مع مغريات هذا الزمان وكثرة فراغ الفتيات نظراً لوجود الخدم والحشم انقلب الأصل المعروف لدينا _ وهو أن الأصل قرار المرأة في بيتها وعدم خروجها إلا لحاجة _ ، فأصبح الأصل في زماننا ( إلا ما ندر ) هو الخروج من المنزل وسواء كان الخروج لسوق أو مدرسة أو لمحاضرة أو لدار ذكر أو غير ذلك .
المراد هو اشتراك أغلب الفتيات في كون الخروج هو الأصل ، وهنا يأتي السؤال أين يذهبن هؤلاء الفتيات وخاصة ذوات الدين والخلق أو ذوات الخلق المحافظات ولو لم يكن مستقيمات ؟.
قد يذكر البعض دور الذكر النسائية كملجأ يستضيف أولئك الفتيات ، ولكن مع التسليم بصحة ذلك نسبياً يقال :
هل ما يقدم في تلك الدور مناسب لجميع الفتيات ؟
هل في استطاعة دور الذكر انضمام تلك الأفواج الكثيرة من الفتيات ؟
أين تذهب من لا ترغب بذاتها أو لا يرغب أوليائها الالتحاق بدور الذكر النسائية ؟
أرى أنه لا ينبغي لنا أن نضع خياراً واحداً هو المتنفس الوحيد والمكان التربوي الفريد ومن لم تلتحق به فلها نظرة أخرى .
الشباب والفتيات في الراغبين في الاستقامة يجدون مجالات متعددة لاحتوائهم ومنها على سبيل المثال : حلقات ودور تحفيظ القرآن الكريم ، الجماعات والمصليات المدرسية ، المؤسسات الإعلامية مسموعة ومقروءة .
لكن هناك فئة متميزة من الفتيات لا ترغب في الدور وتمتلك من المواهب الكثير ولا تجد في برامج دور الذكر ومصلى المدرسة ما يروي الغليل ويشبع الحاجة فماذا قدمنا لهؤلاء ؟ وأين نتركهم يذهبون ؟
هناك اقتراح أقدمه بين يدي القراء ، وأتمنى من أخواتي الداعيات والمهتمات بشئون دعوة الفتيات بيان صلاحيته من عدمها وهو :
# تتولى عدد من الداعيات التنسيق فيما بينهن وبين إحدى الدور القريبة من المدرسة المستهدفة ولتكن مدرسة ثانوية مثلاً ، فيقمن الداعيات بإقامة برامج في المدرسة عبر المصلى والإذاعة الصباحية ومن خلال تلك البرامج والتدريس يستخرجن الموهوبات والمتميزات في الخلق والدين ، ونفس المهمة تقوم بها الدار النسائية فتنظر للمتميزات فيها واللاتي لا يناسبهن برنامج الدار وحبذا أن يكن في نفس المدرسة المستهدفة أو قريبين منها حتى يمكن التواصل .
# هناك نقاط مشتركة ينبغي أن تراعى عند الاختيار ومنها : 1 – التقارب في العمر .
2 – التقارب في المرحلة الدراسية .
3 – تقبل الفتاة ذاتها وتقبل أهلها للمرحلة التي ستقدم عليها الفتاة .
.4 – مستوى استقامة الفتاة وخلقها وأهليتها للدخول في البرنامج المتميز والمكثف .
# يتم إعداد برنامج تربوي يعتني بجميع النواحي التي تحتاج اليها الفتاة والتي ينتظر منها المجتمع الكثير سواء في الجوانب الإيمانية أو العلمية أو المهارية أو الإعلامية بل حتى الجوانب الترويحية والترفيهية و غيرها ، ويفضل عرض البرنامج المقترح على بعض الدعاة والداعيات الذين لهم سابق خبرة في مثل تلك البرامج .
# يقمن العاملات والقائمات على هذا البرنامج بتطبيق البرنامج المعد لهؤلاء الفتيات ، والعناية بتقويم الخطوات والوسائل التي تؤدي لتحقيق الأهداف المنشودة .
