دخل غرفه المكتب رافعا منكبيه وهو يمشي على أطراف رجليه. جلس على الكرسي، أراد أن يجلس كما يجلس أبوه، ولكنه ما أن تلامس قدماه الأرض حتى يختفي رأسه من أعلى الكرسي! وعندما يخرج رأسه من أعلى الكرسي تتدلى قدماه في الهواء....
بعدما يئس المسكين .. اخرج الكبريت من جيبه وهو يسترق النظر أشعل (السيجارة) بحذر، ثم شمر عن ساعديه وبالخط العريض كتب هذا الحدث في دفتر ذكرياته :
افتتحت مشروعي العظيم وأشعلت أول سيجارة في حياتي وأنا لم أتجاوز السابعة من عمري وبذلك أكون أول طفل .. اقصد أول رجل يدخن في حارتنا الجديدة حارة "الغروب" في مثل هذا السن . لقد سرقت علبه الدخان من غرفه آخي الأكبر، وانتشلت مفتاح مكتب أبى المسافر منذ شهور من تحت راس أمي التي كانت تلتهم السماعة بشراهة منذ حوالي ساعة . ولم يكتشف أحد هذه المغامرة الفريدة سوى أختي التي وعدتني أن تستر أمري مقابل أن اسكت عنها وهي تكلم الذئاب البشرية كل مساء !!!!
وما زلت إلى هذه اللحظة أتلذذ بطعم الرجولة التي أرجو ألا يقطعها مجيء آخي الأوسط!... ولكني لا أظنه يأتي الآن لأننا لم نعد نراه إلا في وجبه الغداء منذ أن اصبح عضوا في شلة (الحائرين)
الروابط المفضلة