الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون وصلى الله وسلم على النبي الخاتم المبعوث للثقلين الجن والإنس والذي لا طريق إلى مرضاة الله وجنته إلا بإتباعه , فمن تبعه فهو الناجي في الدنيا والآخرة ومن خالفه فهو من الهالكين في الدنيا والآخرة , أما بعد :-
فان الله أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين الجن والإنس وفرض طاعته وإتباعه عليهم أجمعين وأن من لم يدخل في دينه فهو كافر ومن أهل النار ان مات على كفره وضلاله , وكل من وجد بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم من سائر الملل والنحل سواء كانوا يهودا أو نصارى أو بوذيين او مجوس أو هنادكة أو من غيرهم سواء كانوا من الجن والإنس فهم من أمته , امة الدعوة ..
لأن لفظ أمته له معنيان :-
الأول : هم أمة الدعوة وهم كل من وجد بعد مبعثه من الثقلين الجن والأنس من أي ملة من الملل..
الثاني: أمة الإجابة وهم الذين استجابوا للنبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به إيمانا صحيحا وماتوا على ذلك.
ولذا فرض الله عليه دعوة الناس جميعا كما قال عز وجل(قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا),,
وقال عز وجل ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا )..وقام عليه الصلاة والسلام عليه بهذا الأمرغاية القيام وبلغ البلاغ المبين ودعا الناس جميعا عربهم وعجمهم بسائر مللهم ونحلهم بل ودعا الجن كما قال تعالى ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين )..
وبدأ أولا بالدعوة في مكة بالكلام والصبر على الأذى , حتى وفق الله الأنصار إلى إيوائه ونصرته في المدينة ثم بدأ يجاهد الكفار دفاعا ثم لما قوي وأصحابه رضي الله عنهم جاهدوا بدأ ودفاعا , فغزا الكفار وكان يعرض عليهم الإسلام أولا فان أسلموا كف عنهم فان أبوا عرض عليهم الجزية إن كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا , فإن أبوا استعان بالله وقاتلهم وفتح ديارهم وحكمها بدينه وشرعه , وهكذا أصحابه من بعده فتحوا الديار وأقاموا فيها شرع الله ودينه وأقاموا العدل فيها , ففتحوا البلاد التي كان يحكمها الفرس والروم ثم انتقلوا إلى ما وراءها بعد ذلك حتى وصلوا إلى حدود الصين شرقا وحدود أوربا غربا ، وهكذا أمر أتباعهم إلى أن تقوم الساعة ... وهم على ذلك ..
وأدلة ذلك أكثر من أن تحصر فقد جاء بذلك الكتاب العزيز والسنة المطهرة والسيرة العطرة له صلى الله
عليه وسلم وهكذا أصحابه رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان
ــــــــــــــــ
وكان من وسائل دعوته للكفار الحوار معهم فحاور وفد نجران وكانوا نصارى في شأن عيسى عليه السلام وأمه مريم عليها السلام ونزل في ذلك صدر سورة آل عمران ..
وقال عز وجل ( ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن ) ..
وقال تبارك وتعالى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ..
وحاور اليهود وسألوه بعض الأسئلة جاء ذلك في الصحيح وكذا حاور المشركين وبين لهم بطلان عبادتهم ودينهم
وهكذا أخوانه من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام كما جاء ذلك في القرآن وفي السنة ، فقد ذكر الله حوار هؤلاء الأنبياء مع أقوامهم , كنوح وإبراهيم وصالح وهود وشعيب ويونس عليهم السلام وذكر حوار موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون , وذكر حوار مريم بنت عمران مع بني إسرائيل في شأن المسيح عليه السلام وولادته , وذكر حوار مؤمن آل فرعون مع قومه ... وتتبع هذا يطول ولكن هذا طرف مما ذكر في هذا الشأن..
ــــــــــــــــ
و من تأمل هذه النصوص وغيرها علم يقينا أن هذا الحوار يبنى على أصلين وهدفين :
فالأصلين هما :
الأصل الأول : أن دين هؤلاء الكفار باطل وأنهم كفار ومن أهل النار ان ماتوا عليه .
الأصل الثاني : أن الدين الحق هو ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم .
وأما الهدفان فهما :
الأول : دعوة هؤلاء الكفار إلى ترك دينهم الباطل.
الثاني : دعوتهم إلى الدخول في الدين الحق وهو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .
و الأدلة على الأصلين الأول والثاني كثيرة منها قوله تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )..
وقال تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) وقال (لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم )
وهاتان المقولتان للنصارى ..
وقال تعالىإن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية )
وهذا عام للمشركين ومنهم أهل الكتاب اليهود والنصارى..
وثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة )
وثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى اله عليه وسلم انه قال (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذا الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)
والأدلة في الباب كثيرة بل إن القرآن من أوله إلى آخره مليء بهذه الأدلة..
