تزايد الحديث مؤخراً عما تتعرض له المرأة المسلمة في عدد من الدول الأوربية نحو فرنسا وإيطاليا وألمانيا ، من اضطهاد ومعاناة ومنعها من أبسط حقوقها في ارتداء الحجاب الشرعي ، دفع الكثيرين للتساؤل عن أوضاع المرأة في العالم بما فيها بعض الدول العربية والإسلامية، ،و هل تحصل المرأة المسلمة على حقوقها كاملة، وهل تتمتع بحق ارتداء الحجاب، أم أن هذه الحقوق مصادرة في بقية الدول أيضا؟ حاولنا من خلال التحقيق التالي الوقوف على أوضاع المرأة المسلمة في عدد من الدول العربية والأفريقية والأوربية :
دول عربية:
في بعض الدول العربية، تعاني المرأة المسلمة من اغتصاب واضح وحقيقي لأبسط حقوقها، كلبس الحجاب أو النقاب، أو مصادرة حقّها في العمل ضمن بيئة لا تلزمها بالاختلاط مع الرجال. ولعل المثال الأقرب إلى الأذهان اليوم، ما قامت به وزارة التعليم العالي المصرية التي حاولت حظر ارتداء الطالبات للنقاب في بعض الأماكن، ومنها قاعات الامتحانات.
أما في تونس، فإن المرأة هناك تم التغرير بها لدرجة أن المرأة الملتزمة بالحجاب أو النقاب نادرة الوجود، وإذا ما كانت هناك امرأة تلتزم بذلك، فهي قد تخرج عن إطار المألوف العام.
في سوريا، ضيّقت الحكومة خلال فترة الثمانينيات على المحجبات، لدرجة كانت المرأة تضطر لخلع حجابها أمام قوات الأمن، ويمكن إلقاء تهم ضد المحجبات بسهولة إذا ما ظهرت عليها ملامح التدين.
أما حقوق النساء بعمل لا يتضمن الاختلاط فإنه حق مغيب من الصعب الحصول عليه، فالغالبية العظمى من دوائر الدولة في الدول العربية لا تضع أي اعتبار لخصوصية عمل المرأة، وبالتالي فإن العمل الوظيفي هو عمل مختلط.
فيما يعتبر العمل الدعوي أمر محصور بأضيق الحدود، إذ من النادر أن نسمع عن سيدات مسلمات يقمن بالعمل الدعوي في تلك الدول العربية.
الدول الإسلامية:
بعض الدول الإسلامية لديها تجارب حقيقية في العمل الدعوي، وفي حقوق المرأة المسلمة، إلا أن الطابع العام لوضع المرأة هناك، هو اعتبارها جزء من الحرب الديني بين التنصير والدعوة إلى الله، أو بين المسلمين والمسيحيين، أو بين الغنى والفقر، والحاجة الدائمة للتمويل.
موقع (وفاء) التقى مع الشيخ "إبراهيم محمد" (مدير مركز أهل السنة سابقاً ومؤسس مركز الدعوة في نيجيريا) وسألته عن واقع المرأة هناك. حيث يقول: "نحن في مدينة لاجوس لدينا برنامج مدعوم من قبل الحكومة، حيث تقوم النساء بتعليم القرآن الكريم، ولدينا هناك جمعية نسائية خاصة بالدعوة، والنساء لدينا لديهنّ حقوق موفرة للعمل الدعوي". مؤكداً أن المرأة المسلمة في نيجيريا تتلقى الدعم من بعض الدول الإسلامية، وخاصة السعودية.
وعن حق ارتداء الحجاب للنساء المسلمات، يضيف الشيخ إبراهيم محمد بالقول: "الكثير من النساء في نيجيريا محجبات ولله الحمد، ولا أحد يضايقهنّ في ارتداء الحجاب الإسلامي، وكذلك العمل فإنه متاح للسيدات المسلمات".
أما عن أبرز الداعيات هناك، فيقول الشيخ إبراهيم: "إن هناك أسماء لامعة في سماء العمل الدعوية في نيجيريا، مثل لطيفة توكونو والعالمة عائشة ليمون وأمثالها".
المرأة المسلمة عند الطوارق:
وتختلف صورة المرأة المسلمة وحقوقها لدى الطوارق، والذين ينتشرون في بلاد المغرب العربي وفي بعض الدول الإفريقية، حيث يخبرنا الشيخ عبد الله موسى محمد مصطفى السوقي، (مؤسس ومدير المركز الخيري في دولة النيجر) عن جانب منها بالقول: " المرأة لدينا لها وضع مختلف تماماً، فالنساء في موريتانيا من قبائل الطوارق لديهن سلطة كبيرة على الرجال، النساء في بعض الدول يطالبن بالمساواة مع الرجال، أما نحن فنطالب بالمساواة مع النساء بسبب حقوقهنّ الكاملة والمدعومة في المجتمع، فالمجتمع الموريتاني وقبائل الطوارق يعطين المرأة المسلمة كل حقّها الشرعي، وزيادة أيضاً".
