أنصح من يريد الكتابة الجيدة ولنقل المقبولة على أية حال ، أن يؤمن بذاته ، ولا يقلل من شأنها ، يكفي أنك مشاعر وأحاسيس تكون في كثير من الأحيان شعلة منها لا تخبو ولا تخمد ، لا تحتاج إلا إلى ورقة وقلم لتبدي روائعَ من طيب قولك وجميل شعورك ، وإن لم تكن ممن يفيضون شعوراً وأحاسيسَ ، وكنتَ عملياً إلى حدٍ يفصلك عن القلب عقلٌ مفكرٌ ، فما يمنعك من كتابة مواقف الحياة التي تمر بها دروساً قطعاً تستفيد منها ، و ترصها حتى وإن كانت في نقاط متتالية لا يهم ، المهم أن تكتب .
أنصحك بألا تخرق أثواب بداياتك بآراء من هب ودبّ ، بل احترم لجلالة قلمك بعض الهيبة ، و اعرضه على الثقات الثقات ، ممن تتأكد أنت من نزاهة آرائهم ، و صِدق علمهم ، وبالمناسبة : قد يكون هذا الشخص الثقة بائعاً على بسطات الشوارع أيضاً لا يهم يهمنا الذوق والنَفَس الإنساني ، و لا تستهن بالخبراء إن وجد من بينهم ثقة ( لا يلوي عنقك فيما بعد بذكر جميله الدائم عليك !! ) إلا أن هذا لا يعني قط أن نرفض مبادرات القراء إلى إبداء آرائهم ، وذكر نصائحهم وتوجيهاتهم ، لعل أحدهم يرى صورتك التي لا تراها فيرتب لك ما اعوج من ياقة قميصك حين تفتقر إلى مرآة
كن واثقاً أنك تكتب لعامة الناس ، فاكتب لهم بصدق ، اكتب للإنسانية ، للجمال ، وستجد الكثير منه أنّى اتجهت و قصدت ، و كن معهم حين تكتب لا في منازلهم وطرقاتهم ، ولكن في نفوسهم وقلوبهم ، وعقولهم و همومهم .
أطلق لنفسك عنان الحرية في التعبير ، و لا تتردد في ذكر ما تشاء وما يستولي على فكرك وشعورك ، فإن تحجيمه و تحجيره فيما يليق أو لا يليق قد يسبب له بعض الجمود و يشح فكرك فيما بعد عن الإنسيابية والسلاسة ، فتضطر إلى قطع حبل الإفكار و خلط التسلسل ، لكن هذا لا يعني أنه سيُعرض كما هو ، علينا دائماً أحبتي أن نراعي ما يعتقده الآخر ونحترم ما يؤمن به . إننا لا نكتب لنهاجم بعضنا بعضاً و لا لنفوز بسباق أو ليصفق لنا الراؤون ، بل هي رسالة لن تصل إلا بك ومنك ، راجع ما كتبت مراراً وتكرارا ، و احذف غير آسف ولا نادمٍ على ما قد يجرح قارئاً أو يحرجه ، فالموجه لم يكن يوماً ليزاحم من يوجههم في أزقة ضيقة لا يقدرون فيها على الحراك يتصببون عرقاً ويشتطون منه في قرارتهم غيظاً وكمدا.
ولا تستهن بعلامات الترقيم ، وصحة الإملاء والنحو ما استطعت إليه سبيلاً ، حتى إن اضطررت للجوء إلى مدقق لغوي ، أو صديق متخصص أو هاوٍ مُجيد . كل ذلك يتيح لك الوصول إلى قلب قارئك بأبسط السبل وأسرع الطرق .
لا تتكلف في كتابة شيء ، ولا تستجلب ما ليس منك ، ولا تدَّعي شعوراً لا يخالجك ، كن أنت كما أنت ، ومثل نفسك دون غيرك ، باحترام بالغ للغير ، واحترامٍ أكبر للذوق السائد في مجتمع إن شئت أو أبيت أنت منه وفيه ، حتى وإن خالفناه ولم نؤمن بمثل ما يؤمن به.
أنت حقاً لن تكتب للرافعي ، أو تستجدي ثناء المنفلوطي ، وغيرهم من الأسماء الحقيقية أو التي قد يرون نفسهم بمثابتها ! أنت تكتب لي كقاريء تفيدني وتوجهني وتنصحني وتعلمني ، وتوفر عليّ خبرة ً لم أمر بها من قبل فإن كان فشلاً جنبتني مثله ، وإن كان نجاحاً مهدت الطريق أمامي لبلوغه ...
فاكتب رجاءً ولا تتردد ، واعلم أن كل ما تجود به رائع وجميل بمعاني الإبداعِ كلها
ولمن آمن و أثّر في قلبه و أنعمَ الفكرَ في عقله آيُ الله العظيم ، فإنه جل جلاله وعزّ شأنه يُقسم بالكتابة ليبين لك عظيم قدسيتها ، ولعلي أعود للحديث عن هذه النقطة بالتفصيل في مقال قادمٍ بحول الله : { ن، والقلم وما يسطرون } !!
كتبتها في الإسلام اليوم باسم ( هدية عبد الله ) منعاً لأي لبس
الروابط المفضلة