لماذا يفشل الزواج من بعض الدعاة ..؟؟!.
كنت كتبت في مقال سابق حول فشل الزواج من ( بعض الداعيات ) ولاقى المقال عتب كبير من قبل أخواتنا الداعيات أو المدافعات عن جناب أخواتهن الداعيات وطالبن بإنصافهن والحديث عن دور الدعاة في فشل الزواج أيضاً فكانت هذه الكلمات .

ترغب كثير من الفتيات في الاقتران بالزوج الصالح استجابة منهن لنداء المصطفى صلى الله عليه وسلم " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " ولما يشتمل عليه الزوج الصالح _ في نظرهن _ من الأخلاق الحسنة والصفات النبيلة التي من خلالها يحققن بعض أحلام فارس المستقبل .

فئة من الفتيات وهن قلة يرغبن في الاقتران بالدعاة عامة والمستقيمين خاصة لا لكونه مستقيما فقط ؟ حيث استقامته ستمنعها من كثير من الملهيات التي تستمع بها قبل زواجها ، ولكن المقصد من هذه الرغبة ما يتميز به الزوج المستقيم غالبا من احترام لكيان زوجته وعدم تعرضه للفتيات الأجنبيات معاكسة وخلوة ومحادثة حيث تجرح هذه التصرفات قلب الزوجة ، وكذلك يرغبن فيه لاجتنابه الموبقات التي بدأت تنتشر في أوساط شبابنا كشرب الدخان والخمور وتعاطي المسكرات فلذا يقدمن أهون الضررين بدفع أشدهما .

مع هذه الرغبة العارمة لدى النساء في الاقتران بالدعاة والمستقيمين إلا أن هناك اصواتا قليلة بدأت تدعو إلى تجنب الزواج من الدعاة إلا لمن لها القدرة على تحمل تبعات هذا الزواج .

ولهذه الفئة دواعيها التي تدعم رأيها ومنها :

# كثرة خروج الدعاة للدعوة سواء داخلياً أو خارجياً .

# إهمال بعض الدعاة لبيوتهم وزوجاتهم والاكتفاء بتوفير الطعام والشراب والحاجيات الرئيسة .

# تفريط بعض الدعاة في دعوة أهله وأقاربه وانشغاله بالآخرين أثر ذلك في تربية أبنائه وصلاحهم .

# هناك سبب ضئيل برز في الآونة الأخيرة وهو خشية البعض عدم استمرار زواج المستقيم لابنتهم وابتعاده عنها إما لجهاد أو تغييب خلف القضبان .

هذه بعض الدواعي التي تحضرني وهناك غيرها يدلي بها القراء .

احد أبناء الدعاة المشهورين بإدخال السرور على الآخرين يغبطه الناس على أبيه المتصف بالصفات الحسنة فيقول الابن : لا أرى في المنزل ولا يرى أهلي شيئاً مما يذكره الناس عن والدي .

وأخرى زوجة لداعية اتصلت على أحد أقاربها تشكو إليه كثرة غياب زوجها عن البيت ، وعدم إعطاء زوجته ورغباتها الغريزية ما تستحق وتختم شكواها قائلة : لتعلم وليعلم هو أن طرق تحقيق وإشباع غريزتي كثيرة ومتعددة لمن أرادت سبل الشر والغواية .

وفتاة أبوها كثير الارتباطات الدعوية من سفريات ومحاضرات وكلمات وغيرها ، هذه الفتاة يتحدث عنها من يعرفها عن انحراف سلوكها وارتكابها لمعاصي متعددة ووالدها يهتدي عليه الآلاف .

هذه صور واقعية وليست من الخيال وربما يقول البعض إنها شواذ ولا حكم للشواذ ، ولكن يقال مع التسليم بمحدودية هذه المشاهد إلا أن ما خفي عن الناس كان أعظم والبيوت أسرار كما يقال .

وهدفنا الإصلاح والسمو نحو الكمال وبخاصة من قدوات المجتمع الذين يحملون مشعل الهداية للناس فأين هم عن أهلهم وذويهم وفي الحديث " خيركم خيركم لأهله ".

