انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 2 من 2

الموضوع: ما أحلا طعم الموت .. قصة حقيقية !!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الموقع
    مدينة الايمان/دولة الاسلام
    الردود
    1,070
    الجنس
    رجل

    Unhappy ما أحلا طعم الموت .. قصة حقيقية !!!!

    ما أحلا طعم الموت



    عقارب الساعة تكاد تتجاوز الثانية ظهراً ، يلملم ( عبد السلام ) حاجياته
    مسرعاً ؛ فلم يتبقى على بدء حظر التجوال سوى ساعتين . .
    يجب أن يخرج من المكتب قبل أن تزدحم الشوارع بالعائدين إلى بيوتهم ؛ فمازال
    أمامه المرور على طفليه لإحضارهما من المدرسة ، ثم شراء مستلزمات البيت حتى
    الغد ، ثم السير لأكثر من عشرين دقيقة فالباص لا يمر إلا بالشوارع الرئيسية
    . . إنها معاناة كل يوم .

    يخرج ( عبد السلام ) من المكتب متعجلا ؛ يتجاهل حتى رد السلام ؛ فربما يجره
    رد السلام إلى ثرثرةٍ لا طائل منها سوى التأخير و إضاعة الوقت .

    - الحمد لله لم يتأخر الباص ؛ سأصل إلى المدرسة قبل خروج الأطفال .
    - ما شاء الله . . مقعدان خاليان بالباص . .
    أعتقد أن الجلوس بجوار هذا الصبي الصغير سيكون أفضل من الجلوس بجوار السيدة
    .

    تفحص ( عبد السلام ) الصبي سريعاً . . فلم يرى إلا جسده النحيل ؛ إنه لا
    يتجاوز الخامسة عشرة ؛ ولكن لماذا يدور ببصره من خلال النافذة و كأنه يبحث
    عن شيء ما ؟ إنه حتى لا يشعر بوجودي . .
    بماذا يتمتم ؟ . . لعله يهمس لنفسه بكلمات إحدى تلك الأغنيات الغريبة التي
    يسمعها الصبية هذه الأيام . .
    أفضل شيء أن أحاول الاسترخاء قليلاً . . فمازال الطريق طويلاً ، وأنا أشعر
    اليوم بأنني منهكٌ تماماً .

    التفت الصبي إليه فجأة ، وكأنه يتساءل : منذ متى وأنت هنا . .
    بادله ( عبد السلام ) بنظرة ترحاب ؛ تجاهلها الصبي ؛ ليعود إلى النافذة
    - من الواضح أن هذا الصبي غريب الأطوار . .
    ربما يمر بأزمة عاطفية ؛ أو ربما هي أعراض الحب الأول . .
    و قبل أن يهمّ ( عبد السلام ) بالضحك في أعماقه . . التفت إليه الصبي فجأة
    . .
    - هل ذقت طعم الموت يا سيدي ؟
    - ماذا ؟ . . طعم ماذا ؟ . .
    قالها ( عبد السلام ) متعجباً فزعاً من هذا السؤال المفاجئ
    - الموت يا سيدي . .
    شعر ( عبد السلام ) بأن كلمة ( غريب الأطوار ) كانت مجحفة لشخصية هذا الصبي
    . . و لكن لا بأس ؛ فالحوار يقتل دقائق الانتظار للوصول إلى المدرسة . .
    - و ماذا يعرف صبيٌ في مثل عمرك عن الموت ؟
    - ليس أكثر مما تعرفه أنت يا سيدي . . و ليس أقل
    فماذا تعرف أنت عن الموت ؟
    - الموت يا بني . . الموت هو الموت
    - هل رأيت يا سيدي ؟ نحن لا نعرف شيئاً عن الموت ، فمن منا يستطيع أن يصف
    ملامح الموت ؟
    وكذلك الموت . . لا يعرفنا . . فهو لا يميز صغيرنا من كبيرنا ، ولا ضعيفنا
    من قويّنا ، ولا فقيرنا من غنيّنا
    يا سيدي نحن و الموت كمسافرين في قطارين متعاكسين . . لا نلتقي إلا للحظاتٍ
    معدودة ؛ لا تكفي للتعارف
    - صدقت يا بني ، ولكن من في مثل عمرك لا يتحدث عن الموت
    - ولماذا يا سيدي ؟ الموت سلعة بائرة لا يشتريها الكبار عندما يجب عليهم
    ذلك . . لذا يجدها الصغار في الأسواق بأرخص الأثمان .
    - ربما ! !
    قالها مفضلاً قطع هذا الحوار السخيف ، و متعجباً من هذه الفلسفة الغريبة
    التي ورطته الصدفة في الإنصات إليها.

