اعتاد بعض الناس حينما يسمع أحدهم يحدثه وينصحه قائلاً : رتب وقتك ، طور حياتك ، مزيدا من العلم ، مزيداً من الورع ، تعلوه الدهشة ويجابهك مدافعاً ماذا فعلت ؟ وماذا رأيت حتى تبذل لي النصح ؟ ، وتزداد الريبة والدهشة حينما يواجه ب" اتق الله يا فلان " حيث يتحفز لصون نفسه وبرأتها وكأنك تتهمه ، ولا يدري أولئك أن الغالب في مثل تلك العبارات التوجيهية الإصدار غير المسبوق بتصور ومعرفة ، وربما أحيانا تبعاً للقرائن تصدر عن وقائع ومعرفة لحال المنصوح .
مما يروى عن سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز أن رجلا قال له : يابن باز اتق الله تعالى ، فأطرق الشيخ برأسه كعادته ثم تتابعت الدمعات على وجنتيه وهو يشكر الناصح على نصيحته .

أخواني المجاهدون : الوعي الذي نرمي إلى تحقيقه هو نوع من التكتيك والمرونة التي تتنوع وتختلف باختلاف الزمان والمكان والفئة المخاطبة والمستهدفة ، وهذه المراجعة هي أشبه بخطة خمسية ومنهج شامل مبني على التنبؤ بالمستقبل والإعداد المسبق لما يتوقع حصوله ، وهذا الإعداد شامل لجميع مناحي الحياة .

ليس من الحكمة الاستمرار على نهج واحد رغم تباين الظروف واختلاف الأماكن ومن ذلك على سبيل المثال يقال :

العمليات الاستشهادية حينما لا تثخن في العدو ويترتب على فعلها مفاسد أعظم من مكاسبها ، توقف أو تنقل إلى جهة أخرى أو تؤخر لزمان آخر ، فوجود شاب ممتلئ غيرة وحماسة ، غيرته هذه على دينه يلمسها أهله وإخوانه وأقاربه وزملائه ، إراقة مثل هذه النفس وذهاب تلك الغيرة بمقتله مقابل جندي أمريكي واحد لا يمثل إلا رعاع الجيش وليس ذو أهمية لدى قومه مسألة تحتاج إلى نظر ، إذ مصلحة تحريض هذا الشاب لقومه ودعمه لإخوانه ربما تفوق مصلحة قتل أمريكي واحد يخلفه بدلاً عنه عشرات فضلا عن مئات .

لكن في المقابل لو ذهبت مائة نفس من إخواننا في عملية استشهادية حصيلتها قتل أمثال رئيس الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان لباركنا هذا الصنيع وحثثنا عليه إذ مصلحة قتل هؤلاء تفوق مفسدة ذهاب إخواننا الذين نحسبهم شهداء إلى جنات عدن بإذن الله سبحانه .

إخواني المجاهدون : في زماننا هذا الذي أحاطت فيه بنا أمريكا وحلفائها من كل جانب بمباركة ومعاونة من عملائها من حكام العرب هذا الزمان يتطلب مزيدا من الوعي في الخطوات التي سنقدم عليها حتى لا نخسر بعض المكاسب بسبب تهور بعض الغوغائيين دون استشارة كبار قادة الجهاد أحيانا فيما يقدمون عليه ومما يحتاج لتأمل واستشارة قبل الإقدام عليه مايلي :

# الإحجام قليلاً عن مواجهة الأمريكان وغيرهم من الغربيين في البلاد العربية عموماً وجزيرة العرب خصوصاً وذلك لبعض المبررات التي يستند إليها بعض العلماء وطلبة العلم القائلين بذلك ومنها :

