بسم الله الرحمن الرحيم
قصة نسوقـُـها من واقع مجتمعنا
فتاةٌ في مقتبل العمر ، عاجزة ٌ تشكو الفشل ، حالمة ٌ بالنجاح وعاشقة ٌ للهروب ، تزوجتْ شبحـــاً وانجبتْ أقماراً ، درستْ فتعلمتْ وتفوقتْ ثم فشلتْ !! الفشلُ يطاردُها اينما ذهبتْ ، وحيثما اتجهتْ ، فاشــلة كزوجة ، فاشلة كأم ، فاشلة كحبيبة و فاشلة كعاملة .
تقولُ عن نفسها : تزوجتُ رجـــــلاً يكبرني سناً فكنتُ له ( كالبهيمة ) أسمعُ بالحبِ ولا أعرفـُه ، اقرأ قصصَ العاشقينَ فأحلم أن اعيشها ، تمنيتُ لو كـــــان زوجي بشراً يشعرُ بما أريد ، ولكن هيهات هيهات لما أحــلم مرتْ الأيــــــامُ فأصبحتُ أماً ، أمٌ تراودها أفكارٌ شيطانية ، أفكارٌ منبعُها الحب الضائع والمفقود في حياتي، أفكارٌ تزينَّ لي فيها ثوبُ المكرِ والخداع.
كنتُ قد درستُ الجــــامعة َ وتخصصتُ في عـلوم الكمبيوتر ، فصارَ هذا الجهازُ الصغير بيتي ، أحببته بشكل جنوني حتى انني كنتُ أدخله لأجد فيه ما افتقده من حولي ، أحببتُ المنتديات فكتبتُ فيها وبدأت أتعرفُ على من أعشقُ حرفه ، تعرفتُ على الكثيرِ والكثير عن طريق المنتديات و( المحــــــادثات الصويتة ) وهـنا مربط الفرس. كانتْ هذه بداية الفشـــــل الخلقي ، فما كنتُ أفتقده في حياتي الواقيعة أجده من خـــلال بيتي الجديد ( الجهاز ) ، من خــــلالهِ سمعتُ كلمــــــــات الحب الراقية التي لم تسمعها أذنـي من قبل ، وتغزلتْ بأحرفي ( كـــــــلابٌ ) متلهفة ٌ لنهش ٍ جسدي ، وحيواناتٌ بشرية تلاعبتْ بمشاعري . انقدتُ معها مســــلوبة َ الإرادة ، متتوقة لتحقيق أحـلامي الساقطة ، فهدمتُ بيتي بنفسي وشتتُ أسرتي وضيعتُ مستقبلي ومستقبلَ أبنــائي ، وأصحبتُ أحمل لقبَ مطلقة بكل جدارة واستحقاق ..
شاءَ الله أن تتعلق نفسي بكاتب جديد ، قرأتُ له موضوعاً أعجبني وقبل الموضوع شــدني بقوة " اسمه " والذي كــــان يحمل ما أبحث عنه للهروب من حياتي الفاشلة ، أضفته على الماسنجر ومن أول لحظة دار بيني وبينه نقاشٌ طويلٌ أختتمه بكلمةٍ فجرت مسامعي والهبت مشاعري وكأنه يعرفني حينما قالها !! ، قال لي أنتِ ســــــــــــــاقطة ، فانعقد لساني وخارت قواي وتصلبت أصابعي وبكيتُ بكاءً مريراً معه استرجعتُ ماضي حياتي وتذكرتُ براءة َ طفولتي وحماسَ شبابي .
بعدَ أيام ٍ أقرأ ُ في بريدي الألكتروني رســـــالة َ اعتذارٍ من ذلك الشخص أعادتني للحياة من جديد ، وحينما قابلتُـه على المــاسنجر كررَ اسفه واعتذاره ، فظننتُ أنني ملكة ٌ في نظرهِ وانه عشقني كمــا عشقته ! لـكن الأمر كانَ أكبرَ من هذا .. حدثني عن حياتهِ وكأنه ( اختلقَ قصة استوحاها لتعالج واقعي )
قال لي : أنا شابٌ متفوقٌ في حياتي ، بدأتُ بحبِ نفسي حبــــاً جعلها تعرفُ قيمتها ، وتختارُ مكـانتها ، فلم ترض بالعيش ِ مع الهملِ ولم تعرف يوماً حياة الكسل ، كبرياءٌ وشموخ ٌ وأنفة ٌ وعـِـــزة ٌ أشكلَ معها وجـود شريكة لحياتي ، تشاركني نجـــاحي وتفرح ُ لفرحي ، تقـــاسمني همي وتحملُ معي حــزني ، وهنــــا كانتْ المشكلة. بحثتُ حتى اعياني البحثُ والتعب ، وحلمتُ حتى ملتني الخـــــواطرُ والأحلام . لكن الله شاءَ أن يختارَ لي زوجــة ً مؤمنة ً صـــالحة ( دون تعبٍ مني ) ، فاقتْ في الوصفِ خيـــالاتي ، وسلبتْ برجــــاحةِ عقلها مشـــاعري وأحاسيسي . عشنا فترة من الزمن أحسبُ أننا أسعد مخلوقين على وجـهِ هذه المعمورة ، واكتملتْ سعادتُـنا حينما رزقنا الله ُ بـ ( تؤمين ) ، زادا الحياة َ بهجة وسروراً في أعيننا.
