الطرف الأغر
سئل أحد الملوك: أى عبيدك أكثرهم حبا لك من غير مجاملة?
فقال الملك للسائل: أمهلنى بالإجابة?
فخرج الملك يوما للصيد و معه السائل و الحاشية و العبيد. فبينما هم جلوس. إذا حانت لفتة من الملك تجاه جبل من الثلج ثم نكس رأسه و تابع حديثه مع الجلوس فإذا بأحد العبيد قد و ضع بين يدى الملك قدرا كبيرا مملوءا بالثلج فسأله الملك: لماذا فعلت هذا?
فأجاب العبد: رأيتك تلتفت إليه فعلمت أنه يجول فى خاطرك فسارعت إليه فالتفت الملك الى السائل قائلا: هذا أخلصهم لى خيالى لا يفارق طرفه و عينه.
فلو أن الزوجة سارعت لطهى نوع معين من الطعام إذا شعرت بأن الزوج قد أعجبه هذا النوع أو سارعت لشراء عطر محبب إلى قلب الزوج و قدمته هدية له دون أن يتكلم أو يطلب فسيبدى إعجابه و لو بنظرة تعبر عن محبته وشكره لتلك الزوجة.
إن نظرة الطرف من المحب الى الحبيب تمنحه شعورا بالثقة و أنه ذو مكانه من المحب. و لها أثر كبير فى مواساته. إذ تكشف غمومه و تخفف آلامه وتنسيه أحزانه و تنفس عنه كربته.
عندما لم يستجب أهل مكة للنبى صلى الله عليه و سلم أصابه الهم و الغم" لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين". فأخبره سبحانه أن هذا الأمر واقع لا محالة" كذلك سلكناه فى قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم" كاد يقتل نفسه صلى الله عليه و سلم خوفا عليهم و ربما من أجل التساؤلات المطروحة: هل عدم الإستجابة دليل على عدم رضا الله تعالى عنى?
ثم خاطبه الله تعالى بعد الآيات السابقة" فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين" خطاب شديد اللهجة له هل سأكون من المعذبين??
كان وقعه عظيما على قلبه الرحيم صلى الله عليه و سلم ثم قال سبحانه" و اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إنى برىء مما تعملون" فكانت هذه ثالثة الأثافى: أن أتباعه ربما يعصونه. تساؤلات تتوارد على الذهن هل ربى تبارك و تعالى غير راض عنى? هل هجرنى? هل قلانى? فقال سبحانه إجابة لهذه التساؤلات" و توكل على العزيز الرحيم الذى يراك حين تقوم" فأنت أنت يا رسول الله, فمن حبه لك سبحانه أنك لا تفارق عينه فى كل حركاتك. فكانت إعلاما له و مواساة, كالذى يراك من طرف فتشعر بالإرتياح فهو يراك رؤية حب و حفظ و رحمة و إدلال. ثم أكد سبحانه ذلك بقوله:" و تقلبك فى الساجدين" أى يرى من يقلب لسانه من الساجدين بالصلاة عليك و من يذكرك منهم بخير.
و لما تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك فقال للنبى عليه السلام معترفا بذنبه:" والله يا رسول الله ما كان لى من عذر, فقال صلى الله عليه و سلم أما هذا فقد صدق. فقم حتى يقضى الله فيك.
فهجره النبى صلى الله عليه و سلم و أمر المسلمين بذلك. إنتظارا لحكم الله تعالى فيه. قال كعب: فتغير الناس علينا. حتى تنكرت لى الأرض التى و لدت فيها. فما هى بالأرض التى أعرف. فكنت آتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأسلم عليه و هو فى المسجد فأقول فى نفسى: هل حرك شفتيه برد السلام? ثم أصلى قريبا منه و أسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتى نظر إلى. فإذا التفت نحوه أعرض عنى" رواه مسلم.
اللَّهُمَّ لاَتُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ وَاغْفِرْ لِي مَالاَيَعْلَمُونَ وَاجْعَلْنِي خَيْراَ َ مِمَّا يَظُنُّونَ
الروابط المفضلة