1 – عدم التكافؤ بين العدو وقدراته وبين ما يقدمه افراد لا يملك بعضهم داخل البلدان المستهدفة القدرة والتدريب وحسن الإدارة والقيادة التي تتطلبها مثل تلك الأعمال ، ولا يصح قول البعض حينما يسمع هذا الكلام فينبري مستشهد بالنصوص الدالة على غلبة المسلمين وهم قلة ، وانعدام التكافؤ بين قوى الشر والخير في سائر الأزمان ، لا يصح تنزيل هذا الكلام _ مع تسليمنا بصحته عموماً _ على هذه الواقعة للتباين بينهما إذ ليس هناك جيش يقابل جيشاً بل الحال هو ملاحقة جيش لفئة مضطهدة ومقاومة من قبل أهلها وبني قومها وعملاء شعبها .

2 – أمريكا والغرب عموماً حينما رضي باستمرار عملائه في الحكم كان ذلك العقد مقابل الحفاظ على مصالحهم وتحقيق أهدافهم ولو على المدى البعيد ، وحين يختل الشرط ستجد أمريكا منفذا تلج من خلاله للتدخل في المنطقة بزعم نزع أسلحة الدمار الشامل أو مكافحة الإرهاب والحفاظ على مصالحها منهم ، وهذا التدخل على فرض وقوعه لاينكر عاقل خطورته ، لأن العملاء من الحكام ربما يرضون أولياء أمورهم من الأمريكان بالتدرج في خدمتهم وتحقيق أهدافهم هدفاً هدفا خشية ثورة الشعوب عليهم ، أما حين استعجال المواجهة فلن ترضى أمريكا بالتدرج بل ستنفذ خططها وتحمي مصالحها وتحقق الحرية والديمقراطية ولو بصواريخ كروز والقنابل العنقودية ، وبلداننا لا تخلو من كرازي يحكم ومجلس شعب يسير خلف الأمريكان .

على فرض وقوع المواجهة بين الأنظمة وشباب الجهاد واضطرت أمريكا للتدخل بدعوة من عملائها سيقول البعض حتما لا محالة مرحبا بهم إني لأجد ريح الجنة دون قاعدتهم في الخرج فحي على الجهاد فيقال لهم :

_ أين القيادة الجهادية المتفق عليها في بلادنا لنسير تحت رايتها ونمتثل أمرها .

_ هل الاجتهادات في المواقف والآراء بين مشائخ الجهاد الذين لم يما رسوا الجهاد عملياً وبين قادة الميدان في الساحة أو خلف القضبان ستتوحد حين المواجهة ؟

_ أين المعدات والطائرات والقنابل التي سنقف بها _ ولو حيناً _ في وجه الأعداء ؟

_ أين مراكز التدريب التي تسعفنا بالأفراد حين يغيب القادة والمجاهدون خلف القضبان ؟

_ هل ستغني العمليات الاستشهادية في إنهاء احتلال يدعمه الخونة من أبناء الوطن؟

والقياس هنا على اخواننا في فلسطين ونكاية عملياتهم في العدو قياس مع الفارق ، لأن القضية هناك والغاية متفق عليها بين الجميع ، أما هنا فستجد من يقف أمامك ويصدر فيك البيانات تنتقد صنيعك ، وسيخرج بعض علماء السلطان يفتون بجواز قتل المجاهدين بتهمة الخروج وسوف يؤصلون شرعياً مولاة الخليفة الراشد للأمريكان بدعوى السلام والشعوب الصديقة ، إذاً لا سواء هنا وهناك .

أخواني المجاهدون : لا يختلف اثنان في عمالة حكام العرب لأولياء أمورهم الأمريكان إن لم نقل بكفر بعضهم لما تشتمل عليه أنظمة دولهم من تحاكم لغير شرع الله ومعادة لأوليائه ومنع للشعائر وغير ذلك ، لكن مع هذا كله تدور في أوساط الناس مسائل شرعية تختص بحالنا تتطلب من العلماء فضلاً عن طلبة العلم من المجاهدين أن يعطوها حقها من الدراسة والبحث لكي نقدم على بينة من أمرنا دون اجتزاء لبعض الآراء وحجب لغيرها ، ودون تكفير أو تفسيق من يرتضي قولا له دليله وله سلف في الأخذ به من العلماء المعتبرين .

