السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ذات يوم، قررت أن أمشي مع بعض قريباتي في شوارع البلاد، وكنّ يحاولن أن يرينَني الأماكن الجديدة والمباني المستحدثة في المدينة من أسواق ومحلات وما إلى ذلك ،،
محلات ومقاهي ومطاعم في أبهى حلة، بأحدثِ أنواع اللافتات زينةً وطباعةً ولفت انتباه ، لكن ...
الاسماء .. الاسماء كلها أجنبية ، انجليزية ، فرنسية ، ايطالية ،،،حتى محلات الكباب والفول والشاورما أصبحت تحمل أسماء أجنبية فمن " ديليشيز" الى " ذا ماستر أوف شاورما"مروراً بـ"هابي فول" و"رِد روز" حتى وإن كان الإملاء يحمل أخطاءً فادحة، لا يهم .. المهم أنه أصبح هكذا " هاي كلاس"
حتى أن إحدى من كنّ معي ضحكت واستضحكت الباقيات عليّ حينما قلت في جملة : بجوار صقلية .. ثمّ صحّحت لي قائلة : قصدك سيسيليا !!!
كلما أراد أحدهم افتتاح مشروع فكر فوراً باسم أجنبي لأن هذه هي الموضة وهذه هي الطريقة لجذب الزبائن من المؤمنين بأن الأسماء الأجنبية تتميز بدرجة أعلى من “الكولنس” و" الكواليتي" ، ولابد حينئذ أن يتصور القارئ (الزبون) أن هذا المحل دون غيره أفضل وأجمل وأرقى ..
* هل لأن المحل يقدم وجبات غربية أصبح لزاماً عليه اتخاذ اسم أجنبي يتمسك به الجلّ رغم شقائهم في نطقه؟؟؟ ماذا كان سيتحدث لو دخلنا مقهى يقدم ما لذ وطاب من القهوة و "الكرواسان" و”السينامون رول” ويحمل اسم “حلو ومالح”، أم هل لا بدّ أن يكون " ساليه سوكريه" حتى تكون النكهة أفضل ؟ أم هذه أفضل طريقة لاستقطاب عِـلية القوم و "كريم دو لا كريم" المجتمع ؟؟
وفي حين تسعى كل الشعوب الأوروبية إلى ترجمة الأعمال والاشياء إلى لغتها (ألمانيا كمثال)،وتسعى للحفاظ عليها من آثار العولمة، نركض نحن لاستقبال العولمة الثقافية واحتضانها،، وفي حين يبكي الياباني من الفرحة حين يجد من يتكلم لغته، نقوم نحن بالسخرية من الأجانب عندما يتكلمون بالعربية المكسرة ونصر على أن نجيبهم الإنجليزي، وأي انجليزي !!
هنالك ما يسمى بـ”هوية المدينة”، ونحن في طريقنا الى فقدها بامتياز، بالتأكيد هذه ظاهرة فقط من ظواهر عديدة تدل على إهمالنا لثقافتنا العربية أو شعورنا بدونيّتها وبالتالي رغبتنا في لبس كساء ثقافي أجنبي لنبدو أكثر تألقاً.. إن واجهات المحلات ليست هي التهديد الأهم الذي تواجهه الثقافة واللغة العربيتين، لكنها بلا شك خطوة واحدة من بين خطوات كثيرة مطلوبة لحماية لغتنا وثقافتنا . لو كنا في بلد يعتز بثقافته ولغته ولا يعاني من توهمات الدونية لكان هناك توازن معقول بين التسميات العربية والأجنبية، ولبقي الطابع الثقافي المحلي غالباً على البلد رغم انفتاحه على ثقافات الغير. لكن حينما يختل التوازن وتصبح التسمية العربية مستهجنة في بلد عربي قح فهذا أمر لا يجب تجاهله.
وارجو ألا يساء فهمي فأنا لا أهاجم الثقافات ولا أن ننفتح على الثقافات الأخرى ، ما أهاجمه هو أن تحتل أية ثقافة أخرى مكان ثقافتنا.
أخــ السلطانة ــتكم
الروابط المفضلة