بسم الله الرحمن الرحيم
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا..
فهنا يشبه النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع بالسفينة..وهذه السفينة فيها أناس في العلو ويمثلون الصالحين في المجتمع..وأناس في أسفل السفينة ويمثلون أهل الفسق والمجون والانحراف في المجتمع..فيقول عليه الصلاة والسلام..بأن هؤلاء الذين في الأسفل..أرادوا أن يخرقوا في السفينة في الجزء الذي يقطنونه منها..بحجة عدم إيذاء الذين في العلو بالمرور عليهم أثناء جلب الماء وبحجة أن هذا نصيبهم من السفينة يفعلون فيه ما يشاؤون..يقول عليه الصلاة والسلام فإن ترك الذين في أعلى السفينة الذين في أسفلها ليخرقوا فيها ولم يمنعوهم من ذلك هلكت السفينة كلها بمن في أعلاها ومن في أسفلها..وإذا منعوهم من ذلك وأخذوا على أيديهم نجت السفينة بمن فيها..
والآن في المجتمعات..نجد أن الكثير من أهل الفسق والفجور إذا أنكر الإنسان عليه..يقول"وش دخلك"..إذا أدخل إلى بيته أجهزة فساد وضلال مثلا وأنكر عليه أحد الصالحين قال"وش دخلك هذا بيتي وأنا حر!"..
وإلا إذا كان لا يحافظ على الصلاة وأنكر عليه قال "وش دخلك الصلاة لي وإلا لك"..
أو كان عندها مثالب في حجابها تقول "وش دخلك عبايتي وإلا عبايتك!"أو "انشغلي بنفسك واتركي اللقافة"وإلا"هذي حاشرة نفسها في كل كبيرة وصغيرة"..فهنا لو تُرك هؤلاء العصاة وما هم عليه من الفساد بحجة ترك اللقافة..هل سيهلك العصاة وحدهم..كلا!..
بل سيهلك العصاة والصالحون جميعا..
فهذا الحديث العظيم يبين لنا أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
في صلاح المجتمعات ونجاتها من الهلاك..ومن وقوع العذاب..
فإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أسباب الهلاك..
وهذا الهلاك يعم الصالح والطالح..فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر"إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب"..
وترك الأمر بالمعروف سبب في انتشار الفساد..وكثرة الخبث في المجتمعات..
كما ورد في حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟.. قال :نعم إذا كثر الخبث..
ولا يكثر الخبث والله أعلم إلا إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..فعندئذ ينتشر الفساد..ويكثر الضلال والانحراف..والعياذ بالله..فتكون المجتمعات مهيئة للهلاك وأن يعمها الله تعالى بعذاب..
بل يكون ذلك سببا حتى في هلاك الصالحين..لأنهم لم يقوموا بواجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..كما ورد أن ملكا أمر أن يخسف بقرية.. فقال: يا رب فيها فلان العابد.. فأوحى الله تعالى إليه أن به فابدأ فإنه لم يتمعر وجهه في ساعة قط من أجلي..
فحق على الجميع أن يحيوا هذه الشعيرة العظيمة..وأن تكون ملازمة للفرد منا في جميع شؤون حياته..فيأمر وينهى في بيته بين أبنائه والزوج مع زوجته والزوجة مع زوجها..
ثم تتسع الدائرة فيدخل فيها الجيران والأقارب والأصدقاء..ثم تتسع أكثر قيأمر وينهى في مكان عمله..ثم يشمل الأماكن العامة من الأسواق والمنتزهات والمطاعم والفنادق والشواطيء..
ولو قام كل إنسان منا بواجبه في ذلك..لانحسر الفساد..وقل انتشاره..وضاق أفقه..
وهذا من أسباب النجاة..
الروابط المفضلة