على حضرة الركاب المسافرين على الرحلة رقم ...... والمتوجهة إلى ...... الرجاء التوجه إلى صالة المغادرة استعدادا للسفر .. دوى هذا الصوت في جنبات مبنى المطار ، أحد الدعاة كان هناك جالسا في الصالة ، وقد حزم حقائبه وعزم على السفر إلى بلاد الله الواسعة للدعوة إلى الله عز وجل ، سمع هذا النداء فأحس بامتعاض في قلبه .. انه يعلم لماذا يسافر الكثير من الناس إلى تلك البلاد وخاصة الشباب ، وفجأة لمح هذا الشيخ الجليل شابين في العشرين من عمرهما أو تزيد قليلا ، وقد بدا من ظاهرهما ما يدل على انهما لا يريدون إلا متعة الحرام من تلك البلاد التي عرفت بذلك .. لابد من إنقاذهما قبل فوات الأوان ، قالها الشيخ في نفسه وعزم على الذهاب إليهم ونصحهما فوقف الشيطان في وجهه وقال له ، مالك ولهم دعهم يمضيان في طريقهما ويرفها عن نفسيهما انهم لن يستجيبوا لك ، ولكن الشيخ كان قوي العزيمة ثابت الجأش عالم بمداخل الشيطان ومخارجه .. استوقف الشابين بعد أن ألقى عليهم التحية ، ووجه إليهم نصيحة مؤثرة وموعظة بليغة ، وكان مما قال لهما ، ما ظنكم لو حدث خلل في الطائرة ولقيتما لا قدر الله حتفكما وأنتم على هذه النية قد عزمتما على مبارزة الجبار جل جلاله ، فبأي وجه ستقابلان ربكما يوم القيامة يوم لا تنفع الحسرة والندامة فذرفت عينا هذين الشابين ورق قلبهما من موعظة هذا الشيخ ، فقاما فورا بتمزيق تذاكر السفر وقالا يا شيخ لقد كذبنا على أهالينا وقلنا أننا ذاهبان الى مكة او جدة فكيف الخلاص وماذا نقول لهما . وكان مع الشيخ أحد طلابه ، فقال اذهبا مع أخيكما هذا وسوف يتولى إصلاح شأنكما ، ومضى الشابان مع صاحبهما وقد عزما على أن يبيتا عنده اسبوعا كاملا ومن ثم يعودان إلى أهلهما .. وفي تلك الليلة وفي بيت ذلك الشاب تلميذ الشيخ ، ألقى أحد الدعاة كلمة مؤثرة زادت من حماسهما وبعدها عزم الشابان على الذهاب إلى مكة لاداء العمرة ، وهكذا أرادا شيئا واراد الله شيئا آخر فكان ما أراد الله عز وجل .. وفي الصباح بعد أن أدى الجميع صلاة الفجر ، انطلق الثلاثة صوب مكة شرفها الله بعد أن احرموا من الميقات وفي الطريق كانت النهاية ، وكانت الخاتمة والانتقال إلى الدار الآخرة . فقد وقع لهم حادث مروع ، ذهبوا جميعا ضحيته فاختلطت دمائهم الزكية بحطام الزجاج المتناثر ، ولفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت الحطام وهم يرددون ، تلك الكلمات الخالدة ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك كم كان بين موتهما وبين تمزيق تذاكر سفرهما لتلك البلاد المشبوهة ، إنها أيام ، بل ساعات معدودة ولكن الله اراد لهم الهداية والنجاة ولله الحكمة البالغة سبحانه ، أخي المسلم إذا نازعتك نفسك الأمارة بالسوء إلى معصية الله ورسوله ، فتذكر هادم اللذات وقاطع الشهوات و مفرق الجماعات ألا وهو الموت و احذر أن يأتيك وانت على حال لا ترضي الله عز وجل فتكون من الخاسرين . وإذا خلوت بريبـة في ظلمـة والنفس داعية إلى العصيان استحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
الروابط المفضلة