تلك الأحداث والدواعي السابقة الذكر حولها بعض الوقفات ومنها :

_ على الداعية إلى الله أن يدرك أن مسئوليته الأولى ومهمته الدعوية تتجه إلى بيته أولا ثم إلى الاقربين ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ومن تلك البيوت التي يحسن الدعاة تربية أهلها يخرج الآلاف من الدعاة يفوقون أحيانا من رباهم ، وما يتعذر به البعض من كون زامر الحي لا يطرب ، وأجهل الناس في العالم أهله ، لا يمنع ذلك كله من بذل المستطاع ومحاولة الإصلاح وتخفيف المنكرات وسبل الغواية حسب المقدرة .

_ يظن البعض من الدعاة وهم قلة أن الدعوة إلى الله المتمثلة في إقامة الدورات وإلقاء المحاضرات وتوزيع الأشرطة واعتلاء المنابر هي الأعمال العبادية فقط ، وينسى أو يتناسى أولئك أن الترويح عن الأبناء عبادة وإدخال السرور على الزوجة والأبناء عبادة وتحقيق الاستقرار الجنسي للزوجة عبادة والإنفاق على الزوجة والأبناء عبادة وصلة ، فليست العبادة مقتصرة على مظاهر معينة ما سواها لا يليق بالداعية الالتفات إليه ، وكم رأينا من دعاة فقهوا معنى الدعوة فأحسنوا التعامل مع أهلهم وذرياتهم .

_ ينبغي على الداعية أن يلتفت قليلاً إلى زوجته فليست المرأة صندوقا جامدا يفرغ فيه المرء حاجته دون اعتبار للمشاعر والأحاسيس العاطفية والزوجية بل لابد من ذلك كله لكي يكتمل البنيان العائلي .

_ حديثي عن الدعاة وأهمية التفافتهم إلى منازلهم بما فيها الزوجات لا يمنع من حث البعض منهم على الدعوة ولو فرط في مقابل ذلك بشئ من حقوق منزله وأهله فالضرورة في زماننا تبيح خروج نفر للدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والذب عن حرمات المسلمين ،وعلى المرأة في هذه الحالة الصبر والاحتساب فلقد ذكر بعض العلماء وجوب خروج بعض الدعاة للناس وتصدرهم لمشاكلهم وشؤونهم ولو أدى ذلك إلى تفريط في جانب الزوجة والمنزل نظراً لمكانة أولئك الدعاة بين الناس بل ذهب بعض العالم إلى تأثيم من فرط في ذلك وقد وصل إلى هذه المنزلة.

وحسبي أن شيخنا بن باز رحمه الله تعالى قد وصل في آخر حياته إلى المرحلة التي يملك العالم بأسره وقته وجهده وعلمه فلم يعد في يده الخيار حتى يستجيب أو يرفض لما يتمتع به من قبول لدى العالم .

- هذا الكلام لا يصح تعميمه على النساء الداعيات إلا نادرا _ ولو عتب علي النساء_ لأن الأصل في المرأة القرار في منزلها ، ودعوتها وإصلاحها أولادها وزوجها أولى ، والدعوة التي تلزمها في نظر البعض تتحقق بغير الخروج أحيانا كالتأليف والإصلاح عبر الهاتف وإقامة الدروس في المنزل ونحو ذلك ، ثم هي لو خرجت لنفعت بنات جنسها فقط ، وأما الرجل الداعية فخروجه أخف وأقل ضررا ونفعه متعدي إلى الجنسين ذكورا وإناثاً .

_ قبل الختام : كلماتنا السابقة في حق إخواننا الدعاة الأفاضل لا تبخسهم حقهم ولا تنقص من قدرهم فهم أعلام الدجى وفضلهم علينا كبير لا نملك تجاهه إلا الدعاء مدى الحياة .

وأما الصور التي يراها البعض شاذة ومخالفة للهدي النبوي في ظاهرها _ إن صحت _ فهي نادرة ولدى الدعاة المبررات لارتكابها وليس كل ما يعلم يقال ، والأحكام العامة لها استثناءات .

ختاماً : هذه حروف تحمل بين طياتها النصيحة والصراحة ، هدفها والله حسبي الإصلاح ، واعتذر للقراء عن الإطالة وآمل منهم إثراء المقال بالحوار الهادف ,وليعذروني في التأخير عن التعقيب على مداخلاتهم .

والله ولي التوفيق .