    أعاد الصبي النظر من النافذة ، ثم ما لبث أن التفت ثانيةً إلى ( عبد السلام
    ) . .
    - لم تجبني يا سيدي ؟
    - بماذا يا بني ؟
    - هل ذقت طعم الموت ؟
    - يا بني : الموتى فقط هم من يذوقون طعم الموت ، أما الأحياء فلا .
    - يا سيدي : الموتى لا يتذوقون . . إنهم موتى ؛ ألا تفهم ؟ إنهم موتى . .
    - يا بني : إذا كان الموتى لا يذوقوا طعم الموت ، فكيف تدّعي أن الأحياء
    يذوقونه ؟
    - لأن الأحياء هم من أنعم الله عليهم بالإدراك . . لذلك فهم يتذوقون
    - و لكن . . ألم تقل يا بني أننا لا نعرف شيئاً عن الموت ؟
    - صحيح يا سيدي . . و لكننا نستطيع أن نشم رائحته ؛ أن نذق طعمه
    - كيف ؛ و نحن لا نعرفه ؟
    - يا سيدي :
    عندما تخرج من بيتك كل صباحٍ تتلمّس الموت . . تذق طعمه
    عندما تجوب الشوارع و الطرقات تفتش عن الموت . . تذق طعمه
    عندما تطارده بجسدك الضعيف غير مبالٍ . . تذق طعمه
    عندما تشعر به يفر من أمامك مذعوراً . . تذق طعمه
    عندما تجده أجبن من أن يحصدك . . تذق طعمه
    عندما تعود إلى دارك آخر النهار مهموماً لأنك لم تمسك بالموت . . تذق طعمه

    يا سيدي . . عندما تخرج لسانك للموت . . تذق طعم الموت

    - نظر ( عبد السلام ) إلى الصبي مرتاباًً و قد سرت بأطرافه قشعريرة باردة .
    . ربما يكون به مساً . .
    نفض الفكرة عن ذهنه سريعاً . . ربما الحديث عن الموت هو ما يفزعه ، ولم لا
    ؟ فالنفس البشرية تجزع من الموت . .
    و لكن ما بال هذا الصبي يتحدث عن الموت و كأنه صديقٌ حميم يعرفه جيداً ؟ هل
    يكون روحاً ؟!!
    ما هذا يا عبد السلام ؟ هل تفقدك عباراتٍ بلهاء يهذي بها صبيٌ مخبولٌ صوابك
    .

    تمنى ( عبد السلام ) لو يعاود الصبي حديثه ، فربما قطعت الكلمات هذا السيل
    من الأفكار البلهاء التي تحاصره . .
    و كأن الصبي يتعمد أن يدعه لأفكاره تعبث به . . مكتفياً بالنظر من خلال
    نافذته .
    حاول ( عبد السلام ) مجاذبة الصبي أطراف الحديث مرة أخرى
    - إلى أين أنت ذاهبٌ يا بني ؟
    - إلى داري
    - هل كنت في المدرسة ؟
    - لا
    - هل تعمل ؟
    - نظر إليه الصبي نظرات استهزاء ٍ . .
    أبي لا يجد عملاً . . و كذلك أخي الأكبر
    - إذن من أين قدمت ؟
    - من بيتي
    - ألم تقل منذ لحظات أنك في طريقك إلى بيتك ؟
    - لا يا سيدي . . و إنما قلت أنا في طريقي إلى داري
    - تراقصت الحيرة في عينيّ ( عبد السلام ) مغلفةً كلماته :
    قادمٌ من بيتك . . و في طريقك إلى دارك ؟
    - نعم يا سيدي . . قادمٌ من بيتي و في طريقي إلى داري . . ما الغريب في هذا
    ؟
    - لا شيء يا بني . . لا شيء

    شعر عبد السلام بالرغبة في النهوض سريعاً . . بالتأكيد هذا الصبي ليس
    طبيعياً . .
    تمنى لو يسرع هذا الباص قليلاً لينهي هذا العبث . . تمنى لو لم يستقل هذا
    الباص ؛ لم يره . .
    أحس بالندم لأنه لم يرد السلام على زميله أثناء خروجه . . ربما شغلهما
    الحديث حينها فيعمى عن رؤية هذا الباص اللعين .