ويضيف الشيخ عبدالله موسى السوقي عن سبب مكانة المرأة لدى الطوارق بالقول: "يأتي هذا التقدير للمرأة المسلمة من ناحية الاحترام والحب والحنان الذي نعطيه للمرأة، لدرجة أننا الطوارق تستطيع أن تقول لا يفرقون بين امرأة وأخرى، أيما امرأة وجدوها أكرموها وخدموها حتى أذكر يوماً من الأيام كدت أن أتضارب مع طالب زميلي في الدراسة زرته ذات مرة في السعودية، وسمعت حركة غير عادية، وعندما خرج إليّ سألته ما الأمر، فعلمت أنه ضرب زوجته، فغضبت جداً وقمت من مكاني خارجاً وأنا أقول له: أتضرب امرأة وأنا عندك!! والله لا آتي إلى بيتك مرة ثانية.
ويؤكد الشيخ السوقي أن المرأة في قبائل الطوارق لها الحق الكامل في الحجاب، وعدم الاختلاط، وجميع الحقوق التي شرعها الله سبحانه وتعالى لها.
في ملاوي ترتدي النساء ما تشاء:
أما الدكتور عمران شريف محمد من دولة ملاوي، (أستاذ في الجامعة الملاوية، في قسم العقائد والأديان، رئيس قسم الدراسات الإسلامية) فيشرح لموقع (وفاء) بعض المشكلات المتعلقة بالمرأة المسلمة في دولة ملاوي، حيث يقول: "تعتبر مشاركة المرأة المسلمة بشكل عام في ملاوي متوسطة، وللأسف فإن أكثر النساء غير متعلمات، ولكن توجد بعض النساء اللواتي درسن وأصبحن أساتذة وعددهن قليل، ولكن على قلتهن معروفات، من بينهنّ مثلاً سيدة اسمها "كارولين بنالي" ولدينا "ربيعة" وعندنا "تيوزا" هؤلاء من أساتذة الجامعة، ويدرسون في مجالات مختلفة.
ويؤكد الدكتور عمران شريف أن المسلمات هناك لايعانين من أي تدخّل من قبل السلطات ضد حجابهنّ أو لباسهنّ والتزامهنّ، ولا يقمن بممارسة أية ضغوط على المرأة المسلمة، ويقول: "رغم أن الحكم بيد غير المسلمين، إلا أن التعددية الموجودة في ملاوي تجعل من الممكن واليسير على المسلمين الالتزام بتعاليم دينهم، ويمكن للمرأة لبس الحجاب دون أي إزعاج من السلطات، والمسلمات لدينا يلبسن الحجاب في الجامعات والشوارع دون أي مضايقات، ولكن يقابلهنّ مع الأسف نساء غير مسلمات يلبس ما يرغبن من ملابس قصيرة وفاضحة.
سويسرا هل تحظر على المسلمات الحجاب؟
رغم التصويت الأخير الذي حدث في سويسرا ضد بناء المآذن الإسلامية، إلا أن المجتمع السويسري بالعموم، ينظر للمرأة المسلمة نظرة إيجابية إلى حد كبير، وتنال المسلمات هناك حق ارتداء النقاب والحجاب، وحق العمل الدعوي والاجتماعي وغيره.
ويشرح الشيخ يوسف محمد إبرام (مدير ومدير مسجد جنيف بسويسرا) لموقع (وفاء) واقع المرأة المسلمة في سويسرا بالقول: " الحمد لله في المجتمع السويسري بعض أخواتنا وصلن إلى أعلى المستويات التعليمية، خاصة وأن سويسرا تحب النوعية، تحب التفوق العلمي والتفوق النوعي".
وعن بعض النساء المسلمات اللواتي حصلن على درجات عالية من المكانة في المجتمع، يضيف الشيخ إبرام بالقول: "لدينا كثير من النساء، مثلاً لدينا الأخت نادية، وهي المسؤولة عن النساء المسلمات في سويسرا، لدينا أيضاً الأخت عنبرين شودري وهي نائبة مديرة مستشفى جنيف، ولدينا الأخت سالي رئيسة جمعية ألمانية للمهندسين، فالحمد لله لدينا أخوات يعملن بحجابهنّ في هذه المناصب، ويحصلن على حقوقهنّ كاملة، ولا تمنع السلطات السويسرية حجاب المسلمات أبداً".
وعن سبب عدم قيام الحكومة السويسرية بمنع حجاب المسلمات، وقيامها بإعطاء المرأة المسلمة حقوقها العامة تقريباً، يضيف الشيخ إبرام بالقول: "الحقيقة المجتمع السويسري أو الحكومة السويسرية متميزة بالنسبة لبعض البلاد الغربية، فسويسرا لم تحاول أن تواجه المسلمين مواجهة مباشرة، كالقيام بمنع النساء من ارتداء الحجاب، أو منع المرأة المسلمة من أي حق من حقوقها، فبالنسبة الحجاب المرأة المسلمة مسموح لها أن تلبس الحجاب في المدرسة وفي كل مكان، فالسويسريين لهم خبرة طويلة في إدارة مجتمع متعدد اللغات ومتعدد العرقيات لأن المجتمع في سويسرا ليس مجتمع دولة أحادية وإنما عدة دويلات، يضمن الفيدرالية في السلطة، ولهذا الحمد لله أستطيع أن أقول بأن المسلم السويسري يستطيع أن يعيش بعقيدته ودينه كما يريد".

منقول عن موقع وفاء لحقوق المرأة