كالعادة وحصريا نسبق كل القنوات الفضائيةوالمواقع على الانترنت بالحصول على نتيجة المباراة الهامة بين مصر والجزائر في تصفيات كاس العالمودائما وابدا ما تتسم لقاءات البلدين بالندية والإثارة والحماسغير المعهود الذي لا تعرفه البلدان في أي مجال آخر سوى كرة القدم
لا صوت يعلو فوق صوت المعركةقالها المبدع احمد فؤاد نجم في فترة سابقةلا صوت يعلو فوق صوت المعركةإهتف يا واد لا صوت يعلوهي فين المعركةاهتف يا واد لا عوت يصلوهي عين المفركةيا همبكا في البمبكاعلي بمبكا في الهمبكةإنها معركة حربية تنال من الشرف المصري وتقتطع من الكرامة الجزائرية ,فالهزيمة تعني الموت أو الانتحار والفوز يعني حل كل الأزمات الطاحنة المزمنةالتي صنعتها الحكومات والتي يعيشها الشعبان المصري والجزائريإنها ليست مباراة في كرة القدمإنها الحرب يا ريتشاردإنها الحرب يا فرجينياإنها مباراة مصير , نكون او لا نكون , تلك هي المسالةونستعرض الأحوال قبيل ساعات قليلة من المباراة– عفوا – قبل اندلاع الحرب .....حرب تحرير المقدساتالأجواء قبل المباراة المرتقبةيوم اجازة رضائية او اجبارية في كافة المصالح الحكومية –رغم ان المباراة ستقام ليلا لكن شعوبنا المتحفزة المتعطشة للفرحة والانتصارلا تقوى على الخروج للعمل في هذا اليوم التاريخيولا بد لكي شئ ان يتعطل او يؤجل من اجل عيون المعركةالاسئلة تتزايد صباحا وتؤرق الشعبين
هل سيلعب حسنى عبد ربه ام لا ؟هل سيتمكن المنتخب المصري من تسجيل ثلاثة أهداف في المرمى الجزائريما مدى صحة إصابة اللاعبين الجزائريينرفيق صايفى ورفيق حليش ولموشية خالدوهل يفعلها المنتخب الجزائري على الأرض المصريةويثار لتأهل المصرين على حسابه في عام 1990 ؟وهل ستذاع المباراة ام لا وعلى أية قناة تليفزيونية ؟
ونسى الشعبان في ذلك اليوم الأسئلة المعتادة لهم في كل صباحعن تدبير لقمة العيش وعن المعاناة المستمرة التي يعانيها الشعبان في المواصلات والغلاء والدواءوالتعليم وغير ذلك من انواع البلاء الذي يعيشون فيهنعم لأجل عيون المعركة يهون كل شئ
متابعة للقاء مصر والجزائر مباشرة وعلى الهواء لحظة بلحظة
تابع معنا المباراة ننقل لك النتيجة بالصوت والصورة والأهداف1- قبل بداية المباراة بدقائق تسير السيارت بسرعة جنونيةللحاق بضربة البداية ويحاول الطفل أمجد عبور الطريق وانتظر طويلاحتى تسنح له فرصة للمرور والعودة لمنزله .....
وما إن يلمح لحظة خلا فيها الطريق من السياراتحتى أخذ القرار بالعبور وما هي إلا ثوان معدودة وتظهر سيارة تجري بسرعة البرقلا يرى قائدها الطفل امجد فيصدمه ويكمل طريقه بنفس سرعته للحاق بالمباراة .....ويلفظ الطفل امجد أنفاسه وحده قابعا تحت لافتة كبيرة" سنسحقهم وسنصل إلى كاس العالم "ولم يدر الطفل أمجد أنه سوف يكون من الذين سيسحقون من اجل عيون المعركة والوصول إلى كأس العالم
2- وأثناء نزول اللاعبين لأرض الملعب وأثناء النطق بتشكيل اللاعبين .....يصاب عم عبده في بيته بأزمة صدرية حادة( وللعلم عم عبده لم يكن له يوما علاقة بكرة القدم ولم يسمع بذلك اللقاء التاريخي )ويحاول أبناء عم عبده الذين التفوا حوله أن يتصلوا بالإسعافولكنهم لم يستطيعوا الاتصال لعدم وجود من يرد .. فالكل مشغول بالمعركةوتكررت محاولاتهم اليائسةلاحتياج عم عبده لسيارة مجهزة لنقله لإحدى المستشفيات ...وتعلو آهات عم عبده مع ارتفاع آهات الجماهير مع كل هجمة من الهجمات ...ويعلو صراخ أبنائه في نفس الوقت الذي تعلو فيه صرخات طاقم التدريب للفريقينومع الصرخة الأخيرة التي يعلو فيها صراخ محمد الشوالي قائلا" الهدف الأول الهدف الأول فعلوها فعلوها قلت لكم سيفعلونها "معها يعلو صراخ عم عبده لافظا النفس الأخيرويعلو صراخ أبنائه لا على موت الأب فحسب بل ربما على الوطنية الزائفة
