الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الأمن نعمة عظيمة من نعم الله على عبيده, لا يعرف قدرها إلا من حُرمها. وقد إمتنَ الله سبحانه على قريش فقال تعالى { الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } . وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن " من أصبح منكم مُعافى في جسده , آمنا في سربه, عنده قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا " صحيح سنن ابن ماجه 3357.
والأمن ضد الخوف, ومعناه في اللغة: عدم توقَع مكروه في الزمان الآتي. وأصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف, والأمن والأمانة والأمان مصادر للفعل ( أمِن ).
يقول الله تعالى { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظُلم أولائك لهم الأمن وهم مُهتدون } الأنعام آيه 82 .
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة : أي هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له, ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة, المهتدون في الدنيا والأخرة.
قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا ابن أبي عدي, عن شعبه, عن سليمان, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبدالله قال: لما نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال أصحابه: وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزلت : {إن الشرك لظلم عظيم} لقمان آيه 13انتهى
ويقول السعدي رحمه الله: الأمن من المخاوف والعذاب والشقاء, والهداية إلى الصراط المستقيم, فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا لا بشرك ولا بمعاصي حصل لهم كمالها, ومفهوم الآية الكريمة أن الذين لم يحصل لهم الأمران لم يحصل لهم هداية ولا أمن, بل حظهم الضلال والشقاء. انتهى
ويقول ابن عثيمين في مناسبة هذه الآية: إن الله أثبت الأمن لمن لم يشرك, والذي لم يشرك يكون موحدا, فدل على أن من فضائل التوحيد استقرار الأمن. انتهى
يقول الله تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنَهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكَننَ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليُبدَلنهم من بعد خوفهم أمنا }
يتَضح من الآيتين الكريمتين أن من أسباب تحقيق الأمن ما يلي:
أولا: الإيمان بالله وحده.
ثانيا: إخلاص العباده لله وعدم الإشراك به.
ثالثا: تجنَب جميع أنواع الظلم , وأعلاه الإشراك بالله.
رابعا: عمل الصالحات.
خامسا: تجنَب المنكرات.
والله أعلم وأحكم, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الروابط المفضلة