترى الفقيرَ الّذي يحمِدُ ربّهُ على اللّقمةِ الهنيئة والنومَةِ المُريحة ، شاكراً عابِدا مُستغفراً
زاهِداُ في دنياه طالِباً لآخرته ، حتّى كفاهُ اللهُ ورزقهُ مِنْ حيثُ لا يحتسِبْ.
متأسياً بذلكَ بخيرِ قُدوةِ للعالمينْ ، سيّدُ المُرسلينَ محمّداً صلّى الله عليهِ وسلّم
خافضاً جناحَهُ للنّاسِ كافياً خيرهُ شرّه ، ذو ابتسامةِ دائمة ووجهٍ بشوشٍ سعيدْ
حتّى إذا ما تذكرَ قولهُ صلّى الله عليهِ وسلّم :
((يؤتى بأنْعَمِ أهلِ الدُّنيا مِنْ أهلِ النّار يومَ القِيامة ، فَيُصْبَغُ فِيْ النًارِ صَبغَةً ، ثُمَّ يُقالْ :
يا بْنَ آدَمَ هَلْ رأيتَ خَيْراً قَطًّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعيْمٌ قَطْ ؟ فَيَقول : لا واللهِ يَـا رَبِّ .
وَيُؤْتى بأشَدِّ النّاسِ بُؤساً في الدُّنْيَا مِنْ أهْلِ الجَنّة فَيُقالُ له :
يا بْنَ آدَمَ هَلْ رَأيتَ بؤسَاً قَطْ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطْ ؟
فيقولُ : لا واللهِ ما مرَّ بي بؤسٌ قَطْ ، ولا رأيتُ شِدَّةً قَطْ ))
فاضَ قلبُهُ سعادةً وتوقاً للآخرة ، حيثُ النّعيمُ الأبديّ والخيرُ الّذي لا يزولْ
وهنالكَ الآخرُ الّذي لمْ يرتضي لِدُنياهُ الزّهدَ ولمْ يرضَ بالخضوعْ
فتراهُ عابِساً مُكشّراً عنْ لؤمٍ وكراهيةٍ يملآنِ قلبه ، حتّى إذا ما ذُكِرَ اسمُ اللهِ انزوى يأبى الإنصاتْ
لأنّهُ لم يُجبَلْ على الخضوع ، حتّى لربِّ الأكوان – والعياذُ بالله –
فَترى الله قدْ مَنَحهُ مِنَ الخيرِ العظيمْ والّذي ما فتئ ينفقهُ فيما لا يُرضي الربّ ولا العِبادْ
مشترياً أهواءَ نفسه ، متعالياً عمّن حولهُ ، مُتظاهراً بالترفِ ، باذِخاً مُسرفاً
ناسياً قولَ حارثةٍ بن وهب رضي الله عنه حينَما قال :
سَمِعْتُ رَسولَ الله يَقولْ :
(( ألا أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ النّارْ ؟ كُلٌّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ ))
متفقٌ عليه.
ونسيَ أنَّ هذهِ الدُّنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها ، إلّا ذكرُ الله وَمنْ والاه وعالِماً ومُتعلّماً
.
وليسَ الزّهدُ في الدّنيا أن يترفّع صاحبُ المالِ عن جمعهِ وإنفاقه
فـ من يمتلكُ المالُ ينفقهُ في وجوهِ الخيرِ ويفيدُ بهِ من حوله
أحبُّ إلى الله منْ أنْ يزهدَ بهِ حامداً شاكراً.
الروابط المفضلة