هذا الاقتراح والمسمى برنامج النخبة يسير عليه بعض العاملين في مجال التربية الرجالية منذ أمد بعيد وأظهر نتائج وثمار طيبة حيث أن البرامج الخاصة تنفع أحيانا أكثر مما تنفع المحاضرات والبرامج العامة ولا مانع من الاحتذاء بتلك المنهجية في الصورة المقترحة للبرنامج وهي كالتالي :
السبت : درس لحفظ القرآن كل حسب قدرته أو يكون السير متحد ، ومن ناحية المكان إما أن يكونوا في إحدى الدور أو المدارس الأهلية المهيأة أو في بعض المنازل الخاصة بهن .
الاثنين : لقاء بعد المغرب يشتمل على إفطار صائمين ، مع درس في فن من الفنون كالفقه مثلاً تلقيه إحدى الداعيات ، أو يتفقن على حضور درس لأحد العلماء في مسجد معين .
الأربعاء : مهرجان ثقافي تظهر فيه الفتيات مواهبهن وإبداعهن ويقام إما في دار للذكر أو في مدرسة أهلية أو حكومية ، أو في استراحة .
_ جميل أن يحتوي البرنامج على دورات وندوات متنوعة وكذلك زيارات ورحلات لبعض المؤسسات الخيرية والطبية والإعلامية كمؤسسة الحرمين والندوة العالمية ، ومستشفى النقاهة والأمل ، ودور الملاحظة ورعاية الأيتام ، ومجلة حياة القسم النسائي منها وأمثال ذلك مما لا يخفى .
_ هناك الكثير مما يمكن به ملئ فراغ أولئك الفتيات اللاتي لم يجدن في ( بعض ) دور الذكر النسائية سوى المبالغة في التجويد ، والدورات العلمية المكثفة التي لا يحتاج إليها أكثر من يذهب إلى تلك الدور أو يحتاج إليها لاحقاً إذ ما زال في بداية الاستقامة وبحاجة لتأليف قلب واحتواء وإظهار سعة الدين وعدم صحة ما يقال عن المستقيمات بأنهن معقدات يلازمن البكاء طوال الوقت ؟!.
هذه الصور عن بعض الدور النسائية لا تنفي وجود دور مثالية بدأت تنهج منهج يلبي احتياجات الفتيات ويعدها داعية في المستقبل ، لكن هذه الدور المثالية لا زالت قليلة مقارنة بالكثرة التي يصدق عليها " إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " ، ولي عودة للحديث عن دور الذكر بحكم قربي منها وإطلاعي على نماذج متعددة منها ، ولعل الحديث يكون قريباً .وليس المخبر كالمعاين ؟!.
قبل الختام : أشعر أن البرامج الخاصة بالنخبة تسهم وتثمر ما يلي :
1 – إخراج فتيات تمت تربيتهن وإعدادهن وفق أسس سليمة مراجعة من قبل الغيورين على الدعوة والمطلعين على احتياجاتها .
2 – شمولية البرنامج تسد الفراغ الموجود في بعض المؤسسات كالإعلامية مثلاً والتي تفتقد العنصر النسائي القادر على العمل .
3 _ برامج النخبة تخفف العبء على دور الذكر والمحاضن التربوية النسائية والتي ينبغي أن تقدم لمنسوبيها ما يوافق تطلعاتهن .
أخيراً : نحن أمام مجتمع مقبل على انفتاح عظيم ، فحري برجال ونساء الغيرة من قومي إعادة النظر في كيفية احتواء الأعداد المتكاثرة من الراغبين في الاستقامة ، وتشكيل اللجان لوضع الخطة والمنهجية التي يسير عليها الراغبون في دعوة أولئك ، قبل أن ينفرط العقد ، فيبدأ حينها توزيع الاتهامات ونبذ الأخطاء على العاملين في الميدان .
هذه خواطر ومقترحات آمل أن تتسع لها قلوب القراء قبولاً أو رفضا سالكين سبل التقويم المنصفة والهادفة حالة الرفض والله ولي التوفيق
الروابط المفضلة