3- وقرب نهاية الشوط الأول وبينما تعد السيدة أم أسامة الطعام لأولادهاإذا بالنار تشتعل في مطبخها وعبثا حاولت إطفاء النار وتحاول الصريخ لإنقاذها .....ولكن لم يسمعها احد من الجيران الذين اعتقدوا أن السيدة أم أسامة أصابتها أعراض الوطنية وأنها" زودتها حبتين " ولذلك لم يهتموا بصراخها ولم يسمعها أبناؤها المشغولون بالمعركةواجتمع أولادها إليها بعد حال الدخان المتصاعد من مطبخ شقتهمبينهم وبين رؤية المباراة فهبوا جميعا لإطفاء النار بلا جدوىوحاولوا الاتصال بشرطة المطافئ لكنهم أيضا ذهبت محاولتهم هباءلان الجميع مشغول في المباراة ومتابعتها اقصد المعركة وتداعياتهاوبعد حوالي الساعة وقرب نهاية المباراةكانت النار قد أكملت طريقها إلى باقي منزلها واتت على كل محتوياتهوتنظر أم أسامة إلى حطام بيتها وهي تدعو الله أن ينصر إخوانها المقاتلين في المعركة
4- وبين شوطي المباراة الهامة والمرتقبة تصاب السيدة رقية بآلام شديدةتعرفها كل امرأة إنها آلام وضع مولودها الأول الذي انتظرته طويلا ....فتتألم وهي تنظر إلى هذا المخلوق السمج الذي لم ير النور بعد والذي يريد أن يطل برأسه للعالم الآنولا يريد أن ينتظر إلى أن تنتهي المعركة ...ويهرع السيد إبراهيم لتوصيل زوجته الى اقرب مستشفى للوضعولكنه لا يجد وسيلة مواصلات فالسائقون جميعا مشغولون الآن بالمعركةفلا توجد وسيلة عامة أو خاصة لكي تحمل زوجته ......وعبثا حاول الاتصال بجيرانه والطرق عليهم كي يوصلها احدهم بسيارتهفالكل قد أغلق المحمول من اجل المعركة ولا يسمع صوت الباب من ارتفاع حرارة المعركة ...ويكاد يجن السيد إبراهيم وتعلو صرخات السيدة رقية ويأتي الفرج مع صافرة النهاية ....فحينما تنطلق الزغاريد من البيوت فرحة بالوصول العالمي والتاريخي لكاس العالميعلو صوت باك بكاء محببا للنفوس إنه صوت قدوم طفلة للحياة سماها أبوها" أمل " لعلها تكون أملا في إصلاح تلك الأمةالتي لم تعد تفرق بين ذي القيمة والتافه من الأمور
5- بعد المباراة الهامة انطلقت الزغاريد وخرج الناس بالآلافمعبرين عن فرحتهم للوصول لكاس العالم وطافوا أرجاء العاصمةوانطلقت السيارات في الشوارع مرددة ألاغاني الوطنية والأهازيجفي المقابل على الجانب الآخر عم الحزن والغضب على المدرب واللاعبينوالحكم المتحيز الذي لم يتحسب أكثر من ضربة جزاء مستحقة ولم يضبط" الافاسايد " ولم يكن كفئا لإدارة مثل هذه المباراة الحساسةالتي تحتاج لحكام من نوع خاص وأيضا لم يكن اللاعبون والطاقم التدريبيعلى مستوى المباراة وأنهم خانوا طموحات وآمال شعبهم ومن ثم لا بد من الإطاحة بهم
6- وتناقلت بعد المباراة وكالات الأنباء
وقوع اضطرا بات بين مشجعي مصر والجزائر في العواصم المختلفةقبل وبعد المباراة وكان الثوب المهترئ الممزق بحاجة إلى من يزيده تمزيقاوبالطبع لم يلتفت احد من السادة المحللين للمباراه - وما أكثرهم -
لمأساة الطفل امجد ولا لعم عبده ولا لمنزل أم أسامة ولا لألام السيدة رقيةوما أكثر هؤلاء في مجتمعاتنا ,
والتي تزداد تخلفا على تخلفها بسبب من أوهموا الناس أننا في معركة وطنيةوأن حب البلاد يتمثل فقط في تشجيع منتخب أو أن كرامتها وشرفها في كرة تطيش من قدم هذا او ذاك
كلمة أخيرةنظر رجل من البدائيين الذين عاشوا في القرون الأولى إلى استاد القاهرة يوم 14 نوفمبرفوجد فيه عددا كبيرا مهولا ما رأى مثله فسال : لم اجتمع كل هؤلاء الناس ؟فقالوا له لكي يشاهدوا المباراة بين مصر والجزائرفلما نظر فوجد اثنين وعشرين " شنبا "يجرون خلف كرة جلدية كل منهم يرد إدخالها في اتجاه وليس لهم هم آخرووجد قرابة مئة ألف تنقطع انفاسهم في لحظة وسمع عن مئات الملايينتتقطع قلوبهم حزنا أو فرحا , صرخوقال : أوتدعون أنكم تقدمتهم وتزعمون أننا كنا متخلفين , والله إنكم أكثر منا تخلفا
حصريا نتيجة مباراة مصر والجزائركلاهما خاسر
يحيي البوليني
الروابط المفضلة