السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على الرغم مما يفتقدون من أحبةوأعزاء ** وبالرغم من كون أعضاء أساسية قد بترت من أجسادهم إلا أن ملامح العزموالإصرار تظل تتراءى في قسمات وجوههم الغضة لتؤكد أن كل ما يفقدون يبدو هيناًمقابل استعادةالمغتصب من تراب وإرادة**.
في خلال متابعتنا لهم داخل المشفي رأينا أحدهم قد باشر للتو في استقبال مكالمةهاتفية من الأهل في غزة وما أدهشني في تلك المكالمة العابرة ** أن المضطجع على سريرهالاستشفائي وبينما كفه تمسح بلطف موقع بتر أحد قدميه** لم يسأل محادثه في الجانبالآخر للمكالمة عن شئ قبل اطمئنانه على المعنويات فسأله « هاه ... خبرني عنالمعنويات ..كيفكم» ورغم أننا لم نسمع إجابة الطرف الآخر إلا أننا فهمنا أن الرد كانإيجابياً وأن معنويات أهلنا في غزة باقية أكبر من أن تنالها آلة الفتك الصهيوني ،على هذا تحول الاتصال ليتناول شؤونا وأسئلة أخرى وخاصة**
تحولنا بعيوننا نحو بقيةالإخوة في الغرفة نصافح قلوبهم واحداً تلو الآخر وندرك حينها أننا نصافح تلك الأرضالصامدة في فلسطين ، إنها غزة العزة .
كانوا أربعة يتوزعون على أربعة أسرة في غرفة بمركز تأهيل المعاقين بجنزور .. كانوا أربعة يجمع بينهم أكثر من قاسم مشترك . فأربعتهم عرب فلسطينيون فقدوا أرجلهم في أعتداءات متواصلة لقوات منظمة الجيش الصهيوني .. وأربعتهم في سن عمرية متقاربة .. الأربعة شباب في مقتبل العمر ... لابد أن أحلامهم كانت تزدان بعديد الطموحات المستقبلية .. ولابد أنهم الآن وبعد أن فقدو ما فقدوا قد حدث لهم تغيرات متباينة في خريطة أحلامهم لتبدو الطريق وليبدو الهدف ضمن الحدود الممكنة لقدراتهم لكن بكل تأكيد فإن الأمل في تحرير فلسطين يبدو راسخاً ويقينا حتى وإن بدا هذا للجاهلين بدروس التاريخ شبه مستحيل .
للوهلة الأولى وبمجرد اكتشافك لما يفقدون فلابد أن تشعر بالمرارة تغمرك حد الغرق ، لكن وما أن تجلس معهم وتسمع منهم فإن إحساساً مغايراً ينمو بداخلك ..تشعر معه أن الوقوف أقل شئ تفعله للتعبير عن احترامك واعتزازك بكل أبناء المقاومة الذين وبرغم عظمة تضحياتهم وبرغم حجم التآمر الدولي وحتى الغربي على قضيتهم إلا أنهم مازالوا وسيظلوا مصرين على مواصلة المسيرة نحو تحرير كل تراب فلسطين .
أربعة من غزة نقلوا ضمن مجموعة من الجرحى إلى مستشفيات الجماهيرية العظمى لتجرى لهم الفحوصات الطبية اللازمة لحالاتهم الحرجة وليتلقوا العلاج وليلقوا بين إخوتهم في ليبيا كل اهتمام ورعاية تعكس مدي الترابط الذي يجمع الشعب الليبي بأشقائه في فلسطين وتجسد تضامن الجماهيرية مع كل أبناء فلسطين ضد ما يتعرضون له من هجمة صهيونية شرسة فاقت في قسوتها وحقدها كل المقاييس المعروفة والمتوقعة .
لكل واحد منهم حكاية قد تختلف في تفاصليها عن باقي الحكايات لكنها جميعها تحكي عن غدر العدوان وعن صمود الشعب العربي في غزة ضد العدوان..
الروابط المفضلة