ومن تلك التساؤلات المهمة :

هل يلزم من كفر الحاكم الخروج عليه ؟

ما ضوابط الإكراه المانع من الكفر ؟

هل يلزم إقامة الحجة على الوالي قبل الحكم عليه حين ارتكابه للكفر ؟

مالواجب فعله على الحاكم حين تسلط العدو عليه وليس ثمة مقدرة لمدافعته ؟ هل يدفع شره بالمال ؟ هل يتنازل له عن بعض المسائل الخلافية دفعاً لشره ؟

هل يجوز العمل في الدولة حين يكفر رئيسها ؟

وهل كفر النظام يستلزم كفر الحاكم ؟

أسئلة كثيرة تثار بين الفينة والأخرى وتحتاج إلى الفارس الذي يمتطي فرسه ليبحر في بطون الكتب مستخرجا الحكم الشرعي في النازلة متصورا الواقع .

يظن بعض العلماء أن الناس في غفلة فحينما تسأله عن هذه المسائل يزجرك وينهاك قائلاً : احرص على ما ينفعك ، يابني ما شروط الصلاة ؟ وما تفعل حينما يزيد الإمام ركعة خامسة في الصلاة ؟

وهكذا استشعاراً منه بغلفة الناس ولا يدري هذا وغيره أن حجج وأدلة من تسموهم ( بالتكفيريين ) أكثر إقناعاً وتقبلاً واستناداً إلى الدليل فكيف تطلبون الاعتدال وليس ثمة ما ينقض تلك الأدلة المخالفة لأرائكم ؟

ليس النفي أن يخرج البعض في برنامج الإسلام والحياة ليردد علينا بعض نقولات السلف في كتب العقيدة ، كلا ! النفي المجدي هو بيان الأصل العام في الشريعة ومناقشة الرأي الآخر وبيان ضعف أدلته ودحض الشبه الطارئة على القول الصحيح ، هذا هو المطلوب لكي يتضح الحق وينجلي الصراط ؟

أخواني المجاهدون :اتفاقية مكافحة الإرهاب تشكل دافعاً قويا لنا ولإخواننا المجاهدين لكي نتعلم مزيداً من السرية والكتمان أثناء ممارسة أعمالنا وتواصلنا مع قادتنا وتنفيذ مخططاتنا .

الثقة العمياء والمفرطة تجاه كل ما يظهر الود للمجاهدين والحنق على الأنظمة الحاكمة وإظهار الحب لأي عبد الله إسامة بن لادن ، هذه العاطفة والثقة أودت بحياة الكثيرين من قادة الجهاد والتضحية وأدت إلى كشف مخططات وهجمات لو تمت لأنكت بالعدو نكاية عظيمة وشفت صدور قوم مؤمنين .

من هنا يقال : إن حرص بعض شباب الجهاد على تحريض الشباب وبث ونشر الفكر الجهادي في كل ميدان يحتاج إلى تقييم ، فما مصلحة حماس مدرس حلقة طلاب متوسط أو معلم ثانوي أو مشرف جماعة مدرسية لبيان صحة التوجه الجهادي وأنه هو طريق العز والنصر ولا سبيل للخلافة إلا على الجماجم وإزهاق الأنفس في سبيل الله سبحانه .

إن تبني هؤلاء الفتيان لذلك الفكر وتلك الآراء التي لا يدرك أبعادها وينصدم بتوابعها عند الحوار تسبب مشاكل وتخلق صراعات لا مصلحة مرجوة من خلالها فأهل ذلك الشاب وذويه وزملائه كلهم في صدام معه حول توجهه وهو ذاته لا يملك إجابة عن بعض التساؤلات التي تعن في خاطره .

