متى رأيت صاحبك قد غضب ، وأخذ يتكلم بما لا يصح ،
فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصرا ، ولا أت تؤاخذه به،
فإن حاله حال السكران لا يدري ما يجري. بل اصبر لفورته ،
ولا تعول عليها ، فإن الشيطان قد غلبه ، والطبع قد هاج والعقل قد استتر..
ومتى أخذت في نفسك عليه ، أو أجبته بمقتضى فعله ،
كنت كعاقل واجه مجنونا ، أو كمفيق عاتب معمى عليه ، فالذنب لك.
بل انظر بعين الرحمة ، وتلمح تصريف القدر له ، وتفرج في لعب الطبع به ،
واعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى ، وعرف لك فضل الصبر
وأقل القسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به .
وهذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند غضب الوالد ،
والزوجة عند غضب الزوج ، فتتركه يشتفي بما يقول ،
ولا تعول على ذلك ، فسيعود نادما معتذرا..
ومتى قوبل على حالته ومقالته صارت العداوة متمكنة ،
وجازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر..
"" من صيد الخاطر,,لابن الجوزى""
الروابط المفضلة