حينما تتحدث هي عن سائقها.. كأنها تتحدث فعلا عن (ملاك) على هيئة إنسان.. تنطلق بكلماتها وهي فخورة.. أن لديها سائقا عيونه في الأرض يستحي من ظله.. خجولا ومؤدبا.. يحترم أسرة كفيله وغيورا جدا ويخاف عليها.. ولا يقبل بمهانتها!! هذه السيدة.. وعشرات من مثيلاتها يؤمن بهذه الحكاية السخيفة الغبية.. ويتمادين في ترك الحبل على الغارب بمنطق ان هذا الغريب واحد منا وفينا.. مع نسيان متعمد ان هذا الغريب يحمل غريزة شيطانية.. ويمكن له أن (يخرب) بيتها.. ويسقطها في الوحل.. حينما يلعب الشيطان برأسه في أي لحظة من غفلتهم وسذاجتهم!! في غفلة يمكن لهذا الغريب المؤدب الخجول الغيور.. أن ينقلب لذئب متوحش.. ينهش جسد الصغيرة.. حينما تسمح الأسرة دون أدنى مسؤولية.. أن تركب معه طفلتهم الصغيرة دون مرافق لها لتكون له فرصة لملاعبتها يتحسس جسدها الصغير.. يحضنها يجلسها في حضنه.. حينما يترك للغريب الفرصة بمفرده.. دون غيرة وحمية.. حينما يكتمل شعورنا وإحساسنا بالتخدير والموت.. حينما الأسرة تعطيه الثقة القاتلة حتى الغرق.. حتى الكارثة المفجعة.. أن يحمل الصغيرة بمفرده إلى الروضة أو المدرسة.. حينما تذهب معه إلى السوبر ماركت.. أو الخياط.. ليحدث ما يحدث.. (لن ينفع الصوت بعد الغرق)!! صرخة موجعة.. تتفجر أمام وجه الأمهات وهن في غفلة دائمة.. حينما يقلن البنت صغيرة.. لا خوف عليها من هذا الوحش.. فهي بين أيدي سائق أمين.. السذاجة الكبرى والمؤلمة انهم يرددون دائما.. حتى وان كبرت أو تخطت مرحلة الطفولة وصارت في سن المراهقة.. يكررون الجريمة في سذاجتهم بأن ابنتهم مازالت طفلة.. أما هو فيبقى الطيب الخجول الغيور على محرمات أسرة كفيله!! هذا الشيطان يرصد ويسجل في ذاكرته مدى الثقة المفرطة الممنوحة له.. فيخطط لجريمة قادمة لأن لا أحد يسأل.. ولأن لا أحد يراقبه.. فتتلاشى آدميته.. حينما تتفتح غريزته.. ينسى كفيله.. وإنسانيته وغيرته وخجله فتتحول آدميته.. لشيطان بوحشيته ليفعل ضدنا كل شيء!! نحن دائما نتمادى في الغفلة نسقط من مشاعرنا المسؤولية.. وننسى الخطر المحدق في بيوتنا.. وتلك الشرارة المتأهبة للاشتعال.. ننام طويلا نرتكب الجريمة.. لنصرخ بعد ذلك!! نحن دائما صحوتنا تأتي متأخرة.. وتأنيب الضمير متأخر.. والتمادي في إهمال مسؤولياتنا متأخر.. والشعور بالألم وفداحة قصورنا متأخرة.. نكتشف أدلة جريمتنا متأخرة.. بعد أن تغرقنا دموعنا البارزة وأحاسيسنا المتخدرة.. وانشغالاتنا التافهة.. لندفع الثمن باهظا ومخيفا.. لتسقط على رؤوسنا الكارثة.. هي ليست كارثة عادية.. حينما نرى حولنا براءة تغتال على أيدينا الملوثة بحياة اجتماعية مزيفة!! آخر كلام: الصدمة عنيفة.. حينما نتخلص من حالة التخدير لنر ما نرتكبه من جرائم.. ضد أنفسنا!!
نقلت من جريدة الوطن بقلم جاسم صفر
الروابط المفضلة