لكن الشيطان هو الشيطان ، فذات يوم خالط َ فكري ، وأستولى على عقلي ، حينما دخلتُ تلك الغرف المظلمة تلك المستنقعات الراكدة ( غرف الشات ) ، خُيلَ لي أنني أتسلى وأقضي سويعاتَ فــــراغي فيما ظننته ناجعاً مفيدا ، فأدمنتُ حوارَ الفتيات متغافلاً مراقبة ربِ الأرضِ والسمــاوات ، مهملاً للحقوق ومضيعاً للواجبـــات بدأتُ أعيشُ حياة ً غيرَ حياتي ، وأدخلُ عالماً غيرَ عالمي ، فمرة اتفقتُ مع ( ســاقطة ، ظننتُها تحبُني ) على اللقاء متعاهدينِ على الحبِ والوفــاء .
لكن الساقطة تبقى ساقطة .. قابلتُـها وعينُ الإله ترقبني وحـــوافزُ إبليس تدفعني ، فتاة ٌ احترفتْ ( معاشرة ) الغرانُ وأصحابُ النزوات ومحبيّ النسوان ، لم أتصور يومــاً من الإيـــــام أن أفقدَ حبّي لنفسي وأن أبتذلها لهذا المستوى الخلقي المنحط ، تخيلتُ في عجـالة سريعة لو أنني قابلتُ زوجتي بهذه الطريقة كيف ستكون حياتي ! ( الحمدُ للهِ الذي أيقظ ضميري ) ، تركتُ الساقطة لتجد لها لاقطاً وأحترمتُ نفسي وقــدرتُ زوجتي بعد أن كدت أزلّ.
( أنتهى كلام الشـــاب معي ) ... فشعرتُ أنه حينما قال لي يا سـاقطة أنه كــــان يعينها ، لذا بغلتْ تلك الكلمة سويداء قلبي ، نعم أنا ساقطة .. وكنتُ أبحثُ عمـن أجـــدُ فيهِ مبتغـاي لأن من حــولي همّـشني ، ومجتمعي لم يرحمني ، فأنا فاشــــلة وأنتم سببُ فشلي .. نعم أنتَ يا أبي وأنتِ يا أمي .. انتما سببُ فشلي ، لم تغرسا فيَّ معناً لاحترام النفس ولم تبذرا فيَّ قيمَ الإسـلام . أنتَ يا زوجي زوجٌ فاشلٌ .. وأنا نتيجة منطقية حتمية لفشلك مــاذا أقولُ لإبنائك حينما يسألون عن أبيهم !! أ أقولُ لهم إنه ( عربيدٌ سكير ) !! .. نعم أنت يا مجتمعي سببُ فشلي .. عاداتٌ فـُـرضتْ علينا ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان ، حجّرتْ من فكرنا ، وســـاهمتْ في ظلمنا وقهرنا وأنتم يا أصحــــابَ النفوس المريضة ، والشهوات والنزوات العقيمة .. أنتم سببُ فشـلي فبكم دنستُ عرضي وبكم ضيعتُ شرفي .. لمن ألتجــــأُ إليهِ اذا ضاقت بيَّ النووبُ ؟ لمن أعـــــود اذا اغلقتْ الحيـاة أبوابَها في وجهي؟ .. ألكَ يا أبي ! .. أم لك يا زوجي !! .
أنتهى كلامُ الفاشــــــلة وبقيتْ تعليقاتكم على هذهِ الظــاهرة والتي قد لا يمرُ علينا فترة ٌ إلا وسمعنا مثلها أو قـــرأنا ما يقاربها ، أين ممكن الخلل ؟ وأين العــلة ؟؟ أهي في أفكارنا المريضة وعقولنا السقيمة المتبلدة ببلادة حسِنا وخوفنا من اللهِ تعالى !!!
--------------------------------------------------
الروابط المفضلة