موعظة

عباد الله! ان أيامكم قلائل, ومواعظكم قواتل, فليخبر الأواخر الأوائل, وليستيقظ الغافل قبل سير القوافل, يا من يوقن أنه لا شك راحل, وما له زاد ولا رواحل, يا من لج في لجة الهوى متى ترتقي إلى الساحل؟ هـــل انتبهت من رقاد شامل, وحضرت المواعظ بقلب غير غافل, وقمت في الليل قيام عاقل, وكتبت بالدموع سطور الرسائل, تخفي بها زفرات الندو والوسائل, وبعثتها في سفينة دمع سائل. لعلها ترسى على الساحل. واأسفا لمغرور جهول غافل, لقد أثقل بعد الكهولة بالذنب الكاهل, وقد ضيع البطالة وبذل الجاهل, وركن إلى ركوب الهوى ركبة مائل, يبني البنيان ويشيد المعاقل, وهو عن ذكر قبره متشاغل, ويدعي بعد هذا أنه عاقل. تالله لقد سبقه الابطــــال إلى أعلى المنازل, وهو يؤمل في بطالته فوز العامل, وهيهات هيهات ما فاز باطل بطائل:

أيها المعجب فخرا 0 0 0 بمقاصير البيوت
إنما الدنيا محل 0 0 0 لقيام وقنوت
فغداً تنزل بيتا 0 0 0 ضيقا بعد النحوت
بين أقوام سكوت 0 0 0 ناطقات في الصموت
فارض في الدنيا بثو 0 0 0 ب ومن العيش بقوت
واتخذ بيتا ضعيفا 0 0 0 مثل بيت العنكبوت
ثم قل: يا نفس هذا 0 0 0 بيت مثواك فموتي


المصدر: كتاب الكبائر للإمام الذهبي, ص146.