أيتها الاعواد اجتمعي حتى لا تتكسري ...
هكذا خاطبت الام بناتها .. وياليتهن يسمعن النصيحة ..
ساحكي لكن حكاية أم حنونة .. محبة لبناتها .. تريد ان تراهن كالجسد الواحد .. قلوبهن على بعض ...
كان يا مكان .. في قديم الزمان ..
كان فيه أم عجوز حكيمة لها خمس بنات .. حرصت على تربيتهن باحسن الاخلاق .. ويضرب بها المثل في القرية في حكمتها وحسن تصرفها .. وكانت تلجأ لها نساء القرية للاستشارة والاستأنس .. كانت محبوبة ..
ومن حسن التربية والتعليم لبناتها كانت تحب دائما ان تضرب لهن الأمثال لكي توضح أن ما تقوله لهن ليس عبثا او خيال ...
وذات يوم من الايام .. حدث خلاف وسوء فهم بين اختين من الاخوات الخمس .. فساء الام هذا الحال .. وضاق بها صدرها الرحيب ... ودمعت عينها الجاحظة .. وصارت تردد : إن لله وإن إليه راجعون .. كأنها فقدت بناتها بموت أو هلاك ..
وهي ترى حال من تحبهن وتشفق عليهن قد بدأ في الانهيار .. فكرت الام العجوز الحكيمة ..
نادت البنات .. وقالت : يا بنات .. ساحكي لكن حكاية فاسمعن لها واعرفن ماذا اقصد بها ..
وكعادة البنات المحبات لامهن العجوز .. قالوا : سمعا وطاعة ..
فجلسن حولها ذات مساء .. وبدأت الجدة تنظر في وجههن وهي تردد ..
أيتها الاعواد اجتمعي حتى لا تتكسري .. بعين باكية وقلب مجروح ...
والبنات ينظر بعضهن لبعض .. ماذا تقدصد أمنا الحبيبة بهذا .. ماذا بك يا أمي ..
اشفقن عليها وقلن : يا أمي قولي ما عندك ..
فقالت : يا بناتي ..
كونوا جميعا يا بني إذا اعتـرى خطب ولا تتفرقـــــوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا
با بناتي :
القشة قد تقصم ظهر البعير ، والنار من مستصغر الشرر .. لقد ساءني حالكن والله ان تتفرقن وتختلفن .. وأن يفكك الشيطان جماعتكن ..
لقد جمع شيخا كبيرا أولاده وهو يحتضر .. واراد لهم الاجتماع بعد موته ..فطلب حزمة من الاعواد .. وكانت متفرقة فقدر كل واحد منهم على كسرها وهي متفرقة .. ولما جمع بعضها لبعض صعب كسرها .. فانشد يقول :
كونوا جميعا يا بني إذا اعتـرى خطب ولا تتفرقـــــوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا
وهذا حالكن يا بناتي .. لاتتتفرقن .. واقبلن عذر بعضكن من بعض .. وكونوا كالجسد الواحد .. إذا تدعى له عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر ..
بابناتي .. لا تنتقم احدكن لنفسها في شيء قط .. فعائشة أم المؤمنين أخبرت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه في شيء قط إلا ان تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى ..
كان رسولنا على خلق عظيم .. يقبل العفو ويسامح .. قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
بكت البنات من موعظة أمهن .. وصرن يرددن : أيتها الاعواد اجتمعي حتى لا تتكسري ...
فرحت الأم بهذا ... وعرفت ان الأعواد قد اجتمعت ..
منقول
الروابط المفضلة