ولهذا فأنا سليل عائلة إرهابية!!
-الوطن -علي سعد الموسى
يؤسفني جداً أن تتحول الظروف الصعبة التي نمر بها الآن إلى شيء من تصفية الحسابات والثأر بالغمز واللمز في لغة الإعلام والمجتمع.. ما يحدث اليوم من حديث معلن في المجالس الخاصة والعامة. وفي منابر الإعلام المختلفة ليس إلا تغييبا لصوت العقل الراشد يعتسف فيها البعض فرصة سانحة لزيادة الفرقة والاختلاف بين أصحاب السفينة الواحدة. هذا في المجمل لا يمكن أن يؤسس لحوار اجتماعي متسامح علاوة على أنه يذهب بالتهم إلى مكانها غير الصحيح ويشيع لغة التعميم وجر الأغلبية الساحقة بخطأ الأقلية لمجرد تشابه في السنحة والملامح.
وبصراحة متناهية فإن نظرة الشك والريبة لكل مواطن لمجرد أنه يحمل السمة الظاهرة لأغلب أبناء هذا البلد لا تعني إلا إدانة جماعية مقيتة لا يمكن لمرافعة قانونية سليمة حتى مجرد النظر إليها ودرسها في صفة اعتبارية عادلة. إذا ما سلمنا بهذا الافتراض الخاطئ فأنا على المستوى الشخصي سأكون سليل عائلة مغالية إرهابية لمجرد أن السواد الأعظم من إخواني وأعمامي وأبنائهم ملتحون ملتزمون شأنهم في ذلك شأن أهلكم وأئمتكم وجيرانكم, ولكل منكم أن يجري قياساته الخاصة للتأكد من حجم انتشار تهمة باطلة.
أقدر أن مثل هذا الاندفاع قد يحدث كردة فعل لمشانق فكر الغلو على أصحاب الرأي المختلف وتوزيعهم للتهم أيضا فيما مضى وإلى اليوم. لكن الحقيقة الثابتة تبقى أن كل رأي متطرف لا بد أولا أن يواجه بالرفض سواء أكان هذا الرأي صادرا من يمين أم يسار. المسألة الثانية التي لا بد أن تكون واضحة أن الآراء الشاذة ستبقى على الدوام أقلية لا يمكن حسابها على أنها ظاهرة اجتماعية. المشكلة أن هذه الأقلية من دعاة التحرر المفرط أو الغلو والتزمت الفارط يبقى صوتها قويا لأن الجمهور في أي مكان يميل إلى سماع الخطاب النشاز حتى وإن لم يؤيده. هذه مسألة جوهرية في حوارنا الوطني ولهذا باتت الدعوة أكثر من ملحة لأن نبث صوت العقل وأن نفكر في الأمر في صورته الآمنة التي تعيد رسم اللحمة الاجتماعية إلى دائرة متناغمة. لا شيء أكثر خطورة من أن تحشر فئة من الناس في زاوية ضيقة ثم تكيل لها التهم ركوبا لموجة مؤقتة لأن ردة فعل هذه الفئة ستكون شديدة ومؤلمة وقد يكون لها العذر وهي تدافع عن نفسها في منعطف خطر بثوب البراءة. مطلوب أولا من المؤسسة الدينية أن تنظف خطابها من هواة التصنيف ومن مبتدعي التهم ومطلوب أيضا من المجتمع والفريق المقابل بالتحديد أن يكون عقلانيا وألا يتصرف بردة فعل جامحة على الرغم من تشدقه بالموضوعية التي يكشفها الزيف في هذه المرحلة. هذا هو الحق فيما أرى وسأكون منصفا أن أقف معه في اللحظة المناسبة.. خطاب التفريق والاتهام بكل أشكاله وأطيافه مرفوض في لغة الدين ومنبوذ في لغة الإعلام وهمس المجالس, نحن جميعا في سفينة واحدة. أرجو ألا يميل بها الثقل في طرف واحد للغرق. تذكروا أنه صوت العقل, بل اللغة التي قام بها هذا الوطن.
الروابط المفضلة