    - و كأنما أدرك الصبي أنه قد نال من ( عبد السلام ) . . فتحركت ملامحه
    الجامدة ليمتلأ وجهه لأول مرة بابتسامة مودة :
    هل لديك أطفال يا سيدي ؟
    - نعم ؛ لدي ( نضال ) عمره ثماني سنوات ، و ( جهاد ) عمرها ست سنوات ، و (
    صلاح الدين ) عمره ثلاث سنوات .
    - قَرَّ الله بهم عينك
    - و أدامك الله لأهلك سالماً يا بني
    - عندما يكبر أطفالك يا سيدي ؛ عندما ينضجون ؛ عندما يفهمون ؛ عندما
    يسألونك عن الموت . .
    قل لهم يا سيدي . .
    ما أحلى طعم الموت

    - لم يمهلني الوقت للتفكير في معنى كلماته ، فقد صرخ فجأة مستوقفاً السائق
    ، ونهض مهرولاً إلى الباب الأمامي حتى كاد أن يزيحني من مقعدي . .

    وقبل أن يهبط من الباص . . توقف فجأة وكأنه نسي شيئاً هاماً ، نظر إلى
    السيدة التي بجواري ؛ عانقها بعينيه ؛ قبّل يديها و سألها الدعاء . . أطالت
    النظر إليه و كأنها تحفر ملامحه في ذاكرتها ؛ احتضنته بعينيها ؛ خبأته في
    صدرها ؛ طبعت على خديه قبلة عميقة . .
    رسم على شفتيه ابتسامة راضية و هبط من الباص مسرعاً . .
    أخذ يعدو في الطريق كالصاروخ المنطلق يخترق الزحام . . لا أدري لماذا أو
    إلى أين ؟

    إنه فعلاً صبيٌ غريب . . حتى أفكاره و كلماته غريبة مثله .
    انطلق الباص . . نظرت إلى السيدة أفتش في ملامحها عن سر هذا الصبي . . لقد
    تصلبت ملامحها حتى بدت كالموتى . .

    لم تمر سوى لحظات . . حتى دوى صوت انفجارٍ هائل . . توقف الباص فجأة ، نهض
    كل من بداخله يتطلعون إلى الخلف . .
    لقد كانت سيارة عسكرية تحترق ككومة من القش . .
    قطع صمت الجميع بالباص زغرودة طويلة أطلقتها تلك السيدة . .

    لقد كانت أم الصبي . . أبت إلا أن تصحبه إلى حفل عرسه
    ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
    وصلني بالايميل

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الموقع
    مدينة الايمان/دولة الاسلام
    الردود
    1,070
    الجنس
    رجل


مواضيع مشابهه

  1. بعد 57 دقيقة -العودة من الموت" تجربة حقيقية أم حالة ذهنية؟
    بواسطة بلقيس فلسطين في المجلس العام
    الردود: 6
    اخر موضوع: 09-11-2009, 09:26 PM
  2. قصة حقيقية لطفلة ترى ملك الموت
    بواسطة حفيدةالحميراء في روضة السعداء
    الردود: 10
    اخر موضوع: 03-06-2009, 05:52 PM
  3. قصة حقيقية طفل رسم نفسه قبل الموت
    بواسطة زينة الورد في فيض القلم
    الردود: 32
    اخر موضوع: 26-06-2007, 05:17 AM
  4. الحمو الموت مشكلة حقيقية ادخلو بسرعة
    بواسطة seeramazen في نافذة إجتماعية
    الردود: 43
    اخر موضوع: 04-03-2006, 04:35 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