البعض يقول نبث فيهم روح الجهاد والرغبة فيه فيقال : هل يرغب القادة في الثغور سواءاً في أفغانستان والشيشان وغيرها في شاب لتوه خرج من الثانوية ولا يجديد حمل السلاح والإطلاق به ؟ فضلا عن حاجته لدورات مكثفة في التقشف والصبر وشدة العيش ومقاومة الفتن والصبر على البلاء .

إخواننا المرابطون في الثغور يعتمدون على حرب العصابات التي تقوم على أعداد قليلة تمتلك مهارة وسرعة في التنفيذ مع إثخان في العدو ومن ندعوهم في حلقاتنا ومدارسنا لا يحققون مطالب القادة هناك فما الفائدة في التحريض ؟

سيما أن البعض منهم حينما يسمع فضل الجهاد تضيق به المجالات الا الخروج واللحاق بركب المجاهدين وهذا الخروج لفئة غير معدة اعداد سليما مضر بنا وبالمجاهدين لأن صفعة واحدة من قبل مباحث العملاء وتجويع مع تعذيب لبعض أيام كفلية بسرد الشاب لتأريخه ومن حثه على الجهاد ولمن تقرأ وعند من تحضر ومن زملائك الأرهابيون وهكذا تبدأ تلك العصابة من المباحث في تلقف ذلك المعلم واستجواب مدرس الحلقة ومداهمة منزل العائلة ، كل ذلك بسبب شاب تجاوز الحلم بقليل ولا يملك من القدرات ما يجعلنا نتنازل عن كثير من المكاسب لأجله .


أخواني المجاهدون :سلمنا بصحة منهج الجهاديين وصلاحيته لمواجهة الأعداء ، يبقى السؤال الذي يجعل البعض يركن إلى دعاة الوسطية وأصحاب المشروعات المستقبلية !

السؤال هو : ماهو المشروع الشامل لجميع مناحي الحياة الذي يسير عليه من يتبنى هذا الفكر والمنهج ؟

وماذا يجب على الأمة باجمعها ذكورأ وإثاناً صغارأ وكباراً شباباً وشيباً أن تفعله حين قناعتها بمنهج الجهاديين .

هل يكفي أن نقول لمن اقتنع بمنهج الجهاديين مهمتك هي : أن تلحق بركب المجاهدين أو تكفل مجاهداً أو تجمع تبرعات للغزاة هنا أو تحرض المتخلفين عن ركب الجهاد ؟

أين مناحي الحياة الأخرى ؟ كيف اقتصاد الدولة وتعليمها واعلامها وصحتها وغذائها وغير ذلك من سبل الحياة المتنوعة .

ولعل في تجربة دولة الطالبان عبرة وعظة حينما تحررت لها غالب البلاد أدركت الصعوبات التي تقف في طريقها وتحتاج لعلاج ولجان تؤصل شرعياً حكم تعامل الدولة بهذ الامة وتحالفها مع تلك الدولة فمن يفعل ذلك وهل ننتظر حتى تقع المشكلات فيدرك العالم فشل او عدم صلاحية الشريعة والاسلام للحياة في سائر الأماكن ومختلف الأزمان .

ختاماً : احبتي المجاهدون نحن اخوانكم نبث ما في صدورنا لكم لكي نتدارك الأمر قبل حلول الكارثة علماً ان من كتم دائه قتله والتواصي داخلياً خير من تبادل الاتهامات حين وقوع الفأس في الرأس .

آمل ان تجد هذه الرسالة الطويلة قبولاً واستجابة لدى القراء وبخاصة من ذوي الشأن ولحتمية وجود التجاوزات يسعدني التقويم بالاسلوب الحسن والمناقشة الهادفة فكلنا اخوة وطريقنا واحد وغايتنا واحدة مهما تباينت الوسائل واختلفت الطرق .