و اعتقاد كفرهم وضلالهم فرض لابد منه بل عدم اعتقاد كفرهم يعد ناقضا من نواقص الإسلام كما ذكر الأمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى من نواقض الإسلام فقال رحمه الله:
الناقض الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
الناقض التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.
ـــــــــــــ
وأما الأدلة على الهدفين من الحوار فكثيرة جدا أيضا بل إن الله بعث أنبياءه ورسله من أجل القيام بهذين الهدفين
قال تعالى(ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)
وقال عز وجل (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا اله إلا أنا فاعبدون)
وكل نبي يبعثه الله إلى قومه فانه يدعوهم إلى ترك دينهم والكفر بما يعبدون من دون الله والإيمان بالله
وحده وإخلاص العبادة له دون ما سواه .. قال تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)
وقد ثبت في صحيح البخاري رحمه الله في حديث هرقل الطويل مع أبي سفيان بن حرب رضي الله
عنه عندما كان مشركا أن هرقل ملك الروم سأله عن النبي صلى الله عليه وسلم أسئلة كثيرة ومنها أنه قال له إلى ماذا يدعوكم إليه؟ فقال أبو سفيان: يقول اعبدوا الله وحده واتركوا ما كان يعبد آباؤكم..
ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى أهل اليمن وكانوا أهل كتاب فقال له ليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله وفي رواية إلى عبادة الله عز وجل وفي رواية إلى أن يشهدوا أن لا اله الا الله واني رسول الله ...الحديث مخرج في الصحيحين..
وهذا ألأمر من أوضح الواضحات في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
ــــــــــــ
والخلاصة أن هدف الحوار مع الكفار هو أمرهم بترك دينهم الباطل بعد بيان بطلانه لهم , وكذلك أن يدخلوافي دين الإسلام الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بعد البيان لهم انه هو الدين الحق وأنه لا يصح التعبد بغيره وأن كل طريق غير طريقه صلى الله عليه وسلم وما جاء به فانه يؤدي إلى الخلود في دار البوار جهنم ويئس القرار..
وإذا تم الحوار على ماتقدم فسيثمر ويظهر الحق ويزهق الباطل كما قال تعالى
=== خطوات لتحقيق هذا الحوار وتحقيق أهدافه===
لا يخفى على أحد أهمية وسائل الأعلام للقيام بهذا الأمر العظيم فإنها تصل إلى كل شخص في كل مكان
بيسر وسهولة ووضوح فأرى القيام بالخطوات التالية لتحقيق هذا الحوار:
1-أن تتظافر جهود المسلمين حكاما وعلماء وتجارا ومختصين وكذلك عامة المسلمين لإنشاء مؤسسة عالمية للحوار مع الكفار ويكون مقرها مكة أو المدينة , لشرفهما ولان دعوة التوحيد انطلقت منهما..
2- إطلاق قمر صناعي باسم الحرمين سات يبث عبره الحوار مع الكفار بسائر مللهم ونحلهم ولغاتهم و أن يكون بث هذا الحوار عبر القنوات المرئية والإذاعات المسموعة بمختلف الموجات .
3- إنشاء مواقع في شبكة الأنترنت يكون كل موقع متخصص في ملة أو نحلة بسائر اللغات...
4- إنشاء مكتب لكل ملة ونحلة أيضا لطباعة الكتب المتخصصة في الحوار على الأصول والأهداف التي تقدم ذكرها وكذلك لمتابعة نتائج هذه الحوارات ومن أسلم بسببها وإرسال الكتب والمطويات للمتلقين ..
5-أن يكون الحوار باللغات المهمة وعلى رأسها العربية ثم الانجليزية والفرنسية والبرتغالية والاردو والمالاوي والسواحلية والألمانية والايطالية والصينية والفارسية والبشتونية وغيرها من اللغات الحية..
6-أن يقسم الذين يستهدفهم الحوار إلى قسمين رئيسين :
أ- من كانوا كفارا أصليين كاليهود والنصارى والهنادكة والبوذيين والملا حدة وسائر الوثنيين..
ب- من كانوا ينتسبون الى القبلة كالرافضة والنصيرية والدروز والاسماعيلية والصوفية القبورية
والبهائية والقاديانية
ـــــــــــ
وختاما أرجو ممن قرأ هذا المقال وكان يرى فيه مايفيد أن يوصل هذا الى من يستطع أن يتم هذا المشروع للحوار فانه –بظني- سيكون سببا لأنقاذ ملايين ان لم أقل مئات الملايين من البشر من ظلمات الكفر الى نورالاسلام والايمان الحق , وسيقوي المسلمين ويرفع شأنهم , وتقوم الحجة وتتضح المحجة عند كل طالب للحق أو معاتد له ..
وكذلك لايبخل من كان عنده زيادة أو تكميل لماذكر فيه أو نقد أو استدراك عليه وله مني الدعاء والثناء.
والحمد لله رب العالمين
منقول عن الشيخ /علي بن صالح الجبالي
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة